05 نوفمبر 2024
سوزان تميم، إن حَكَتْ
بعفوٍ رئاسي مصري عن 502 من المسجونين، أطلق سراح رجل الأعمال المصري، هشام طلعت، المحكوم في قضية مقتل المغنية اللبنانية سوزان تميم في دبي عام 2008. وكانت محكمة القاهرة قضت بسجنه 15 عاماً لتورطه في مقتل تميم، وبالسجن المؤبد على المتهم الأول في القضية، الضابط السابق محسن السكري.
ولمن يراجع ملف هذه القضية التي استحوذت، وما تزال، على اهتمام وسائل الإعلام، أن يقع على عدد من المراجعات والمقالات وحتى الأفلام، المعبّرة عن انجذابٍ كبيرٍ إلى جانبها "البوليسي"، لما فيه من إثارةٍ وتشويق. والحال أننا فعلا أمام عناصر متشابكة، تصلح لصياغة "رواية سوداء" معقدة وشائقة، يختلط فيها الحب بالسياسة بالجنس بالفن بالسلطة بالجريمة والعقاب. بيد أن زاوية النظر الشائعة هذه تضع البطلة - الضحية في مربّع واضح الزوايا، ثابت الأضلاع، فيما يستأثر بقية الأبطال بعنصر التحوّل والتشويق. ومعناه أننا أمام امرأةٍ لعوبٍ انتهزت ولعَ الرجال بجمالها الأخّاذ لتستغلّهم ماديا، منتقلة من ضحيةٍ إلى أخرى، إلى أن انقلب حظها، فانتقم منها متيّم مجنون لم يحتمل العيش من دونها. غرام وانتقام.
لكن، إذا ما غيّرنا زاوية النظر هذه، وأخرجنا سوزان تميم من مربّعها ذاك، ويمّمنا وجهة نظرها هي، فسوف نخلص إلى روايةٍ أخرى، تختلف معانيها بقدر ما تختلف دوافع شخصياتها. فنحن، حين نرى المغنية اللبنانية، سوزان تميم، في ظهورها الأول في استوديو الفن، حيث فازت بالذهبية عن محافظة بيروت، سوف نرى صبيةً لبنانيةً "بريئةً" تشبه، في جوانب عدة، صبايا كثيراتٍ مثلها، وإن كانت تملك صوتا جميلا، ومظهرا جذّابا، وتحلم بأن تكون فنانة. وحين نستمع إليها، بعد مضي سنوات قليلة، في مقابلاتٍ أجراها معها طوني خليفة وهالة سرحان وآخرون، سوف نفاجأ بعفويتها وصراحتها وعدم خشيتها من قول ما في مكنونها، برغم إدراكها أنه قد يصدم جمهورها. كأن تقول، هي المتزوّجة والمطلّقة فرضا، "لا عيب في الحبّ، وإلا فلمَ يحقّ للرجل بذلك ولا يحق للمرأة"، أو "أن النزاهة هي في إعلام الزوج بوجود شخصٍ آخر وفي تركه، لا في البقاء معه... أما الرجل الحق هو من يواجه الحقيقة ويرحل، في حين أن مفتقد الرجولة هو من يبقى ويهدّد ويعذّب"...
والناظر إلى سوزان تميم في الصورتين على المسافة بينهما - صورة أولى تظهرها على طبيعتها بشعر أسود مسرّح، وزينة خفيفة، وثياب تليق بشابة من سنّها، وصورة أخرى ترينا تحوّلا طرأ على مظهرها، وقد تحولّت إلى صهباء، ثم شقراء بشعرٍ تمردّت خصلاتُه، وعيون دخل عليها اللوّن - سيعرف أن الفتاة البريئة باتت امرأة مدركة، وأن ثمّة ما جعلها تكتشف أنوثتها الطاغية، وسطوة هذي الأخيرة على الجنس الآخر. إلا أن إدراكها أنوثتها سلاحاً تحمي به نفسها كان قد جاء للأسف متأخرا، لأن الصبية التي تزوجت رفيقها الطالب الجامعي، وهي في الثامنة عشرة من عمرها، حبّا وتوقا إلى حريةٍ مفتقدة، هي القادمة من عائلةٍ مفكّكةٍ ومجتمع محافظ، أخطأت في اختيار شريكٍ دفعها إلى الغناء مصلحةً وانتفاعا، بدليل مطالبتها بتوقيع عقود تلزمها بالعمل معه. طلبت سوزان الطلاق، فرفض، فما كان منها إلا أن هربت...
يمكننا أن نتصوّر بقية السيناريو، لجوءها إلى باريس، فمصر، فلندن، فدبي، مع انتقالها من يديّ "حامٍ" إلى آخر. يمكننا أن نتخيل أنها، مرّة تلو الأخرى، أقسمت على ألا يتم استغلالها من رجلٍ بعد الآن، أنها ستحمي نفسها بنفسها، ولن تمنح شيئا من ذاتها مقابل لا شيء. فليظنّوا أنهم الأقوى، وليلعبوا ألعابهم البائسة، وليظنوا أنهم يشترونها بأموالهم ووعودهم وهداياهم. حتى أهلها باعوا فيها واشتروا.
قيل إن هشام طلعت تعرّف إلى سوزان مع خالتها التي كانت تعمل في الفندق الذي يملكه، فرعاها وساعدها بملايين الدولارات، لتتمكن من الحصول على الطلاق من زوجها الثاني، عادل معتوق، وإنهاء عقد الاحتكار الفني الذي منعها بموجبه من إذاعة أغانيها في الفضائيات. وقيل إنه اعتبرها جاحدةً، فأراد أن يعاقبها على استغلالها اسمه وإمكاناته وهربها إلى دبي، خصوصا أنه ظل يبحث عنها بعد اختفائها من لندن، حتى قبل أربعة أيامٍ فقط من مقتلها.
ولمن يراجع ملف هذه القضية التي استحوذت، وما تزال، على اهتمام وسائل الإعلام، أن يقع على عدد من المراجعات والمقالات وحتى الأفلام، المعبّرة عن انجذابٍ كبيرٍ إلى جانبها "البوليسي"، لما فيه من إثارةٍ وتشويق. والحال أننا فعلا أمام عناصر متشابكة، تصلح لصياغة "رواية سوداء" معقدة وشائقة، يختلط فيها الحب بالسياسة بالجنس بالفن بالسلطة بالجريمة والعقاب. بيد أن زاوية النظر الشائعة هذه تضع البطلة - الضحية في مربّع واضح الزوايا، ثابت الأضلاع، فيما يستأثر بقية الأبطال بعنصر التحوّل والتشويق. ومعناه أننا أمام امرأةٍ لعوبٍ انتهزت ولعَ الرجال بجمالها الأخّاذ لتستغلّهم ماديا، منتقلة من ضحيةٍ إلى أخرى، إلى أن انقلب حظها، فانتقم منها متيّم مجنون لم يحتمل العيش من دونها. غرام وانتقام.
لكن، إذا ما غيّرنا زاوية النظر هذه، وأخرجنا سوزان تميم من مربّعها ذاك، ويمّمنا وجهة نظرها هي، فسوف نخلص إلى روايةٍ أخرى، تختلف معانيها بقدر ما تختلف دوافع شخصياتها. فنحن، حين نرى المغنية اللبنانية، سوزان تميم، في ظهورها الأول في استوديو الفن، حيث فازت بالذهبية عن محافظة بيروت، سوف نرى صبيةً لبنانيةً "بريئةً" تشبه، في جوانب عدة، صبايا كثيراتٍ مثلها، وإن كانت تملك صوتا جميلا، ومظهرا جذّابا، وتحلم بأن تكون فنانة. وحين نستمع إليها، بعد مضي سنوات قليلة، في مقابلاتٍ أجراها معها طوني خليفة وهالة سرحان وآخرون، سوف نفاجأ بعفويتها وصراحتها وعدم خشيتها من قول ما في مكنونها، برغم إدراكها أنه قد يصدم جمهورها. كأن تقول، هي المتزوّجة والمطلّقة فرضا، "لا عيب في الحبّ، وإلا فلمَ يحقّ للرجل بذلك ولا يحق للمرأة"، أو "أن النزاهة هي في إعلام الزوج بوجود شخصٍ آخر وفي تركه، لا في البقاء معه... أما الرجل الحق هو من يواجه الحقيقة ويرحل، في حين أن مفتقد الرجولة هو من يبقى ويهدّد ويعذّب"...
والناظر إلى سوزان تميم في الصورتين على المسافة بينهما - صورة أولى تظهرها على طبيعتها بشعر أسود مسرّح، وزينة خفيفة، وثياب تليق بشابة من سنّها، وصورة أخرى ترينا تحوّلا طرأ على مظهرها، وقد تحولّت إلى صهباء، ثم شقراء بشعرٍ تمردّت خصلاتُه، وعيون دخل عليها اللوّن - سيعرف أن الفتاة البريئة باتت امرأة مدركة، وأن ثمّة ما جعلها تكتشف أنوثتها الطاغية، وسطوة هذي الأخيرة على الجنس الآخر. إلا أن إدراكها أنوثتها سلاحاً تحمي به نفسها كان قد جاء للأسف متأخرا، لأن الصبية التي تزوجت رفيقها الطالب الجامعي، وهي في الثامنة عشرة من عمرها، حبّا وتوقا إلى حريةٍ مفتقدة، هي القادمة من عائلةٍ مفكّكةٍ ومجتمع محافظ، أخطأت في اختيار شريكٍ دفعها إلى الغناء مصلحةً وانتفاعا، بدليل مطالبتها بتوقيع عقود تلزمها بالعمل معه. طلبت سوزان الطلاق، فرفض، فما كان منها إلا أن هربت...
يمكننا أن نتصوّر بقية السيناريو، لجوءها إلى باريس، فمصر، فلندن، فدبي، مع انتقالها من يديّ "حامٍ" إلى آخر. يمكننا أن نتخيل أنها، مرّة تلو الأخرى، أقسمت على ألا يتم استغلالها من رجلٍ بعد الآن، أنها ستحمي نفسها بنفسها، ولن تمنح شيئا من ذاتها مقابل لا شيء. فليظنّوا أنهم الأقوى، وليلعبوا ألعابهم البائسة، وليظنوا أنهم يشترونها بأموالهم ووعودهم وهداياهم. حتى أهلها باعوا فيها واشتروا.
قيل إن هشام طلعت تعرّف إلى سوزان مع خالتها التي كانت تعمل في الفندق الذي يملكه، فرعاها وساعدها بملايين الدولارات، لتتمكن من الحصول على الطلاق من زوجها الثاني، عادل معتوق، وإنهاء عقد الاحتكار الفني الذي منعها بموجبه من إذاعة أغانيها في الفضائيات. وقيل إنه اعتبرها جاحدةً، فأراد أن يعاقبها على استغلالها اسمه وإمكاناته وهربها إلى دبي، خصوصا أنه ظل يبحث عنها بعد اختفائها من لندن، حتى قبل أربعة أيامٍ فقط من مقتلها.