بغض النظر عن موعد إخلاء البيوت المتنقلة لمستوطنة "عامونا" القائمة على أراضي سلواد الفلسطينية، وبمعزل عن "الضجيج" الذي يثيره المستوطنون، إلا أن تمرير قانون تسوية الاستيطان بالقراءة الأولى، حتى لو تم تأجيل تشريعه بالقراءات الثلاث مؤقتاً، بحسب اعتراف رئيس لجنة الخارجية والأمن تساحي هنغبي، لحين مغادرة الرئيس الأميركي باراك أوباما البيت الأبيض، فإن تمرير القانون شكّل نصراً معنوياً واستراتيجياً لمجمل المستوطنين في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
صحيح أنه من المحتمل أن تلغي المحكمة الإسرائيلية العليا القانون بعد إقراره بالقراءات الثلاث لاحقاً، إلا أن مجرد قدرة المستوطنين على تجنيد 58 صوتاً لصالح اقتراح قانون صوّت له نواب، وهم يدركون عدم دستوريته القانونية، يعكس حجم التأثير الانتخابي والسياسي الذي يملكه المستوطنون، ليس على حزب البيت اليهودي الممثل للتيار الديني فقط، بل أيضاً على نواب الليكود، الذين باتوا يخشون على مواقعهم. تماماً كما يخشى رئيس الليكود بنيامين نتنياهو، من نقمة المستوطنين لو أصرّوا على إخلاء عامونا، من دون تعويض المستوطنين بآلاف البيوت، وربما بمستوطنات جديدة "قانونية" لاحقاً. وهذا ما يفسر قبول المستوطنين بهذه التسوية وبهذا القانون.
الخطر الأساسي من القانون المقترح الذي مرّ بقراءة واحدة، لا يتمثل في "الشرعية القانونية الإسرائيلية" على هذه البيوت والمستوطنات المعزولة، بل في عدم إعلان موقف فلسطيني واضح ضد الاستيطان ككل. الخطوة الإسرائيلية المتمثلة بمجرد الاستعداد لسنّ القانون، توجب رداً فلسطينياً على نفس المستوى، كموقف مبدئي ينسف كل ما تروّج له تسيبي ليفني، من وجود تفاهم وقبول فلسطيني، بإبقاء ما تسمّيه إسرائيل بالكتل الاستيطانية الكبيرة.
هناك حاجة الآن، وبعد أن انتهى مؤتمر "فتح" السابع، مع ما رافقه من انشغال في الضفة الغربية بنتائجه ومقرراته، لأن تعلن السلطة الفلسطينية بشكل واضح لا يترك مجالا للشك، أو التأويل، أن المستوطنات كلها، من دون استثناء، بدءاً من أصغر مستوطنة وحتى أكبرها، هي غير قانونية البتة، وأنه لا مجال لبقاء أي منها، لا سيما الأحياء الاستيطانية في القدس المحتلة ومحيطها في أي تسوية عتيدة، هذا في حال ظلت هناك فرص لتسوية على أساس حل الدولتين.