06 نوفمبر 2024
زكي شان
اختارت لابنتها زوجاً فقيراً، وعلى الرغم من أن الأب يتمتع بثراء فاحش، إلا أنه لم يحاول أن يقدّم لزوج ابنته وظيفة، ولو كانت متواضعةً في واحدة من مؤسساته الاستثمارية، بل ظلت الابنة تحصل على مصروفها، ومصروف بيتها، من والديْها، وظل الزوج الشاب يقوم بدور "زوج الست"، حتى بعد أن أنجبا عدة أطفال.
لأمها منطقها الذي لم أتوصل إليه، ربما لعدم خبرتي بكيد النساء، لكنها باحت به لصديقتها المقربة، فطار السر حتى وصل إلي، وهو أنها تريد أن يبقى زوج ابنتها "بلا جناحين"، لكي لا يطير أو يتعالى على ابنتها، فابنتها بجمال متواضع. وعلى الرغم من ثراء والدها، فهي لم تكن تحلم بزوج وسيم، مثل نجوم السينما، مثل الشاب الذي يمتّ لهم بصلة قرابة بعيدة، ويتيم الأب، ولا يملك من الدنيا سوى محاولاته الشعرية المتواضعة التي ينظمها، وينشرها على حائطه "الفيسبوكي" فتدور رؤوس الفتيات، وتميل قلوبهن.
نحت السينما العربية، وفي نماذج مسيئة للشباب العربي، هذا المنحى؛ وهو أن الشاب الفقير والوسيم، والأفضل أن يمتلك بحّة في صوته، و"تسبيلة في عينيه"، يكون هو الشاب الذي تقع في غرامه بنت الأكابر، وتفضله على ابن الأكابر ممن هو من طبقتها، مثل ابن صاحب المصنع المنافس لمصنع والدها الثري الذي يريد أن يزوجها به، لكي يأمن شر منافسته، ويضم المصنعين معاً، لكنها تخيب ظن والدها الذي يوافق على زواجها من الشاب الفقير معدوم الإمكانات؛ لأنه رأى فيه شهامةً، يفتقر لها ابن صاحبه الثري، أو أنه قد أنقذ ابنته من موتٍ محقق، أو ربما اضطرتهما الظروف للمبيت تحت سقف واحد، فلم يخدش لها ظفراً، وقضت ابنته تلك الليلة بكامل شرفها، حتى عادت إلى حضن أبيها.
بدءاً من الفيلم الخالد "يوم من عمري"، حيث التقى البطل الفقير بالفتاة الثرية التي استضافها في بيته، وهو لا يعرف شخصيتها، ثم يقرّر والدها أن تتزوجه، لينتقل من القاع إلى القمة، بالوتيرة نفسها، سار الممثل الشاب، أحمد حلمي. وفي أربعة أفلام لاقت نجاحاً كبيرا، حيث قام بدور الشاب الفاشل والفقير والمطحون والسلبي والمهزوم والطيب الذي يضحك ضحكة تذيب قلوب الفتيات، ويقوم بموقفٍ، تضعه فيه الظروف، أو يضعه فيها المؤلف بمصادفات كثيرة غير محبوكة، لكي يقنعنا، في النهاية، أن الشباب يجب ألا يتعبوا، ولا أن يبدأوا سلم النجاح من أول درجة، وأقصد الدرجة السفلية، ولا أن يبحثوا عن عمل، ولا أن يفكّروا بالابتكار وتوظيف قدراتهم، لا شهاداتهم، بل عليهم البحث عن فتاة ثرية، أو انتظار مصادفة، كما حدث في فيلم "زكي شان" مثلاً، وحيث يلعب الحظ مع المصادفة دوريهما في انتقاله إلى الثراء السريع، محاولاً إقناع الشباب بأن آباء الفتيات الثريات غالبا ما يكونوا على درجة عالية من الطيبة، بحيث إن ما يهمهم هو مصلحة بناتهم وسعادتهن، وأن الشاب الشهم و"ابن البلد" هو الذي يفوز بالأميرة في النهاية.
نماذج فنية سيئة تقدّم في أوقات تطحن فيها البطالة الشباب العربي الذي يقضي وقته على المقاهي، قاتلاً وقته وعمره وطاقته، وربما يفتعل مشاجرةً في المقهى، أو مع "الكمساري"، لكي يلفت الأنظار إليه، لكننا في النهاية أمام ظاهرة دس السم في العسل، وأن هذا النموذج من الشباب هو الذي يربح، وليس الشاب الذي يفكر باستصلاح قطعة أرض وتعميرها مثلاً.
في إحدى الأمسيات، كنت أطالب ابني بتقنين المصروفات، فليس هناك داع للذهاب إلى حلاق الشباب، والحصول على قصة شعر، وتوليفة لحية وشارب، مثل نجوم السينما، وإهدار عدة ساعات في الصالون أيضاً، فهو قد فاق الفتيات في الاعتناء بمظهره، لكنه غمز لي ضاحكاً، وقال: لعلي أظفر ببنت أحد الأثرياء، فتقع في غرامي، حين تراني في حرم الجامعة، خصوصا أن "الغيتار" الذي أعزف عليه مقطوعاتٍ قصيرة، يجذب الفتيات الثريات والباحثات عن نموذج فريد الأطرش في أحد أفلامه، فيهتفن بي "غنّ يا فريد".
لأمها منطقها الذي لم أتوصل إليه، ربما لعدم خبرتي بكيد النساء، لكنها باحت به لصديقتها المقربة، فطار السر حتى وصل إلي، وهو أنها تريد أن يبقى زوج ابنتها "بلا جناحين"، لكي لا يطير أو يتعالى على ابنتها، فابنتها بجمال متواضع. وعلى الرغم من ثراء والدها، فهي لم تكن تحلم بزوج وسيم، مثل نجوم السينما، مثل الشاب الذي يمتّ لهم بصلة قرابة بعيدة، ويتيم الأب، ولا يملك من الدنيا سوى محاولاته الشعرية المتواضعة التي ينظمها، وينشرها على حائطه "الفيسبوكي" فتدور رؤوس الفتيات، وتميل قلوبهن.
نحت السينما العربية، وفي نماذج مسيئة للشباب العربي، هذا المنحى؛ وهو أن الشاب الفقير والوسيم، والأفضل أن يمتلك بحّة في صوته، و"تسبيلة في عينيه"، يكون هو الشاب الذي تقع في غرامه بنت الأكابر، وتفضله على ابن الأكابر ممن هو من طبقتها، مثل ابن صاحب المصنع المنافس لمصنع والدها الثري الذي يريد أن يزوجها به، لكي يأمن شر منافسته، ويضم المصنعين معاً، لكنها تخيب ظن والدها الذي يوافق على زواجها من الشاب الفقير معدوم الإمكانات؛ لأنه رأى فيه شهامةً، يفتقر لها ابن صاحبه الثري، أو أنه قد أنقذ ابنته من موتٍ محقق، أو ربما اضطرتهما الظروف للمبيت تحت سقف واحد، فلم يخدش لها ظفراً، وقضت ابنته تلك الليلة بكامل شرفها، حتى عادت إلى حضن أبيها.
بدءاً من الفيلم الخالد "يوم من عمري"، حيث التقى البطل الفقير بالفتاة الثرية التي استضافها في بيته، وهو لا يعرف شخصيتها، ثم يقرّر والدها أن تتزوجه، لينتقل من القاع إلى القمة، بالوتيرة نفسها، سار الممثل الشاب، أحمد حلمي. وفي أربعة أفلام لاقت نجاحاً كبيرا، حيث قام بدور الشاب الفاشل والفقير والمطحون والسلبي والمهزوم والطيب الذي يضحك ضحكة تذيب قلوب الفتيات، ويقوم بموقفٍ، تضعه فيه الظروف، أو يضعه فيها المؤلف بمصادفات كثيرة غير محبوكة، لكي يقنعنا، في النهاية، أن الشباب يجب ألا يتعبوا، ولا أن يبدأوا سلم النجاح من أول درجة، وأقصد الدرجة السفلية، ولا أن يبحثوا عن عمل، ولا أن يفكّروا بالابتكار وتوظيف قدراتهم، لا شهاداتهم، بل عليهم البحث عن فتاة ثرية، أو انتظار مصادفة، كما حدث في فيلم "زكي شان" مثلاً، وحيث يلعب الحظ مع المصادفة دوريهما في انتقاله إلى الثراء السريع، محاولاً إقناع الشباب بأن آباء الفتيات الثريات غالبا ما يكونوا على درجة عالية من الطيبة، بحيث إن ما يهمهم هو مصلحة بناتهم وسعادتهن، وأن الشاب الشهم و"ابن البلد" هو الذي يفوز بالأميرة في النهاية.
نماذج فنية سيئة تقدّم في أوقات تطحن فيها البطالة الشباب العربي الذي يقضي وقته على المقاهي، قاتلاً وقته وعمره وطاقته، وربما يفتعل مشاجرةً في المقهى، أو مع "الكمساري"، لكي يلفت الأنظار إليه، لكننا في النهاية أمام ظاهرة دس السم في العسل، وأن هذا النموذج من الشباب هو الذي يربح، وليس الشاب الذي يفكر باستصلاح قطعة أرض وتعميرها مثلاً.
في إحدى الأمسيات، كنت أطالب ابني بتقنين المصروفات، فليس هناك داع للذهاب إلى حلاق الشباب، والحصول على قصة شعر، وتوليفة لحية وشارب، مثل نجوم السينما، وإهدار عدة ساعات في الصالون أيضاً، فهو قد فاق الفتيات في الاعتناء بمظهره، لكنه غمز لي ضاحكاً، وقال: لعلي أظفر ببنت أحد الأثرياء، فتقع في غرامي، حين تراني في حرم الجامعة، خصوصا أن "الغيتار" الذي أعزف عليه مقطوعاتٍ قصيرة، يجذب الفتيات الثريات والباحثات عن نموذج فريد الأطرش في أحد أفلامه، فيهتفن بي "غنّ يا فريد".