ما زال اللاجئ الأفغاني في باكستان دسته غل يحلم بالعودة إلى بلاده. يدرك أن ذلك لن يتحقق، إلا أنه سيظل يحلم.
كان عمره 15 عاماً حين جاء إلى باكستان. حالياً، بات دسته غل في الستين من عمره، وقد تزوج أصغر أبنائه. ما زال يعيش في باكستان، وإن كان يرغب في الرجوع إلى بلاده كلّ عام. إلا أن الأوضاع الأمنية من جهة، وإصرار أفراد أسرته على البقاء في باكستان، يحولان دون عودته إلى بلاده.
تنقل غل (60 عاماً) بين مخيمات مختلفة قرب الحدود الأفغانية الباكستانية، بعدما جاء إلى باكستان عبر طرقات وعرة وسط الجبال في منطقة باره تشنار المشهورة في شمال غرب البلاد قرب الحدود الأفغانية. بداية، سكن في مخيم للاجئين في منطقة هريبور شمال غرب البلاد، قبل أن ينتقل إلى مخيم أزاخيل في المنطقة نفسها بحثاً عن الرزق. يقول: "حين جئنا إلى باكستان، كنت شاباً وكان عمري آنذاك 15 عاماً. عشت مدللاً في قريتي، وكانت أسرتي تملك أراضي شاسعة في شمال أفغانستان، وبالتالي كل شيء كان متوفراً. وحين جئنا إلى باكستان، لم أتصوّر أننا قد نواجه معاناة كهذه، إذ كان لدينا همٌّ واحد هو التخلص من ويلات الحرب والقتل والدمار.
يضيف: "عشنا في مخيم للاجئين في منطقة هريبور، وكان الأمر مليئاً بالصعوبات والمشاكل. كنّا نعيش في خيم ونبحث عن لقمة العيش. لذلك، تركنا ذلك المكان وذهبنا إلى مخيم أزاخيل. عشنا سنوات عدة قبل أن ننتقل إلى مدينة راولبندي، وتحديداً إلى مخيم للاجئين يعرف بكتشي أبادي".
أمضى غل ثلاثة عقود من عمره في الاتجار في الفاكهة والخضار أينما حلّ في المدن الباكستانية المختلفة. ولمّا جاء إلى مدينة راولبندي، تزوج وصار يعمل في أحد المحال التجارية، وكان صاحب المحل يتعبه ويوبخه كثيراً. لذلك، ترك المحل وكان فيه خير كثير، كما يقول، وقرر العمل لوحده من دون الحاجة إلى أحد.
بدأ يعمل في سوق للخضار، يشتري في الصباح الباكر الفاكهة والخضار حين يجلبها التجار من المناطق البعيدة، ثم يبيعها للتجار المحليين، وهذا ما يفعله جل اللاجئين الأفغان القاطنين في مدينة راولبندي المجاورة للعاصمة الباكستانية إسلام أباد. إلا أنه لم يتمكن من ادخار المال، وأنفق كل شيء على أهله وأولاده. يقول غل إن المشكلة الرئيسية التي واجهته في حياته هي عدم ادخاره شيئاً للمستقبل "ليتني ادخرت شيئاً لمستقبلي لأنه لا طاقة لي على العمل".
وبعدما دمرت السلطات الباكستانية المخيم المشهور للاجئين في ضواحي إسلام أباد كتشي أبادي، خصصت السلطات بالتنسيق مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مكاناً آخر لمخيم جديد بين راولبندي وإسلام أباد. إلا أن الناس يواجهون صعوبات تتعلق بتأمين مياه نظيفة للشرب وتعليم الأطفال، خصوصاً أنه يمنع على الأفغان الدراسة في المدارس الحكومية. بالتالي، لم يبق أمامهم خيار سوى إرسال أطفالهم إلى المساجد ليتعلموا القرآن فقط.