أدّت عقود من الدعم إلى إسراف في استخدام النفط والغاز في السعودية ودول الخليج النفطية الأخرى، التي تحاول الآن تصحيح أوضاعها، لكن المهمّة لا تبدو سهلة على الإطلاق، وفقاً لتقرير أعدّه جاستين فوكس لوكالة "بلومبيرغ" الأميركية.
فقد احتلت السعودية المرتبة الخامسة عالمياً بين أكثر الاقتصادات استهلاكاً للنفط يومياً، وكانت تستخدم 3.92 ملايين برميل يومياً، مسبوقةً باليابان التي استهلكت 3.99 ملايين، والهند 4.69 ملايين، والصين 12.8 مليوناً، والولايات المتحدة 19.88 مليون برميل يومياً، بحسب بيانات شركة "بريتيش بتروليوم" BP البريطانية.
في المقابل، استهلكت روسيا في العام ذاته 3.22 ملايين برميل يومياً، والبرازيل 3.02 ملايين، وكوريا الجنوبية 2.8 مليون، وألمانيا 2.45 مليون، وكندا 2.43 مليون.
واستناداً إلى كتاب بعنوان "ممالك الطاقة: النفط والبقاء السياسي في الخليج" لمؤلفه جيم كراين، تشير "بلومبيرغ" إلى أن عدد سكان السعودية يبلغ 33 مليون نسمة، أي أقل من ربع عدد سكان روسيا، ومع ذلك فإن الأخيرة تأتي خلف السعودية مباشرة في استهلاك البترول.
ومع أن المملكة غنية، إلا أن ناتجها المحلي الإجمالي يأتي قريباً من المركز الـ20 على مستوى العالم، وليس في المركز الخامس. ومن خلال المعايير العالمية، فإن السعودية تستهلك بوضوح كمية مفرطة من النفط.
وبعد عقود من الرفاه الاقتصادي والمعيشي، تلاحظ الوكالة تغيراً يحصل في الآونة الأخيرة في دول الخليج، حيث فرضت السعودية والإمارات ضريبة 5% على السلع والخدمات العام الماضي، وانضمت البحرين إليهما هذا العام، فيما تدرس جميع دول الخليج الأخرى إجراءات مماثلة.
ويلاحظ الكاتب أن دولة قطر تستهلك من الطاقة لكل فرد نحو 5 أضعاف ما تستهلكه ألمانيا. كذلك، فإن معدل استهلاك الفرد من الطاقة في الولايات المتحدة يعادل مثيله في السعودية، لكن استخدام الأميركيين للطاقة لا يرتفع، على الأقل، ويساعد في تعزيز الاقتصاد الذي يحافظ على زيادة كفاءة استخدام الطاقة، بمعنى أن استخدام الطاقة لكل دولار من الناتج المحلي الإجمالي قد انخفض على مدى عقود، وهو مستمر في ذلك، في حين أن الأمر ذاته ليس صحيحاً بالنسبة للسعودية وجيرانها.
وأحد أسباب هذه الظاهرة هو أن المقيمين في دول الخليج يستخدمون كميات هائلة من الطاقة لمجرّد البقاء مرتاحين، لا سيما بالاستخدام الواسع النطاق لمكيّفات الهواء.
فالكويت تحتل صدارة دول العالم في متوسّط استهلاك الكهرباء المنزلية، وفقاً لبيانات "مجلس الطاقة العالمي" WEC، تليها قطر والسعودية والإمارات والنرويج والولايات المتحدة وكندا وفنلندا والسويد ونيوزيلندا.
صحيح أن الطقس حارّ في دول الخليج، لكن كراين وجد أن سكان أريزونا الحارة مثلها، يستخدمون تقريباً نصف كمية الكهرباء التي يستهلكها المواطنون الأجانب في أبوظبي، وهي الأكبر في الإمارات، وكما يستخدمون خُمس ما يستهلكه مواطنو هذه الإمارة.
وليس من قبيل الصدفة، برأيه، أن يدفع سكان أريزونا ضعف سعر الكهرباء الذي يدفعه المغتربون في أبوظبي، و7 أضعاف ما يدفعه مواطنوها.
ومن العواقب المترتبة على الكهرباء الرخيصة في منطقة الخليج، أن المساكن لا تتمتع بكفاءة استهلاك الطاقة، وكذلك أسلوب الحياة المفرط في استخدامها.
كما تُعتبر عملية تحلية المياه من عوامل الاستهلاك الكبير للكهرباء، وهو أمر يبدو أن تجنّبه غير ممكن، ويتم توفير الدعم القوي له، مع تأمين المياه مجاناً للمواطنين.