دعاء (24 عاماً)، لم تسعفها الكلمات كثيرا في التعبير عن مشاعرها تجاه تميز والدتها، إلا أنها قالت لـ"العربي الجديد"، إن لحظات التتويج "جعلتنا نعيش أكثر اللحظات فرحا وسعادة منذ طفولتنا التي حاولت أمي فيها أن تجعل من تربيتنا نموذجاً ينعكس على أجيال الطفولة الفلسطينية بالمدارس".
وتضيف دعاء: "أنفاس الجميع كانت محبوسة بانتظار الإعلان عن اسم الفائز، فقد كنا نشارك الجميع وسط مدينة رام الله هذه اللحظة، وبذات الوقت كنا على يقين أن والدتنا فازت في نموذجها بتجربتها في المدرسة، وبالتالي ستبقى فائزة بهذه المنهجية حتى إن لم تحصل على الجائزة، وهذا هو الحافز الذي جعل من أفراد الأسرة يشاركونها الهمة العالية التي عملت خلالها على مدار السنوات السابقة".
وأشارت إلى أن والدها كان له الدور الكبير في تقديم الدعم النفسي والمعنوي لوالدتها للاستمرار في هذه المنهجية التي أوجدتها.
ولم تكن المدرسة حنان الحروب تسعى إلى الجانب النظري في تقديم منهجيتها بتعليم الأطفال، كما تشير ابنتها دعاء، بل كانت تنفذ هذه الوسائل والأساليب على أبنائها في بداية المطاف لتتأكد من مناسبتها وملائمتها لتطبيقها على طلبتها بالمدرسة، هذا إلى جانب أنها كانت تحضر أبناءها للمشاركة في الدروس التي كانت تقدمها للتلاميذ بهدف الاستفادة من التجربة التي يعيشها طلبتها.
الطموح والهدف
لم نتمكن من التواصل مع المعلمة حنان الحروب، نتيجة سفرها لتسلم الجائزة، وذلك للحديث معها حول مشاعرها وطموحها لما بعد التتويج، إلا أن ابنتها دعاء، والتي كانت تواكب والدتها وتساعدها في مراحل تحضيرها لإعداد الوسائل التعليمية ومنهجيتها التي طبقتها في التعليم، حدثتنا عن طموح والدتها لما بعد الجائزة.
اقرأ أيضا: حكاية حنان.. المعلم رقم واحد بالعالم
تشير دعاء إلى أن والدتها وضعت أمامها ثلاثة أهداف تسعى إلى تحقيقها، ينطلق الأول من الدافع الإنساني الذي آمنت به، إذ ستخصص جزءا من قيمة الجائزة لمرضى السرطان في فلسطين.
أما الطموح الثاني، وهو مختص بمنهجيتها في التعليم، وتقول دعاء: "يقوم هذا الهدف على شقين؛ الأول هو تحويل منهجيتها من ممارسة عملية فقط إلى منهاج نظري يمكن أن يدرس كمساق في الجامعات لتمكين الخريجين من امتلاك المعرفة بالأساليب والوسائل التي يمكن استخدامها في العملية التعليمية. أما الشق الثاني؛ فهو للمدرسين القائمين على العملية التعليمية؛ حيث ستعمد إلى إنشاء مركز مختص لتطوير وتدريب المعلمين في فلسطين على طبيعة الوسائل الأفضل في تقديم المعلومة لطلبة المدارس خاصة في المراحل الأساسية".
أما الطموح الثالث الذي ستسعى لتحقيقه، وفقا لابنتها دعاء، فيتمثل في اعتماد منهجيتها داخل المدارس بشكل رسمي وترسيخها كأحد مبادئ التعليم في المدارس الفلسطينية، وخاصة القطاع الحكومي.
تعليم الذكور
وستخصص الحروب جزءا من جائزتها لدعم التعليم الجامعي للطلبة الذكور في الجامعات الفلسطينية، حيث تشير دعاء، إلى أن والدتها ومن خلال متابعتها لنسب التعليم الجامعي في فلسطين لاحظت تراجع نسبة التعليم الجامعي بين الذكور، مقابل تقدم في النسبة الخاصة بالإناث، وهذا مرده إلى طبيعة الظروف الحياتية التي يعيشها الشباب الفلسطيني، ولهذا السبب ستخصص من قيمة جائزتها لمساعدة الطلاب الذكور لإكمال تعليمهم الجامعي.
وتختم دعاء حديثها لـ"العربي الجديد" برسالة إلى عائلات المعلمين والمدرسين في فلسطين بالقول، إننا كنا كعائلة عامل دعم ومساندة لوالدتنا، فنحن 9 أبناء (5 ذكور، 3 إناث) تفهمنا طموح والدتنا الساعي لتحقيق علامة فارقة في التعليم الفلسطيني، وكنا لها عاملا مساعدا في كل مراحل عملها، وسنبقى كذلك، وهذا دليل على أهمية توفير البيئة لتحقيق التميز.
وتعتمد المعلمة الحروب في تدريسها على منهجية "الحد من العنف، و"نلعب ونتعلم"، التي استطاعت من خلالهما غرس قيم وأخلاق تربوية وأكاديمية في نفوس الطلاب.
وبالرغم من أنها مُدرسة في إحدى المدارس الحكومية، إلا أنها تميزت عن باقي زملائها من المدرسين والمدرسات، حيث حولت غرفة الصف الخاصة بطلبتها إلى ما يشبه لوحة متكاملة تتشكل ملامحها من وسائل وأساليب، ولوحات ورسومات، وقاعة تدريس تعج بالحركة والألوان التي تجعل الطفل يعيش الجو التعليمي بقالب مختلف عما تعكسه الصورة الذهنية التي ترتسم لدى الطفل قبل وصوله المدرسة.
واختيرت الحروب ضمن أفضل 50 مدرسا في العالم من بين أكثر من 8 آلاف دخلوا المنافسة على الجائزة، وبعد ذلك استمرت التقييمات حتى تم ترشيحها لتكون ضمن أفضل 10 مدرسين على مستوى العالم، وفي المرحلة النهائية للجائزة التي أعلن عنها في دبي الأحد 13-3-2016 حصدت لقب أفضل معلم في العالم.
اقرأ أيضا: فوز الفلسطينية حنان الحروب بجائزة أفضل معلم بالعالم