وعقد علي، أمس، ثاني مؤتمراته الصحافية منذ بدء حملته للترشح لانتخابات الرئاسة المقرر دستورياً أن تبدأ إجراءاتها قبل 8 فبراير/ شباط المقبل، وخصصه للإعلان عما وصفه بـ"ضمانات إجرائية لسلامة العملية الانتخابية وتحقيق ديمقراطيتها"، مندداً بالتشريعات المصرية القائمة حالياً والمنظمة للانتخابات الرئاسية، وعلى رأسها القانون الصادر أخيراً بشأن الهيئة الوطنية للانتخابات، فضلاً عن القانون الذي أجريت على أساسه انتخابات الرئاسة الماضية التي فاز فيها الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي بعد منافسة ضعيفة من القيادي الناصري حمدين صباحي.
قدم علي، خلال المؤتمر، قائمة بالضمانات إثباتاً لجدية إقدامه على الترشح، مع تأكيده أن مشاركته في المعركة الانتخابية لن تمنعه من استخدام حقه في الانسحاب والمقاطعة إذا استمر النظام في ممارساته للتضييق على المجال العام واعتقال مؤيديه والنشطاء في حملته أو إقامة العراقيل أمام جمعه استمارات الترشح. وأخذ علي في الاعتبار نصائح المقربين منه الذين كانوا يعارضون إقدامه على تلك الخطوة حتى لا يوصم بالتعاون مع الدولة وبما يضعه في الخانة نفسها مع حمدين صباحي، قياساً بمشاركة الأخير في انتخابات الرئاسة 2014 ضد السيسي ورفضه الانسحاب منها رغم مخالفة لجنة الانتخابات للقانون بمد التصويت ليوم ثالث وحصوله على نسبة تصويت أقل من نسبة الأصوات الباطلة.
وقالت مصادر سياسية إن علي ومساعديه يتواصلون حالياً مع عدد من النواب المستقلين لإقناعهم بتقديم تلك الضمانات، أو بعضها في صورة مشروع رسمي للتداول في مجلس النواب، كوسيلة ضغط على النظام الحاكم، ودفعه للتعامل بجدية مع الانتخابات المفترض إنجازها بموجب الدستور قبل منتصف العام المقبل.
وعلى رأس الضمانات التي وضعها خالد في شكل مشروع لتعديل قانون الانتخابات الرئاسية الذي صدر عام 2014 أن يتم إنهاء حالة الطوارئ المطبقة في مصر منذ 10 إبريل/ نيسان الماضي، بمجرد إعلان الهيئة الوطنية للانتخابات عن فتح باب الترشح للرئاسة، باعتبار أنه لا يمكن منطقياً ممارسة الدعاية الانتخابية بحرية في ظل تطبيق الطوارئ.
وأكد المشروع ضرورة تعيين القضاة وأعضاء الهيئات القضائية كرؤساء للجان العامة والفرعية للانتخابات، لنسخ المادة 19 من قانون الهيئة الوطنية للانتخابات التي تمهد لوقف الإشراف القضائي الكامل على الانتخابات الرئاسية، وتتيح إشراف الموظفين على لجان الاقتراع والفرز، إذ تنص على أن "يتولى إدارة الاقتراع والفرز في الاستفتاءات والانتخابات أعضاء تابعون للهيئة، يختارهم المجلس من العاملين المدنيين بالدولة أو غيرهم وفقاً للقواعد التي يضعها، وللمجلس أن يستعين في ذلك بأعضاء من الهيئات القضائية".
وشدد المشروع على ضرورة إدخال تعديلات واسعة على ضوابط الدعاية الانتخابية الحالية التي تحرم المرشحين ومؤيديهم من القيام بأي نوع من الدعاية منذ فتح باب الترشح، مروراً بمرحلة جمع التوكيلات وتقديمها حتى إعلان القائمة النهائية للمرشحين، رغم أن جمع التأييدات الشعبية لن يتحقق مع الحرمان من الدعاية الانتخابية. ويتطلب هذا الأمر أن تبدأ الحملة الانتخابية منذ الإعلان عن فتح باب الترشح، وحتى قبل يومين من يوم الاقتراع، وأن يكفل القانون للمرشح ومؤيديه ممارسة جميع الأنشطة الدعائية التي تستهدف إقناع الناخبين بتأييده عن طريق الاجتماعات الخاصة والعامة والمؤتمرات والحوارات وتوزيع الدعاية، وذلك كله دون التقيد بالاشتراطات المنصوص عليها في قانوني التجمهر والتظاهر، ما يعني إضفاء حماية قانونية على الأنشطة الدعائية للمرشحين. مع العلم أن قانوني التظاهر والتجمهر يمكنان السلطة التنفيذية من اتخاذ إجراءات قضائية ضد منظمي الاجتماعات العامة طالما لم يبلغوا الشرطة بذلك.
كما أوضح المشروع أن عدالة الدعاية الانتخابية تتطلب إلزام وسائل الإعلام المملوكة للدولة أو التي تساهم فيها بتحقيق المساواة بين المرشحين في استخدامها للدعاية الانتخابية، وكذلك حظر إنفاق المال العام أياً كانت صورته لدعم وتأييد أي مرشح. ويضاف إلى ذلك عدم استغلال شركات القطاع العام وقطاع الأعمال العام والشركات والمؤسسات المملوكة للدولة ملكية خاصة، أو أي من الأشخاص الاعتباريين الذين تساهم الدولة بنسبة في رأس مالهم.
وطالبت حملة خالد علي في المشروع أيضاً، بأن تلتزم الهيئة الوطنية إلى جانب مجلس النواب بتمكين راغبي الترشح من الحضور للبرلمان وعقد لقاءات مع الأعضاء داخله خلال مرحلة جمع التزكيات. مع العلم أن القانون يتطلب جمع 20 تزكية من النواب أو توكيلات من 25 ألف مواطن لهم حق الانتخاب. وفي هذا الشأن أعربت الحملة عن مخاوفها من منع المواطنين من تحرير التوكيلات لخالد علي، فوضعت في مشروعها لتعديل القانون مادة تعاقب بالغرامة من 5 آلاف إلى 20 ألف جنيه كل موظف امتنع بدون وجه حق عن تمكين أحد المواطنين أو النواب من تزكية أو تأييد أي مرشح، على أن تتاح فترة 45 يوماً لجمع التوكيلات.
وترى الحملة أن الصياغة الحالية لقانوني الانتخابات الرئاسية والهيئة الوطنية للانتخابات تمنع المواطنين من الحق في الطعن على النتيجة النهائية للاقتراع، ولذلك تطالب بإضافة مادة تتيح لـ"كل من ذوي الشأن" الطعن على النتيجة النهائية للانتخابات خلال 48 ساعة من تاريخ إعلانها، أمام المحكمة الإدارية العليا التي ستفصل في الطعون بحكم بات، غير قابل للطعن، خلال 10 أيام من تاريخ قيد الطعن.
كما يطالب خالد علي بالسماح للناخبين المتواجدين في محافظات غير التي ينتمون إليها بالتصويت في لجان خاصة بهم لضمان مشاركة جميع المواطنين في العملية الانتخابية، على أن يجرى الاقتراع على يومين فقط، كما كان الحال في انتخابات 2012. ما يعني عدم ترك مدة التصويت لتقدير الهيئة الوطنية للانتخابات لتمدها لأكثر من يومين كما حدث في 2014.
ولم تقتصر التعديلات المقترحة من خالد علي على إجراءات الانتخابات حال خوضها، بل نادى أيضاً بتعديل نظام الانتخابات في حالة ترشح شخص واحد للرئاسة، بعد تنازل أو استبعاد أو وفاة باقي المتنافسين، وذلك بزيادة نسبة التصويت المطلوبة لصالح المرشح الوحيد من 5% من إجمالي عدد الناخبين المقيدة أسماؤهم بقاعدة بيانات الناخبين، إلى 15%، وهو ما يعني تصعيب شرط فوز المرشح الوحيد.
يذكر أن محاكمة خالد علي بارتكاب فعل فاضح في الطريق العام، بالتلويح بإشارة بيده في مواجهة قوات الأمن، مؤجلة لجلسة 3 يناير/ كانون الثاني المقبل، أمام محكمة الجنح المستأنفة. ويتمسك النظام بالقضية كورقة ضغط على خالد علي، إذ إن صدور حكم نهائي بحبسه سيمنعه من خوض الانتخابات وسيدفعه لخوض جولة قضائية جديدة لإلغاء الحكم أمام محكمة النقض. أما صدور حكم نهائي بتغريمه فسوف يضعه في مواجهة الهيئة الوطنية للانتخابات التي من حقها بموجب القانون الفصل في مدى إمكانية ترشحه أو استبعاده ليلجأ خالد علي مرة أخرى للقضاء لإلغاء ذلك القرار المحتمل.