تشير التقارير الاقتصادية الدولية إلى أن الحرب الطاحنة المتواصلة في سورية قد أعادت اقتصاد البلاد ثلاثة عقود إلى الوراء. وبرغم أن الحديث هنا عن الاقتصاد فحسب، يشير واقع حال السوريين إلى أن أعداداً كبيرة منهم قد عادت هي الأخرى بنمط حياتها، والأدوات التي تستخدمها في تحصيل رزقها، عقوداً إلى الوراء.
عودة الأدوات القديمة
بعد أربع سنوات من الحرب، انتعشت أدوات قديمة كانت قد انقرضت، مثل "بابور الكاز" الذي يستعمل للطبخ، والشمع والفوانيس للإنارة، فضلاً عن مدفأة الحطب. كذلك عادت بعض العائلات إلى الاستيقاظ المبكّر لصناعة الخبز أو لاستجرار مياه الشرب من الآبار بواسطة الحمار الذي عاد ليُستخدم أيضاً في حراثة الحقل كبديل من الجرار الذي التهمته الحرب.
ومع الانقطاع شبه المتواصل للتيار الكهربائي في كل المناطق السورية، عاد كثير من السوريين إلى الاعتماد على وسائل الإنارة القديمة. يقول رامي (35 عاماً) المقيم في إحدى بلدات ريف دمشق: "في بداية الأحداث، كنا نعتمد بشكل كبير على الشاحن الكهربائي الصغير، حيث كانت ساعات انقطاع التيار الكهربائي معدودة، أمّا اليوم فصارت ساعات تزويدنا بالكهرباء تقدر بأربع ساعات يومياً، بحيث لم يعد الشاحن يكفي في هذه الحالات". ويضيف: "عدنا للاعتماد على الشمع وفانوس الكاز الذي يعتبر من ناحية الاستهلاك اقتصادياً، كما عدنا لاستخدام مدفأة الحطب".
وتبدو الحاجة إلى الأدوات القديمة في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام ملحة أكثر، حيث تغيب الخدمات الحكومية بصورة تامة ويقل وجود المنتجات الغذائية الجاهزة. يقول الناشط في ريف مدينة حلب عدي الحموي لـ"العربي الجديد": "الحرب أعادت السكان هنا إلى العصر الحجري بكل معنى الكلمة. هنالك عائلات تسكن في الكهوف اتقاء لشر القصف الذي يقوم به النظام السوري بصورة يومية، وهي تستخدم وسائل بدائية في طهو طعامها وتدبّر أمورها اليومية. ويضيف: "عادت عائلات كثيرة لاستخدام ماكينة الخياطة التقليدية إلى صنع الملابس، كما عادت إلى صنع الخبز على الحطب منذ الصباح الباكر بسبب دمار المخابز".
ولا تقتصر عودة السوريين عقوداً إلى الوراء على استخدام وسائل قديمة، وإنما على استخدام أدوات إنتاج قديمة ومهن كانت قد تلاشت أيضاً. يقول الناشط أبو لؤي من ريف حمص لـ"العربي الجديد": "كثير من السكان عادوا لاستخدام الدواب من أجل نقل المياه من الآبار إلى أماكن سكنهم مع الانقطاع التام للمياه، بل إن بعض المزارعين عادوا لاستخدام الدواب في حراثة الأرض". ويضيف: "كان جميع المزارعين قد تخلوا عن حراثة الأرض باستخدام البغال والثيران بسبب الجهد والتكلفة الكبيرين بالمقارنة مع استخدام الجرار، لكن انقطاع المازوت وارتفاع أسعاره بشكل كبير دفع المزارعين للاعتماد على الحيوان والعمل اليدوي في الأرض".
كذلك عاد العلاج بالأعشاب إلى كثير من المناطق المحاصرة، التي لا تدخل إليها كميات مناسبة من الأدوية. إذ "بات الاعتماد على أساليب العلاج التقليدي حاسماً في إنقاذ الأرواح"، كما يقول عادل الناشط في الغوطة الشرقية لـ"العربي الجديد". ويوضح: "عادت مهنة الطبيب العربي، كما عادت مهنة الداية التي ترعى الحوامل أثناء الحمل وتشرف على الولادة من دون امتلاكها للمؤهلات العلمية والقانونية".
يقول الباحث الاقتصادي رياض سرحان لـ"العربي الجديد" إن "انهيار الاقتصاد بسبب الحرب وما رافقه من انقطاع المشتقات النفطية وارتفاع أسعارها بأكثر من 500 في المئة، بالإضافة إلى سياسة الحصار التي يفرضها النظام السوري والتي تمنع وصول مختلف المواد للسكان المحاصرين، كل ذلك أدى إلى تلاشي مصادر الدخل لأعداد هائلة من السوريين، حيث انحدروا إلى أوضاع بائسة جداً، وباتوا يكافحون من أجل البقاء عبر ابتكار وسائل جديدة، أو عبر استعادة الوسائل التي خبروها قديماً".
إقرأ أيضا: تسليع الأرواح: سوق الصحة العبثية في مصر
عودة الأدوات القديمة
بعد أربع سنوات من الحرب، انتعشت أدوات قديمة كانت قد انقرضت، مثل "بابور الكاز" الذي يستعمل للطبخ، والشمع والفوانيس للإنارة، فضلاً عن مدفأة الحطب. كذلك عادت بعض العائلات إلى الاستيقاظ المبكّر لصناعة الخبز أو لاستجرار مياه الشرب من الآبار بواسطة الحمار الذي عاد ليُستخدم أيضاً في حراثة الحقل كبديل من الجرار الذي التهمته الحرب.
ومع الانقطاع شبه المتواصل للتيار الكهربائي في كل المناطق السورية، عاد كثير من السوريين إلى الاعتماد على وسائل الإنارة القديمة. يقول رامي (35 عاماً) المقيم في إحدى بلدات ريف دمشق: "في بداية الأحداث، كنا نعتمد بشكل كبير على الشاحن الكهربائي الصغير، حيث كانت ساعات انقطاع التيار الكهربائي معدودة، أمّا اليوم فصارت ساعات تزويدنا بالكهرباء تقدر بأربع ساعات يومياً، بحيث لم يعد الشاحن يكفي في هذه الحالات". ويضيف: "عدنا للاعتماد على الشمع وفانوس الكاز الذي يعتبر من ناحية الاستهلاك اقتصادياً، كما عدنا لاستخدام مدفأة الحطب".
عائلة تعيش في كهف في سورية (فرانس برس) |
وتبدو الحاجة إلى الأدوات القديمة في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام ملحة أكثر، حيث تغيب الخدمات الحكومية بصورة تامة ويقل وجود المنتجات الغذائية الجاهزة. يقول الناشط في ريف مدينة حلب عدي الحموي لـ"العربي الجديد": "الحرب أعادت السكان هنا إلى العصر الحجري بكل معنى الكلمة. هنالك عائلات تسكن في الكهوف اتقاء لشر القصف الذي يقوم به النظام السوري بصورة يومية، وهي تستخدم وسائل بدائية في طهو طعامها وتدبّر أمورها اليومية. ويضيف: "عادت عائلات كثيرة لاستخدام ماكينة الخياطة التقليدية إلى صنع الملابس، كما عادت إلى صنع الخبز على الحطب منذ الصباح الباكر بسبب دمار المخابز".
ولا تقتصر عودة السوريين عقوداً إلى الوراء على استخدام وسائل قديمة، وإنما على استخدام أدوات إنتاج قديمة ومهن كانت قد تلاشت أيضاً. يقول الناشط أبو لؤي من ريف حمص لـ"العربي الجديد": "كثير من السكان عادوا لاستخدام الدواب من أجل نقل المياه من الآبار إلى أماكن سكنهم مع الانقطاع التام للمياه، بل إن بعض المزارعين عادوا لاستخدام الدواب في حراثة الأرض". ويضيف: "كان جميع المزارعين قد تخلوا عن حراثة الأرض باستخدام البغال والثيران بسبب الجهد والتكلفة الكبيرين بالمقارنة مع استخدام الجرار، لكن انقطاع المازوت وارتفاع أسعاره بشكل كبير دفع المزارعين للاعتماد على الحيوان والعمل اليدوي في الأرض".
كهف 2 |
كذلك عاد العلاج بالأعشاب إلى كثير من المناطق المحاصرة، التي لا تدخل إليها كميات مناسبة من الأدوية. إذ "بات الاعتماد على أساليب العلاج التقليدي حاسماً في إنقاذ الأرواح"، كما يقول عادل الناشط في الغوطة الشرقية لـ"العربي الجديد". ويوضح: "عادت مهنة الطبيب العربي، كما عادت مهنة الداية التي ترعى الحوامل أثناء الحمل وتشرف على الولادة من دون امتلاكها للمؤهلات العلمية والقانونية".
يقول الباحث الاقتصادي رياض سرحان لـ"العربي الجديد" إن "انهيار الاقتصاد بسبب الحرب وما رافقه من انقطاع المشتقات النفطية وارتفاع أسعارها بأكثر من 500 في المئة، بالإضافة إلى سياسة الحصار التي يفرضها النظام السوري والتي تمنع وصول مختلف المواد للسكان المحاصرين، كل ذلك أدى إلى تلاشي مصادر الدخل لأعداد هائلة من السوريين، حيث انحدروا إلى أوضاع بائسة جداً، وباتوا يكافحون من أجل البقاء عبر ابتكار وسائل جديدة، أو عبر استعادة الوسائل التي خبروها قديماً".
ازدهار الأنتيكا
يقول أبو نجيب، وهو صاحب أحد المتاجر الصغيرة في ريف دمشق، لـ"العربي الجديد": "ابتداءً من عام 2013، ازداد الطلب على الشمع وفوانيس الإنارة التي تضاء بالجاز، فضلاً عن مدافئ الحطب وأواني الطبخ الألمنيوم وأدوات أخرى لم أفكّر يوماً بأنني سأعرضها في متجري الصغير".
ويلفت إلى أن هذه الأدوات كانت تعرض في متاجر الأنتيكا وتستخدم للديكور فقط، في حين أصبحت اليوم وسائل بديلة يستخدمها السوريون في حياتهم اليومية. ويضيف: "نتيجة الطلب المتزايد، ارتفعت أسعار تلك السلع. وعلى سبيل المثال ارتفع سعر مدفأة الحطب العادية من نحو 800 ليرة في بداية الثورة، إلى نحو 6 آلاف ليرة اليوم، كما ارتفع سعر طن الحطب من نحو 8 آلاف ليرة إلى أكثر من 50 ألفاً".