عندما انجرف الأوروبيون في عقاب على خطى الولايات المتحدة، لم يدركوا أنهم من سيدفعون ثمن هذا العقاب، فبعد أقل من شهر من اتساع دائرة العقوبات الغربية ضد موسكو، أقر الاتحاد الأوروبي بأن هذه العقوبات انعكست سلبا على اقتصاد دول الاتحاد.
وبدأت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منذ نهاية مارس/آذار الماضي سلسلة عقوبات ضد روسيا بسبب ضمها شبه جزيرة القرم في ذلك الشهر، عقب انفصالها عن أوكرانيا، لتتسع دائرة العقوبات في يوليو/تموز، مستهدفة قطاعات المصارف والطاقة والدفاع الروسية، في أقوى تصعيد ضد موسكو.
وردت الحكومة الروسية منذ السابع من أغسطس/آب الحالي، بحظر استيراد منتجات غذائية أميركية وأوروبية، والتضييق على منتجات وسلاسل مطاعم أميركية في بلادها.
وقال الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، في مقابلة مع صحيفة "لوموند"، يوم الأربعاء الماضي، إن العقوبات الأوروبية، انعكست سلباً على الاتحاد الأوروبي كما هو الحال على روسيا، داعياً جميع الأطراف إلى تسوية الخلافات الناجمة عن الأزمة الأوكرانية.
وكشفت المفوضية الأوروبية أن عشرة في المائة من صادرات المنتجات الزراعية للاتحاد الأوروبي تذهب إلى روسيا، تبلغ قيمتها 11 مليار يورو (14.6 مليار دولار)، في حين تبلغ القيمة الإجمالية لصادرات الاتحاد الأوروبي من المنتجات الزراعية إلى دول العالم 120 مليار يورو.
وأشارت المفوضية في تقرير لها، أول من أمس، أن نحو نصف صادرات دول الاتحاد الأوروبي الزراعية والغذائية وقعت في قائمة الحظر الروسية.
وحظرت روسيا لمدة عام كامل استيراد لحوم الأبقار والخنازير والطيور والفواكه والأجبان والألبان والمكسرات ومنتجات أخرى من الدول التي شاركت في عقوبات ضدها.
واتهمت المعارضة اليونانية سلطات بلادها بعدم مراعاة المصالح الاقتصادية للدولة، وقال زعيم ائتلاف القوى اليسارية الراديكالية المعارض ألكسيس تسيبراس، الثلاثاء الماضي، حسب الموقع الإلكتروني لفضائية "روسيا اليوم"، إن "الحرب الاقتصادية على روسيا ستخلف عواقب سلبية كارثية، خصوصا لجنوب أوروبا واليونان".
ولم تكتف موسكو بحظر أصناف عدة من السلع الغذائية الأميركية والأوروبية، وإنما ضيقت الخناق على منتجات أميركية شهيرة، لتغلق هيئة الرقابة الصحية وحماية المستهلك في روسيا يوم الأربعاء أربعة مطاعم من سلسلة "ماكدونالدز" في موسكو لمدة تسعين يوماً، بسبب انتهاكها للمعايير الصحية، كما أخضعت مطاعم من نفس العلامة للتفتيش بعدة مناطق.
وأعلن الناطق باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف الأسبوع الحالي، أن موسكو تقوم بإعداد إجراءات إضافية للرد على الغرب في حال مواصلته سياسة العقوبات الهدامة، فيما يتوقع محللون أن تشمل هذه الإجراءات وضع قيود على استيراد السلع الصناعية من الدول الغربية.
واتخذت موسكو في المقابل خطوات لتأمين احتياجاتها من المنتجات الزراعية، عبر أسواق بديلة للاتحاد الأوروبي.
وأعلنت الهيئة الفيدرالية للرقابة البيطرية والصحة النباتية الروسية أمس الخميس، أن مصر مستعدة للبدء بتوريد منتجات الألبان واللحوم والأسماك والمأكولات البحرية إلى روسيا.
ووفقا لبيانات هيئة الجمارك الروسية، فإن حجم واردات مصر إلى روسيا خلال عام 2013 ارتفع بنسبة 29 في المائة، لتبلغ 442.1 مليون دولار.
وقال أحمد إبراهيم، المحلل الاقتصادي المصري، لـ"العربي الجديد"، إن روسيا ستتجه لأسواق سياسية، فهي تستهدف توسيع دائرة التعاون مع الدول، التي لا تشهد علاقات جيدة حاليا مع الولايات المتحدة، ومنها مصر بسبب انتقاد السياسة الأميركية لنظام عبد الفتاح السيسي.