داعش ... الخدعة العظيمة

06 يوليو 2014
+ الخط -


أبو مصعب الزرقاوي، شاب أردني معدم الحال، بدأ حياته في حي الغويرية الفقير في محافظة الزرقاء الأردنية، كان في بداية شبابه محسوباً على بلطجية الحي، حتى تاب والتزم المسجد، واتخذ الصورة الأكثر تطرفاً في الإسلام نهجاً لحياته، هي "السلفية الجهادية التكفيرية".

نتيجة حتمية لتبني هذا الفكر، هاجر الزرقاوي في العام 1990، إلى أفغانستان، والتحق بصفوف تنظيم القاعدة هناك، وظل معه حتى الغزو الأميركي لكابول في 2001، ليفرّ بعدها إلى إيران، ويستقر فيها.

في 2002، رفضت إيران طلباً أردنياَ بتسليم الزرقاوي، وبعد غزو بغداد في 2003، انتقل إلى العراق، معلناً تأسيس قاعدة الجهاد في العراق، فرعاً من تنظيم القاعدة العالمي، وباشر التنظيم عملياته.

اتسمت عمليات الزرقاوي بالشدة والتركيز، وكانت تستهدف المدنيين العراقيين في الغالب، وكانت العمليات ذات صبغة سياسية، بعيدة عن الفعل الثوري المقاوم، فالرجل كان يستهدف الحسينيات والأسواق الشعبية الشيعية، والشخصيات العراقية، أكثر من استهدافه الأميركيين!

في 2006، أعلن الأميركيون عن مقتل الزرقاوي نتيجة قيامهم بعملية استخبارية معقدة، وعرضوا فيديو لجثته، وصدر بيان رسمي من التنظيم ينعى فيه القائد المغدور. في البيان نفسه، عيّن التنظيم أبو حمزة المهاجر ليحل محل الزرقاوي، وقُتل المهاجر بعد برهة، فأعلن التنظيم قائداً جديداً هو أبو بكر البغدادي، والأخير أسس تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق"، وبعد دخوله سورية، صار تنظيمه يسمى "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، وسخر منه الثوار السوريون في البداية، وقزّموا اسم تنظيمه وأصبح "داعش".

اليوم؛ لا معلومات لدينا عن البغدادي، وكل ما نملكه، كباحثين، مجرد صورة ضوئية سربتها صحيفة عراقية تابعة لنوري المالكي، ذكرت أن البغدادي بعثي سابق، تحول إلى الفكر السلفي التكفيري، وبطبيعة الحال، لا يمكن التأكد من صحة هذه المعلومات، وهنا يكون السؤال؛ هل البغدادي شخصية حقيقية، أم شخصية استخبارية تشبه شخصية جمال زيتوني الجزائري؟
لا توجد أي معلومات حقيقية مؤكدة عن الرجل، أو وزرائه أو مصادر تمويله، وعندما نبحث عن هذا الرجل وتنظيمه، علينا أن نتبع القاعدة: "في غياب المعلومات، نلجأ إلى التحليلات".

ابتداءً؛ ماذا يحتاج بناء تنظيم مثل "داعش"؟ يحتاج رجلاً كاريزمياً، يطلق لحيته، ويمضغ السواك، ويلتصق بالمسجد، ويجمع حوله المراهقين، والمحبطين، والعاطلين عن العمل، والمفصولين عن الواقع، والكارهين للحياة، والفاهمين الدين بصورة خاطئة، ومع قليل من الأموال، في البداية، وتسهيل عمليات وصول السلاح إلى هذه المجموعة، تجد نفسك أمام تنظيم إسلامي مقاتل، مكتمل الأركان والتوصيف! توجهه بالطريقة التي تريد!

في عام 2004، برز الشاب محمود غول أغاصي، وهو خطيب مسجد في حلب، فتحت له وزارة الأوقاف السورية المنابر، كانت خطبه نارية، تدعو إلى الجهاد علناً في العراق، وتطوّع على يده ألوف المراهقين، كان يدربهم على السلاح، تحت نظر المخابرات السورية، وظل على هذا النحو، حتى تم قتله بطريقة مريبة بعد عامين! وهنا نطرح سؤالاً استطرادياً؛ هل ينطبق ذلك على داعش؟، هل يمكن أن تكون ذراعاً استخبارياً؟

بعد تحليل ومتابعة دامت سنوات، يمكن القول إن "داعش" فرع من فروع المخابرات الإيرانية، مهمته القيام بالعمليات القذرة، الهادفة إلى تحقيق مصالح إيران في العراق والمنطقة والعالم.

لا نقول هذا الكلام كرهاً بإيران، لكن إيران تملك خبرة طويلة في هذا المجال، أيضاً إذا ما عدنا إلى بدايات التنظيم في العراق، وعلى الرغم من كل العداء المزعوم للشيعة، فإنه لم يهاجم مصالح إيران أبداً، لا في الداخل الإيراني ولا في العراق، مع إنها مهمة يسيرة عليه.

ربما يتساءل بعضهم: كيف يدعم الإيرانيون تنظيماً يعاديهم، ألم يقل الزعيم الصهيوني، ديفيد بن غوريون، مرة: "اضرب بعضاً منك، كي يتسنى لك الدفاع عن البعض المتبقي".

كانت داعش تضرب الحسينيات، وظاهر العملية العداء للشيعة، وباطنها تدعيم عملية الاستقطاب الشعبي الشيعي حول إيران، تخيل نفسك شيعياً عراقياً وتكره إيران، ولكنك كل يوم تتعرض للتفجيرات، مؤكد أنك ستشعر بالضعف وتلجأ إلى قوة تحميك، ولن تجد كشيعي في الظرف العراقي، وغياب الدولة العراقية، سوى إيران أمامك.

إذن؛ على وقع الأحداث العظيمة الجارية في العراق، يُخشى أن تكون داعش الخدعة العظيمة التي ستدمر بلادنا.

0318F4A2-63C4-46B1-A66F-EAAA865E79DE
0318F4A2-63C4-46B1-A66F-EAAA865E79DE
إبراهيم الزايد (سورية)
إبراهيم الزايد (سورية)