تحولت العاصمة السورية دمشق إلى مدينة تغص بالفقراء، خاصة في الأحياء الشعبية والعشوائية، وسط الفساد المستشري في نظام بشار الأسد، بعد أن أصبح قانون قيصر شماعة يعلق عليها النظام أسباب تردي الواقع المعيشي والفقر.
وفي المقابل تتوفر كل سبل الرفاهية من سلع رئيسية وخدمات للمقربين من النظام والشخصيات المتنفذة فيه، الذين يدعون بدورهم المواطنين الباحثين عن لقمة العيش للصمود مرددين أسطوانة المؤامرة، حسب ما قاله مواطنون لـ"العربي الجديد".
المواطن سليم أبو عزام، 45 عاما، تحدث من العاصمة دمشق لـ"العربي الجديد" عن معاناته في الحصول على المواد التموينية في دمشق.
وقال: "نقف بالساعات على طوابير المؤسسات الاستهلاكية لنوفر في سعر السكر، الذي يبلغ 1500 ليرة (0.6 دولار) في السوق للكيلو الواحد. نعاني كثيرا ونحاول توفير أي مبلغ حتى ولو كان زهيدا، وننتظر بالساعات أحيانا لتوفير 50 أو 100 ليرة سورية (0.02 - 0.04 دولار) بسبب ضعف الدخول وظروفنا الصعبة".
المواطنة ابتسام التي تعمل مدرسة وتقيم في حي الزاهرة بمدينة دمشق تحدثت عن الواقع الصعب الذي تعيشه حاليا مع عائلتها. وقالت لـ"العربي الجديد": الغلاء وصل لكل شيء، وعلينا أن نجري عملية حسابية يومية معقّدة لاختيار الطعام الذي يجب طهوه أو المواد الواجب شراؤها والتي تناسب قدرتنا الشرائية الضعيفة.
وأضافت ابتسام: اليوم على الأقل تحتاج العائلة السورية نحو 400 ألف ليرة سورية (160 دولار) شهريا لشراء المواد الأساسية فقط، وهذا المبلغ لا يتوفر سوى أقل من ربعه لدى الكثير من العوائل في العاصمة دمشق.
وحسب مراقبين، يسعى النظام السوري إلى التلاعب بالمواطن عبر الوعود البراقة والتصريحات الإعلامية المطمئنة من أجل امتصاص احتقان الشارع بسبب تدهور الأوضاع المعيشية والغلاء الفاحش لمختلف السلع الضرورية.
مصدر مطلع في العاصمة دمشق أوضح لـ"العربي الجديد" أن: "النظام يخدعنا، فمدير المؤسسة السورية للتجارة أحمد نجم، أعلن عن رفع سعر كيلو السكر من 300 (0.12 دولار) لـ 800 ليرة (0.32 دولار)، وكيلو الأرز من 400 ليرة سورية (0.16 دولار) ليبلغ 900 ليرة (0.36 دولار)، ليعلن بعدها وزير التجارة طلال البرازي، أنه تم إجراء عدة اجتماعات ولقاءات مكوكية ومباحثات لتخفيض سعر كيلو السكر، ليبلغ 600 ليرة (0.24 دولار)، وكيلو الأرز 700 ليرة (0.28 دولار).
وأضاف المصدر: "اعتبر المسؤولون أن هذا الأمر مكرمة من الحكومة، في حين هي خديعة للمواطن من قبل هذه الشخصيات، والهدف الأساسي منها هو رفع الأسعار وتضييق الخناق على الفقراء".
وتابع: "الأهالي هنا يتجمعون أمام المؤسسات الاستهلاكية التابعة للمؤسسة العامة للتجارة للحصول على حصصهم من السكر بحسب عدد الأفراد، حيث تقدر حصة الفرد الواحد كيلو غرام شهريا، بينما تبلغ حصة العائلة 4 كيلوغرامات كحد أعلى، حتى لو تجاوز عدد أفرادها الأربعة أشخاص".
ولفت المصدر، الذي رفض ذكر اسمه، إلى أن الوضع سيئ بكل المقاييس في الوقت الحالي، فالخبز يوزع في دمشق عبر البطاقة الذكية، الأمر الذي زاد من مشاكل الحصول عليه، بينما في باقي المحافظات تم تخفيضه بنسبة 20 في المائة تقريبا، وهذا الأمر تسبب بازدحام كبير.
وتابع: "تبدأ طوابير المواطنين للحصول على الخبز بالتجمع على أفران مدينة دمشق منذ بدء عملها في ساعات الصباح الأولى، حتى إغلاقها، كما تم رفع سعره عن طريق المعتمدين، فسعر الربطة المقدر من قبل النظام بـ50 ليرة سورية (0.02 دولار) يباع عند المعتمد بـ65 ليرة (0.026 دولار)، بينما تباع في السوق بمائة ليرة، وفي حال تم تغليفها بكيس من النايلون، يصل سعرها لمائتي ليرة سورية (0.08 دولار) وهذا المبلغ يساوي أضعاف سعرها الرسمي".
وسبق أن ألغت وزارة التجارة الداخلية دعم مواد تموينية عن طريق البطاقة الذكية، ومنها الزيت النباتي الذي يصل سعره في السوق لنحو 4000 آلاف ليرة سورية (1.6 دولار) بعد أن كان سعر اللتر الواحد يقدر بنحو 750 ليرة (0.3 دولار) قبل ثلاثة أشهر. كما ألغت الوزارة دعم الشاي، الذي يتراوح سعر الكيلو غرام الواحد منه حاليا في دمشق ما بين 15 و20 ألف ليرة (6 - 8 دولارات) بحسب النوعية، الأمر الذي يكلف المواطنين هنا أعباء إضافية.
وحسب المصدر: "يعتمد الكثير من أهالي مدينة دمشق على الأموال المرسلة من المغتربين، وإلا سيعيشون على الخبز أو بعض المواد والوضع جدا سيئ.
وتعاني دمشق حاليا من أزمة غاز طهو، فكل شهرين يتم توزيع جرة غاز فقط، وهي بالأساس تكفي ما بين 20 و25 يوما فقط، وهناك تخفيض وزن غير معلن لها، وكثير من عائلات تنتظر ثلاثة أشهر للحصول على أسطوانة غاز الطهو في الوقت الحالي". وما زاد من معاناة السوريين تدهور الليرة مقابل الدولار الأميركي ولا سيما بعد بدء تطبيق قانون قيصر الأميركي.
ويعتبر الواقع المعيشي في مدينة دمشق الأسوأ من نوعه بين المحافظات السورية التي تقع تحت سيطرة الأسد، نظرا لحالة الفساد المتفاقمة وعمليات التضييق التي يمارسها النظام على المواطنين بشكل مستمر.