03 مايو 2017
سجناء الصور
مبروكة علي (تونس)
كتبت الصديقة المهندسة، نجد سعيد، على صفحتها في "فيسبوك" عن الصورة النمطية التي توضع فيها المرأة العاملة بعكس الرجل الذي له مساحات شاسعة ليكون كما يحب أن يكون، إذ تساءلت عمّا إذا كنا قادرين أن نخلق صورة خاصة بنا بعيداً عن الصورة التي "نتوارثها" داخل مجتمعاتنا ومحيطنا الضيق.
ما طرحته صديقتي أثار الكثير في نفسي، ولأكون صادقةً مسّ البعد الشخصي مني. هنا قد يخطر ببال بعضهم أنني أطرح الموضوع من باب المساواة، وإلى غير ذلك من هراء التفكير الذكوري في مجتمعنا العربي. لذا، سأدفع بـ "التهمة" بعيداً عني منذ البداية، وأقول أنني لست من أنصار المساواة، بل لعلني أجد في هذا العنوان الفضفاض الكثير من الإهانة الضمنية لجوهر الأنثى وكيانها. وفي المقابل، أساند بشدة "العدل" لا تجاه المرأة فحسب، بل الإنسان ككل.
أن تكون عادلاً تجاه المرأة فأنت عادل تجاه المجتمع، تجنبه العقد التي تبتلعها هي، العقد التي ستعود بطريقة ما إليك، إنّها الدائرة، وببساطة المرأة أول الخيط وآخره.
لوقت طويل، كان الحديث عن النساء في محيطي مع أصدقائي يمثل نوعاً من الأزمة، إذ كيف تستطيع إقناع أحدٍ ما أنّ الدولة الوحيدة التي استطاعت أن تصوغ نصاً قانونياً ينصف المرأة بشكل كبير، تجد فيها بعض النساء أزمة للتعبير عن نفسها ضمن أدنى مستويات التعبير (اللباس).
لا أعلم متى بدأت ألاحظ الأمر، مع أنني شريكة فيه وداخله، ربما ليس كافياً أن نكون طرفاً وشريكاً في شيء ما، أو موضوع ما، لنشعر به. تشاء الجغرافيا أن أكون من الجنوب التونسي، هكذا وجدت أنّ الفتيات في عمر معيّن تضع غطاء على شعرهن، لا يهم إن كانت ملتزمة دينياً أو لا، أو إن كانت تلبس الجلباب أو السروال، أو إن كانت متعلمة أم لا، فالأمر سيان.
منذ فترة، مررت على صديقةٍ تعمل في مجال التجميل، صادف أن وجدت مجموعة من الفتيات عندها، وأُثير من دون قصد موضوع هذا "الغطاء المفترض" الغريب، والمثير أنّ كلّ الموجودات عبرن عن رفضهن له، ومع هذا هنّ يلبسنه.
إنها العادة لا أكثر ولا أقل، الصورة الأولى التي نتوارثها من دون عقد والتزام مبين، ولكنه أكثر اتساعاً من ذلك وبشاعة، أن تجد نفسك "محجوزا داخل ميثاقٍ أنت لم تشارك فيه، ولن تكون طرفاً فيه بأيّ حال، مع هذا أنت ملزمٌ به.
بطريقة ما، نحن أسرى تلك الصور التي نوضع داخلها بحكم التوارث داخل مجتمعاتنا، صور داخل صور داخل صور، من أقل التفاصيل لأكبرها وشيئاً فشيئاً تُحجب حرياتنا، تدخل السجن، سجن بلا أبواب لا مفاتيح، سجن أنت لست مقيّداً فيه، وفي الآن نفسه مقيّد.
أعود إلى سؤال صديقتي حول ما إذا كنّا قادرين على إيجاد صورة تشبهنا، صورة نشتهيها، أظن أنّ الأمر نابع منا، وليس من الآخرين، يحتاج الأمر جرأة ومن ثمة لثقة تامة بنا، نحتاج أن نثقب الحائط الذي داخلنا، لأنّ كل محاولات التغيير التي لا تتصل بنا ستفشل، مهما بلغت، سيكون عليها في نقطة ما أن تتوقف عن الصعود، فقط تتوقف.
ما طرحته صديقتي أثار الكثير في نفسي، ولأكون صادقةً مسّ البعد الشخصي مني. هنا قد يخطر ببال بعضهم أنني أطرح الموضوع من باب المساواة، وإلى غير ذلك من هراء التفكير الذكوري في مجتمعنا العربي. لذا، سأدفع بـ "التهمة" بعيداً عني منذ البداية، وأقول أنني لست من أنصار المساواة، بل لعلني أجد في هذا العنوان الفضفاض الكثير من الإهانة الضمنية لجوهر الأنثى وكيانها. وفي المقابل، أساند بشدة "العدل" لا تجاه المرأة فحسب، بل الإنسان ككل.
أن تكون عادلاً تجاه المرأة فأنت عادل تجاه المجتمع، تجنبه العقد التي تبتلعها هي، العقد التي ستعود بطريقة ما إليك، إنّها الدائرة، وببساطة المرأة أول الخيط وآخره.
لوقت طويل، كان الحديث عن النساء في محيطي مع أصدقائي يمثل نوعاً من الأزمة، إذ كيف تستطيع إقناع أحدٍ ما أنّ الدولة الوحيدة التي استطاعت أن تصوغ نصاً قانونياً ينصف المرأة بشكل كبير، تجد فيها بعض النساء أزمة للتعبير عن نفسها ضمن أدنى مستويات التعبير (اللباس).
لا أعلم متى بدأت ألاحظ الأمر، مع أنني شريكة فيه وداخله، ربما ليس كافياً أن نكون طرفاً وشريكاً في شيء ما، أو موضوع ما، لنشعر به. تشاء الجغرافيا أن أكون من الجنوب التونسي، هكذا وجدت أنّ الفتيات في عمر معيّن تضع غطاء على شعرهن، لا يهم إن كانت ملتزمة دينياً أو لا، أو إن كانت تلبس الجلباب أو السروال، أو إن كانت متعلمة أم لا، فالأمر سيان.
منذ فترة، مررت على صديقةٍ تعمل في مجال التجميل، صادف أن وجدت مجموعة من الفتيات عندها، وأُثير من دون قصد موضوع هذا "الغطاء المفترض" الغريب، والمثير أنّ كلّ الموجودات عبرن عن رفضهن له، ومع هذا هنّ يلبسنه.
إنها العادة لا أكثر ولا أقل، الصورة الأولى التي نتوارثها من دون عقد والتزام مبين، ولكنه أكثر اتساعاً من ذلك وبشاعة، أن تجد نفسك "محجوزا داخل ميثاقٍ أنت لم تشارك فيه، ولن تكون طرفاً فيه بأيّ حال، مع هذا أنت ملزمٌ به.
بطريقة ما، نحن أسرى تلك الصور التي نوضع داخلها بحكم التوارث داخل مجتمعاتنا، صور داخل صور داخل صور، من أقل التفاصيل لأكبرها وشيئاً فشيئاً تُحجب حرياتنا، تدخل السجن، سجن بلا أبواب لا مفاتيح، سجن أنت لست مقيّداً فيه، وفي الآن نفسه مقيّد.
أعود إلى سؤال صديقتي حول ما إذا كنّا قادرين على إيجاد صورة تشبهنا، صورة نشتهيها، أظن أنّ الأمر نابع منا، وليس من الآخرين، يحتاج الأمر جرأة ومن ثمة لثقة تامة بنا، نحتاج أن نثقب الحائط الذي داخلنا، لأنّ كل محاولات التغيير التي لا تتصل بنا ستفشل، مهما بلغت، سيكون عليها في نقطة ما أن تتوقف عن الصعود، فقط تتوقف.
مقالات أخرى
05 يناير 2017
17 ديسمبر 2016
21 نوفمبر 2016