كان العاهل المغربي الراحل الملك الحسن الثاني يحرص على تسمية الأمين العام لجبهة البوليساريو، المنادية بانفصال الصحراء عن المملكة، محمد عبد العزيز، الذي وافته المنية أمس الثلاثاء، بعد مرض عضال، بـ"المراكشي"، نسبة إلى مدينة مراكش المغربية، مسقط رأسه.
ولد الأمين العام للجبهة الداعية إلى انفصال إقاليم الصحراء عن السيادة المغربية، في 17 أغسطس/آب 1948، في مدينة مراكش، جنوب المملكة، وفي مدارسها الابتدائية والثانوية تلقى تعليمه، فيما أكمل دراسته الجامعية في جامعة محمد الخامس بالرباط، إلى حدود بداية السبعينيات من القرن الماضي.
وفي غمرة الحراك الثوري والشيوعي الذي كان سائداً في العديد من بقاع العالم خلال فترة السبعينيات، اختار عبد العزيز "التمرد"، وقرر الالتحاق بناشطين صحراويين أسسوا الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب المعروفة باسم "البوليساريو".
ويقول مقربون من الرجل، إن عبد العزيز بفضل حضوره الشخصي الطاغي، استطاع أن يتسلق الدرجات والمناصب داخل جبهة "البوليساريو". وبعدما عُيّن عضواً في المكتب السياسي للجبهة خلال مؤتمرها التأسيسي عام 1973، تمكن من أن يضمن لنفسه موطئ قدم بين زعماء الحركة.
وأتاح مقتل مؤسس جبهة "البوليساريو" مصطفى الولي في العاصمة الموريتانية نواكشوط، في يونيو/حزيران 1976، لعبد العزيز أن يحقق طموحه الشخصي في قيادة الحركة، وهو ما تحقق له بعدما عُيّن أميناً عاماً للجبهة خلفاً لمؤسسها، وليبقى في منصبه ذاك طيلة أربعين عاماً متواصلة.
أربعة عقود قضاها عبد العزيز على رأس "البوليساريو"، التي أُنشئت لهدف واحد ووحيد، وهو المطالبة باستقلال الصحراء وانفصالها عن سيادة المغرب. ولأن الرجل قضى أربعين سنة كاملة على رأس "البوليساريو"، فقد كان من الطبيعي أن يتعرض للعديد من الهزات الداخلية التي أثّرت على مساره السياسي، بحيث ظهرت أصوات كثيرة من داخل الحركة التي يتزعمها تطالب برحيله عن القيادة، لا سيما تيار "شباب التغيير"، وهم شباب صحراويون من مخيمات تندوف طالبوا بالتغيير داخل الجبهة.
ويتهم المغرب الجبهة بأنها مجرد ستار تقف خلفه الجزائر التي تدعمها وتحتضنها. وكانت قد تعرضت لهزّة قوية في عهد الراحل عبد العزيز، خصوصاً بعدما تفجرت فضيحة سرقة وتحويل المواد الغذائية والإعانات التي كان يبعثها الاتحاد الأوروبي إلى سكان تندوف، ما اعتبره الكثيرون ضربة قاصمة لظهر الرجل.
لكن في المقابل، يرى البعض أن للرجل أفضالاً على جبهة "البوليساريو"، منها أنه حافظ على "وحدتها" طيلة سنوات كثيرة، على الرغم من أن آخرين يرجعون ذلك إلى اليد الحديدية التي كان يستخدمها في قيادة الحركة، كما يحسب له أنه لم يدفع بمطالبي الانفصال إلى حرب مباشرة مع المغرب، رغم مطالب "صقور الجبهة" برفع السلاح في وجه المغرب.