ما الرسائل التي يودّ كبار رجال الأعمال السعوديين إرسالها هذه الأيام للحكومة المصرية، وربما للنظام ككل، وذلك من خلال حملة الانتقادات غير المعهودة التي يطلقونها سواء لمناخ الاستثمار في مصر أو أداء الحكومة، وذلك عبر وسائل إعلام مصرية وخليجية؟
هل الهدف هو التنصل وغسل اليد من تعهدات سعودية بضخ 30 مليار ريال سعودي "حوالي 8 مليارات دولار" في شرايين الاقتصاد المصري، علماً بأن هذه التعهدات تم الإعلان عنها خلال شهر يناير/كانون الثاني الماضي وقبل الذكرى الخامسة للثورة المصرية مباشرة، أم أن الرسائل نتيجة طبيعية لحالة من التململ الشديد يبديها الجانب السعودي بسبب عدم توفير مصر مناخاً ملائماً يمكن أن يستوعب الاستثمارات الجديدة التي وعدت بها المملكة، أو على الأقل يحافظ على الاستثمارات القائمة، أم أنها رسائل سياسية تصدر في ظل الحديث عن وجود خلافات سعودية مصرية حول ملفات اليمن وسورية والتحالف الإسلامي والموقف من إيران وحزب الله اللبناني وغيرها من القضايا الإقليمية؟
خلال الأيام الماضية، تعرضت الحكومة المصرية لانتقادات شديدة من عدد من كبار المستثمرين السعوديين الذين لديهم استثمارات في مصر تقدر بمليارات الدولارات.
وكان اللافت للنظر هنا أن هذه التصريحات السعودية لم نتعود عليها طوال السنوات الثلاث الماضية وتحديداً منذ 3 يوليو/تموز 2013، وأنها تأتي في الوقت الذي ينتظر فيه الجميع تدفق استثمارات سعودية ضخمة على مصر كما وعد الملك سلمان بن عبد العزيز، وموافقة السعوديين على تمويل مشروعات قدمتها وزارات مصرية خلال اجتماعات المجلس التنسيقي السعودي المصري الأخيرة، ومنها مشروعات قومية كبرى مثل العاصمة الإدارية الجديدة، واستصلاح وزراعة 1.5 مليون فدان، وتنمية قناة السويس.
فرجل أعمال من وزن الملياردير السعودي عبد الرحمن الشربتللي، وهو واحد من أقدم وأهم المستثمرين العرب في مصر، أطلق مؤخرا تصريحات تصب كلها تجاه انتقاد الأوضاع الاستثمارية في مصر، وأنها غير مشجعة على ضخ استثمارات جديدة، وأن المناخ طارد للاستثمار وليس جاذبا له، وأن البلاد يحكمها الموظفون، وأنك لو جئت بخبراء من العالم لطرد المستثمرين لما فعلوا أفضل مما يفعله الوزراء.
بل وذهب إلى أكثر من ذلك حينما قال، في حواره مؤخرا مع صحيفة "المصري اليوم"، المسؤولون يخشون اتخاذ القرار، ولا تلتزم الدولة بتعاقداتها، وحكومات مصر حولتنا إلى "متسولين"، والإدارة السياسية تعتقد أنه بتغيير الوزراء يكون قد تحقق الإصلاح، من دون أن يدركوا أن الدولة يحكم ويتحكم فيها الموظفون، وأن رئيس الوزراء نفسه لا يستطيع إصدار قرار من دون موافقتهم، وأن البلد عَلى أعتابِ مرحلةٍ فارقة: إما التقدم والرقي وإما إلى، لا قدّر الل،ه العودة للوراء.
وواكب تصريحات الشربتللي رفض الجانب السعودي، في المجلس التنسيقي المصري السعودي، عددا كبيرا من المشروعات التي قدمتها وزارات مصرية، لجذب الـ 30 مليار ريال، والتي أعلنت المملكة ضخها في صورة استثمارات مباشرة.
بل واللافت للنظر هنا الهجوم الشديد الذي شنه مجلس الغرف السعودية، وهو بمثابة تجمع كبير لرجال الأعمال والتجار والصناع، على القنصل التجاري المصري في المملكة أحمد زكي وتكذيب تصريحاته التي قلل فيها من دور مجلس الأعمال السعودي المصري في حل مشكلات المستثمرين السعوديين بمصر، بل وتأكيد مجلس الغرف، أن المستثمر السعودي يواجه الكثير من العقبات عندما يرغب بالاستثمار في مصر.
إذن هناك رسائل سعودية تجاه مصر... ما الغرض منها؟ ولماذا في هذا التوقيت بالذات؟
اقرأ أيضا: ارتفاع الدولار في مصر.. أزمة عارضة أم ممتدة؟