يعاني نحو 100 ألف مدني سوري يعيشون في مدينة الرستن المحاصرة من شح الخدمات الطبية المتوفرة في مدينتهم، والإصابة بالأمراض التي يعجزون عن تأمين أدويتها، وآخرها داء الكلب الذي سجل 5 إصابات بين البشر خلال عدة أيام، وعشرات الإصابات بين الحيوانات.
يقول يعرب الدالي، وهو ناشط إعلامي من الرستن، "بعد القصف تتناثر أشلاء الضحايا بين الركام، ولا يستطيع الدفاع المدني جمعها من الأماكن البعيدة، والكثير من الكلاب الموجودة في المنطقة والمصابة بداء الكلب باتت تتغذى على هذه القطع".
ويوضح الدالي لـ"العربي الجديد"، اليوم السبت، أن "هجمات الكلاب المصابة على الناس زادت أخيراً، ما تسبب بإصابة عدد من السكان بهذا الداء"، لافتاً إلى "ظهور أعراض المرض لدى خمس حالات، منها الهيجان والخمول العصبي، ولا يوجد في الرستن المصل المضاد لهذا الداء، ما يهدد حياة المصابين بالموت".
ويضيف "أصدر المخفر الثوري قراراً بقتل الحيوانات المصابة بالمرض، وجرى أمس قتل عجل اكتشفت إصابته بالداء، ثم أحرق ودفن حتى لا يتسبب بانتشار العدوى، والمشكلة أن أعداد الكلاب كبيرة كون المنطقة زراعية".
وتنحصر الخدمات الطبية المتوفرة في الرستن بمشفى ميداني وحيد، لا يقدم إلا الإسعافات الأولية، ويستقبل الجروح والإصابات من الدرجة الأولى فقط. في حين يعجز عن التعامل مع حالات إصابات الصدر أو الرأس أو الأذيات الوعائية أو العصبية، وتلك التي تحتاج لجراحات دقيقة أو تصوير شعاعي، لعدم وجود المعدات والإمكانيات، ولهذا السبب تبتر أطراف الكثيرين مع تعذر علاجها.
ولا تسمح قوات النظام بدخول أي نوع من أنواع الأدوية في القوافل الإغاثية، ولا يحصل الكثير من المرضى الذين يعانون من الأمراض المزمنة على الأدوية اللازمة. كما لا يحصل مرضى السرطان على الجرعات الكيميائية اللازمة لعلاجهم.
ويقول الدالي: "يحصل القلة ممن يملكون المال على أدوية مهربة من الحواجز بمبالغ كبيرة جداً، ويصل سعر جرعة العلاج الكيماوي إلى نحو 50 دولاراً تقريباً، مع العلم أن المريض يحتاج إلى جرعتين أو ثلاث في الشهر".
إضافة إلى انعدام الأدوية يعاني سكان الرستن من أزمة شح المياه والخبز. يوضح رئيس المجلس المحلي في الرستن فيصل العزو لـ"العربي الجديد" أن "السبب الأساسي في انخفاض إنتاج الخبز يعود لانعدام أي دعم مادي لعملية الإنتاج، فالمجلس المحلي لا يملك الإمكانيات المادية الكافية، وتصل تكلفة إنتاج الخبز في الرستن في اليوم الواحد لـ 16 ألف دولار".
وعن معاناة السكان من انقطاع المياه لأوقات طويلة جداً، على الرغم من وجود عدد كاف آبار المياه، يوضح العزو "يحتاج ضخ المياه إلى المنازل لنحو 40 ليتراً من المازوت في الساعة الواحدة، وتكلفتها تفوق قدرة المجلس على شرائها، تنفذ إحدى الجمعيات مشروعاً لفترة محدودة لضخ المياه لكن هذا الحل لفترة محدودة فقط".
ويعيش سكان الرستن المحاصرة منذ عام 2013 تحت خطر القصف اليومي من الطائرات الروسية والسورية والمدفعية. يقول يعرب الدالي: "شن الطيران الحربي السوري أمس 6 غارات في الصباح، ثم شن الطيران الروسي غارات في الليل بقنابل النابالم والفوسفور والقنابل المشتعلة".
يذكر أن قوات النظام السوري، عرقلت، أخيراً، دخول قافلة مساعدات إنسانية محملة بالطحين والمواد الغذائية إلى الرستن. ويشير الدالي إلى "منع حواجز النظام القافلة من العبور حتى ساعات العصر، ثم شن غارات مكثفة على المدينة، فتراجعت الأمم المتحدة عن إدخالها بسبب الخطر خوفاً من تكرار مجزرة أورم في ريف إدلب، واستهداف القافلات الإنسانية مرة أخرى".