انتهت معركة الرئاسة الأفغانية بعد خمسة أشهر مضنية، مرّت بها كابول بخضّات أمنية وسياسية شتّى، قبل أن تُفضي في نهايتها إلى فوز أشرف غني أحمد زاي، برئاسة البلاد خلفاً لحامد قرضاي، بحسب النتيجة النهائية للانتخابات الرئاسية الأفغانية، وبعد الاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية، مع خصم زاي في الانتخابات الرئاسية، عبدالله عبدالله. وسيؤدي زاي، اليمين الدستورية في 29 سبتمبر/أيلول كالرئيس الـ13 في تاريخ البلاد.
وسيحاول زاي، استخدام خبرته السياسية والاقتصادية لتساعده في إخراج أفغانستان من المأزق السياسي والأمني والاقتصادي. ويبقى أمامه تحدٍ للإيفاء بوعوده التي حملها على عاتقه أثناء حملته الانتخابية، لا سيما وأن الأمور اتخذت منحىً جديداً بعد توقيعه الاتفاقية مع عبدالله، بشأن حكومة وحدة وطنية وتقاسم السلطة.
ولد الرئيس الأفغاني الجديد، في منزل شاه جهان أحمد زاي، عام 1949 في إقليم لوجر الواقع في جنوب شرق العاصمة الأفغانية، كابول. وينتمي عرقيّاً إلى قبيلة أحمد زاي، كبرى القبائل البشتونية التي تنحدر من قبائل كوشي، البدو الرحَّل التي لا تستقر في مكان واحد، وتتنقّل من إقليم إلى آخر بسبب التغيرات المناخية.
تلقى الرئيس العتيد، الذي سيتسلّم مهماته رسميّاً في 7 ديسمبر/كانون الأول المقبل، دروسه الابتدائية في مدرسة الاستقلال، والثانوية في مدرسة الحبيبية في كابول، وتخرّج منها في نهاية الستينيات، وحصل على منحة دراسية، سافر بموجبها إلى لبنان ليلتحق بالجامعة الأميركية هناك، وأكمل مرحلة البكالوريوس والماجستير في العلوم السياسية، تزوج باللبنانية رولا سعادة، قبل أن يعود إلى أفغانستان ويلتحق بجامعة كابول مدّرساً للعلوم الإنسانية.
حصل على منحة دراسية أخرى في عام 1977 إلى الولايات المتحدة، والتحق بجامعة كولومبيا، ومنها حصل على ماجستير في العلوم الإنسانية وأخرى في العلاقات الدولية، كما حصل على الدكتوراه من الجامعة نفسها في العلوم الإنسانية، وفي 1985 درس العلوم الدينية ومقارنة الأديان في باكستان مدة سنة واحدة.
انضم أحمد زاي، إلى هيئة التدريس في جامعة كابول وفي العديد من الجامعات الأميركية والأوروبية كجامعة آرهوس في الدنمارك وجامعة كاليفورنيا. وعمل لعشر سنوات كخبير في البنك الدولي، وفي العديد من الهيئات الأممية في أفريقيا وآسيا. كما كان من بين المرشحين لمنصب الأمين العام للأمم المتحدة قبل أن يعود إلى أفغانستان عام 2001. وله ابن يدعى طارق، وبنت اسمها مريم.
أما عن سيرته السياسية، فكان أول ظهور له عام 2002، عندما طلب منه الأمين العام للأمم المتحدة، كوفي أنان، أن يكون مستشاراً للمندوب الخاص للأمم المتحدة في أفغانستان، الأخضر الابراهيمي. وكان له دور ريادي في تأسيس وتشكيل مؤتمر بون، الذي وضع حجر الأساس للحكومة الحالية بعد انهيار نظام حركة "طالبان" عام 2001. وشغل منصب وزير المالية في حكومة قرضاي، الانتقالية من عام 2002 إلى عام 2004.
كما شغل منصب رئيس جامعة كابول بعد أن رفض تولي أي منصب حكومي لاحقاً، قبل أن يُعيّنه الرئيس الأفغاني مسؤولاً عن مرحلة الانتقال الأمني من القوات الأميركية إلى القوات الأفغانية، وأدّى هذه المهمة بنجاح.
ترشح للانتخابات الرئاسية الأفغانية في عام 2009، وحل في المرتبة الرابعة بعد قرضاي ومنافسه في الانتخابات الحالية، عبدالله، ورمضان بشر دوست.
وفي انتخابات العام الحالي حصل على 31 في المائة من الأصوات في المرحلة الأولى، بينما حصل عبدالله، على 45 في المائة. ولم يتمكن أي مرشح من الحصول على نسبة 50 في المائة من الأصوات، فجرت الجولة الثانية في 14 يونيو/حزيران الماضي، والتي فاز فيها زاي على منافسه عبدالله.
ويعتبر أشرف غني أحمد زاي، شخصية جدية وصارمة في قراراتها، وصريحة لا تجامل، كما يحظى بعلاقات وطيدة مع شيوخ القبائل، خصوصاً قبائل الجنوب. ومن حلفائه أحمد ضياء مسعود، شقيق القائد الجهادي السابق أحمد شاه مسعود، وقيوم قرضاي، شقيق الرئيس الأفغاني السابق، والجنرال عبد الرشيد دوستم، أحد أطراف الحرب الأهلية التي شهدتها أفغانستان بعد انسحاب القوات السوفييتية.
كما يُعدّ رئيس جمهورية أفغانستان الجديد، من أبرز الداعمين للمفاوضات مع حركة "طالبان أفغانستان"، والجماعات المسلحة المناوئة للوجود الأجنبي في أفغانستان.