دراسة إعادة هيكلة المصارف اللبنانية تُقلق المودعين

18 يوليو 2020
تحرك أمام مصرف لبنان (أنور عمرو/ فرانس برس)
+ الخط -

أصدر حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة مذكرة إدارية وقّعت بتاريخ 15 يوليو/تموز الجاري تفيد بإنشاء لجنة خاصة تسمى "لجنة إعادة هيكلة المصارف"، وتقوم مهامها على دراسة هيكلة المصارف اللبنانية، واقتراح التعديلات الضرورية على الضوابط الاحترازية لعملها، والتدقيق بالأداء المالي للقطاع واقتراح الخطوات اللازمة للحفاظ على سلامته.

إلا أن هذه الخطوة، أثارت مخاوف اللبنانيين على مصير ودائعهم المحتجزة في البنوك من دون أي سند قانوني أو دستوري، خاصة أصحاب الودائع الصغيرة والمتوسطة.

فيما أعلن عدد من المسؤولين السياسيين والماليين عن تهريب مليارات الدولارات التي تعود إلى كبار المودعين منذ مطلع العام الماضي. ويقول كبير الاقتصاديين في مجموعة بنك بيبلوس الدكتور نسيب غبريل لـ"العربي الجديد"، إنّ مهام اللجنة واضحة وتتمثل في الإشراف على هيكلة القطاع المصرفي.

والمعني الأساسي بإعادة هيكلة القطاع المصرفي هو البنك المركزي الذي يشرف على عملية من هذا النوع، بالإضافة إلى المصارف التجارية. ويلفت إلى أنه يجب ترك القطاع يعيد هيكلة نفسه وذلك لمصلحة الاقتصاد اللبناني، باعتبار أنّ تدخّل جهات أخرى بالموضوع من شأنه أن يؤثر سلباً على الثقة ويضرّ بصورة البلد وهويته الاقتصادية.

ويضيف غبريل: "نحن نعلم أنّ القطاع المصرفي ونتيجة الضغوط الاقتصادية وأزمة السيولة إلى جانب عوامل عدّة قد يتجه إلى إعادة الهيكلة، لكن العملية لا تُفرَض من فوق، أي كما كان يوحي مضمون برنامج الحكومة بذلك، إذ إن ضغوطات الأسواق والمنافسة بين المصارف والعوامل المصرفية والمالية والنقدية هي التي تقرّر وتشكل ضغطاً على المصارف من أجل سلك طريق التملّك أو الدمج، والقرار يعود بالنتيجة إلى مجالس إدارة البنوك من خلال تصويت الجمعية العمومية التابعة لكل مصرف".

ويشير غبريل إلى أنه في أوائل التسعينيات بعد انتهاء الحرب اللبنانية (1975-1990) كان هناك 82 مصرفاً والبنك المركزي أشرف على عمليات دمج وتملّك وسحب الرخص تدريجياً، إضافة إلى تقوية رساميل المصارف. واليوم أصبح عدد المصارف التجارية في لبنان 47، علماً أنّ مسألة التملك أو الدمج لا يتم اللجوء إليها فقط في الأزمات بل أيضاً في الأوضاع الطبيعية، خلال النمو الاقتصادي والاستقرار والثقة، وحصل ذلك سواء في لبنان أو بلدان أخرى.

ويلفت غبريل إلى أن "مسألة إعادة هيكلة المصارف تحتاج إلى وقتٍ ومسارات يجب أن نمرّ بها، لكن الدمج ليس بجديد على لبنان، وضغوطات الأزمة الاقتصادية الراهنة لم تؤثر فقط على المصارف بل طاولت غالبية القطاعات التي شملها أو قد تتجه إلى إعادة الهيكلة والدمج، بيد أن الأضواء مسلّطة أكثر على المصارف باعتبار أنّ المودعين يريدون معرفة مصير ودائعهم نتيجة إعادة الهيكلة من دمج وتملّك".

وفي هذا السياق، يؤكد غبريل أن الدمج لا يعرّض الودائع للخطر والتجارب الماضية لم تسجّل خسارة أحدٍ لودائعه في القطاع المصرفي يوم تمّ اللجوء إلى الدمج والتملك، لكن الأزمة الحالية أدت إلى إجراءات اضطرت المصارف لاعتمادها في ظلّ غياب الإصلاحات من قبل الحكومة وتراجع الثقة وغيرهما من العوامل التي يعود القرار فيها إلى الدولة لا المصارف.

من جهته، يقول الخبير الاقتصادي والمالي وليد أبو سليمان لـ"العربي الجديد" إن خطوة إعادة هيكلة المصارف جيّدة، لكن العبرة تبقى في التنفيذ، وخصوصاً أنّ المصارف لم تمتثل سابقاً للقرارات أو المذكرات التي تصدر عن المصرف المركزي، منها رفع الرساميل. ويشير إلى أنّ عملية الدمج ستشمل المصارف المتعثرة مع أخرى غير متعثرة تبعاً للدراسات التي يقوم بها كلّ مصرف، علماً أن أهم خطوة تكمُن في إعادة الرسملة، لأن المصارف لا تلتزم بالمعايير الدولية، ما يؤثر على التعامل بينها وبين المصارف المراسلة.

ويضيف أبو سليمان: "هناك تقريباً 80 مليار دولار شهادات إيداع من المصارف ومكشوفة على البنك المركزي والدين السيادي، والدولة سبق أن تعثرت في سداد سندات اليوروبوند، وهي مكشوفة على القروض التي منحتها للقطاعات الاقتصادية والأسر، ما جعل التعثر مرتفعاً". ويلفت إلى أن خطة الحكومة حددت نسبة التعثر بثلاثين في المائة على القروض، في حين تراوحت وفق لجنة الرقابة في المصارف بين 14 إلى 15 في المائة. ويعتبر أبو سليمان أن الوضع يزداد سوءاً والقروض المتعثرة تتصاعد، ومن هذا المنطلق تجب إعادة النظر بوضع البنوك ومطالبتها بإعادة الرسملة.

المساهمون