يبدو أن النظر إلى أوبك قد أخذ كثيراً من وقتنا، لكن الوكالة الدولية للطاقة ودولها الفاعلة تعمل ليلاً ونهاراً على إدارة أسعار النفط باتجاهات براغماتية فعالة بهدف السيطرة على الأسعار بما يتوافق مع حجم النمو الاقتصادي الموجود في الدول الغربية والآسيوية.
لازالت الأسعار مستمرة في الهبوط بشكل متواتر، وقد أنهت أسعار النفط الأسبوع الأخير على انخفاض غير مسبوق منذ الأزمة المالية العالمية الأخيرة. فالنفط الأميركي أصبح دون 40 دولاراً للبرميل، والمقلق أن تستمر هذه الأسعار لفترة طويلة في ظل تقديرات العرض والطلب ووضع الاقتصاد العالمي الهش. أي أن يدور خام برنت حول 45 دولاراً للبرميل. ورغم ما يبدو من انزعاج لدى عدد من الدول المنتجة والمصدرة للنفط، نجد أن أوبك وميولها الإدارية وخياراتها في التأثير داخل السوق النفطية مازالت لا تلبي الطموح، ولذلك لن تلجأ منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) إلى خفض إنتاجها قريباً. فتخمة العرض في السوق وارتفاع الإنتاج الأميركي، الذي ارتفع إلى حد كبير في الأسابيع الأخيرة عند 9.4 ملايين برميل يومياً، وتواصل صناعة النفط الأميركية بزيادة منصات الإنتاج (تقترب الآن من 900 منصة) عوامل تظهر تحرك أوبك وأسعار النفط.
اقرأ أيضا: أسعار النفط تتأرجح... ماذا عن المستقبل؟
من جهة أخرى، لقد وصل المخزون التجاري الأميركي من النفط حداً لم يصله منذ 80 عاماً، وعلى جانب الطلب، تدل كل المؤشرات على أن الاقتصاد العالمي على بوابة مرحلة تباطؤ ـ إن لم يكن أزمة ـ بسبب تراجع نمو الاقتصاد الصيني، ثاني أكبر اقتصاد في العالم. ورغم هبوط أسعار النفط، إلا أن الطلب عليه لم يشهد ارتفاعاً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة مع تراجع النمو الصناعي في الاقتصادات الصاعدة.
هذا وقد عملت دول الوكالة الدولية للطاقة على ثلاث سياسات مهمة لمحاولة إجهاض صعود أسعار النفط في ظل اضطراب منطقة الشرق الأوسط، وبالتالي تصاعد أسعار النفط نحو أفق يحقق لاقتصاديات الدول الريعية وفورات مالية كبيرة وخصوصاً لدول الخليج، وتتمثل هذه السياسات عبر إدارة أزمة الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب عبر إصدار رؤى تشير إلى أن التحالف الدولي سيعمل على إضعاف داعش ومساعدة الدول التي تعاني منه في القضاء عليه.
أما السياسة الثانية فتتجلى في محاولة زيادة الزيارات المكوكية لدول المنطقة لإثبات حسن النية والفاعلية في مكافحة الإرهاب والتشاور مع الدول وعقد المؤتمرات الدولية والإقليمية الخاصة بمكافحة إرهاب تنظيم داعش. أما السياسة الثالثة فتظهر من خلال محاولة التأثير في الأسواق النفطية الدولية عبر الاتفاق النووي مع إيران والذي بعث الآمال في ازدهار اقتصادي كبير لدول المنطقة وفي مقدمتهم إيران، ولكن ماذا ستحصل إيران وغيرها من دول المنطقة من مكتسبات؟ وأين هي آليات التعاون المشتركة داخل الأوبك لمواجهة هذه السياسات؟
اقرأ أيضا: الخيارات المفتوحة للسوق النفطية
إلى يومنا هذا، فإن آليات التعاون لازالت مفقودة، والسبب هو الصراعات الإيديولوجية بين المملكة العربية السعودية وإيران والذي أثر على سياسات أوبك على الرغم من أن إيران خلال العامين الماضيين لم تؤثر في سياسات الإنتاج بل كانت المملكة العربية السعودية هي الأكثر تأثيراً من خلال نظرية الاستحواذ على الأسواق ورفض سياسة تخفيض الإنتاج المتبعة في دول الأوبك لمواجهة خطر انخفاض الأسعار والتي شجعها العراق وغيره من الدولة لزيادة الحصة في الأسواق الجديدة.
لا شك أننا بحاجة اليوم، إلى إعادة النظر داخل دول أوبك وخصوصاً أنه هناك رؤى متفائلة لعودة الأسعار، فمجموعة (يو بي إس) تتوقع بأن تتراوح أسعار مؤشر برنت ونفط تكساس ما بين 67-72 دولاراً أميركياً مع نهاية 2015، ولذلك تتوقع مجموعة (يو بي إس) أن الطلب لا يزال قوياً على الرغم من تراجع طفيف في معدلات الإنتاج مع حلول فصل الشتاء، إضافة إلى ارتفاع طاقة تخزين النفط من قبل الدول الأعضاء في منظمة أوبك. فالنمو المتوقع على الطلب يتراوح ما بين 0.8 مليون برميل في عام 2014 إلى 1.4 مليون برميل يومياً خلال 2015 و1.3 مليون برميل مع حلول عام 2016.
اقرأ أيضا: استراتيجيات النفط العربي
أمام كل ما تقدم تبقى الآمال سيدة الموقف بتحسن الأسعار، إلا أن الأمال وحدها لا تكفي، إذ يجب العمل بالاستجابة المرنة عبر حزمة من السياسات لمواجهة تحدي الاقتصاديات الريعية والتزاماتها التنموية.
(خبير نفطي عراقي)
لازالت الأسعار مستمرة في الهبوط بشكل متواتر، وقد أنهت أسعار النفط الأسبوع الأخير على انخفاض غير مسبوق منذ الأزمة المالية العالمية الأخيرة. فالنفط الأميركي أصبح دون 40 دولاراً للبرميل، والمقلق أن تستمر هذه الأسعار لفترة طويلة في ظل تقديرات العرض والطلب ووضع الاقتصاد العالمي الهش. أي أن يدور خام برنت حول 45 دولاراً للبرميل. ورغم ما يبدو من انزعاج لدى عدد من الدول المنتجة والمصدرة للنفط، نجد أن أوبك وميولها الإدارية وخياراتها في التأثير داخل السوق النفطية مازالت لا تلبي الطموح، ولذلك لن تلجأ منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) إلى خفض إنتاجها قريباً. فتخمة العرض في السوق وارتفاع الإنتاج الأميركي، الذي ارتفع إلى حد كبير في الأسابيع الأخيرة عند 9.4 ملايين برميل يومياً، وتواصل صناعة النفط الأميركية بزيادة منصات الإنتاج (تقترب الآن من 900 منصة) عوامل تظهر تحرك أوبك وأسعار النفط.
اقرأ أيضا: أسعار النفط تتأرجح... ماذا عن المستقبل؟
من جهة أخرى، لقد وصل المخزون التجاري الأميركي من النفط حداً لم يصله منذ 80 عاماً، وعلى جانب الطلب، تدل كل المؤشرات على أن الاقتصاد العالمي على بوابة مرحلة تباطؤ ـ إن لم يكن أزمة ـ بسبب تراجع نمو الاقتصاد الصيني، ثاني أكبر اقتصاد في العالم. ورغم هبوط أسعار النفط، إلا أن الطلب عليه لم يشهد ارتفاعاً ملحوظاً في الأشهر الأخيرة مع تراجع النمو الصناعي في الاقتصادات الصاعدة.
هذا وقد عملت دول الوكالة الدولية للطاقة على ثلاث سياسات مهمة لمحاولة إجهاض صعود أسعار النفط في ظل اضطراب منطقة الشرق الأوسط، وبالتالي تصاعد أسعار النفط نحو أفق يحقق لاقتصاديات الدول الريعية وفورات مالية كبيرة وخصوصاً لدول الخليج، وتتمثل هذه السياسات عبر إدارة أزمة الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب عبر إصدار رؤى تشير إلى أن التحالف الدولي سيعمل على إضعاف داعش ومساعدة الدول التي تعاني منه في القضاء عليه.
أما السياسة الثانية فتتجلى في محاولة زيادة الزيارات المكوكية لدول المنطقة لإثبات حسن النية والفاعلية في مكافحة الإرهاب والتشاور مع الدول وعقد المؤتمرات الدولية والإقليمية الخاصة بمكافحة إرهاب تنظيم داعش. أما السياسة الثالثة فتظهر من خلال محاولة التأثير في الأسواق النفطية الدولية عبر الاتفاق النووي مع إيران والذي بعث الآمال في ازدهار اقتصادي كبير لدول المنطقة وفي مقدمتهم إيران، ولكن ماذا ستحصل إيران وغيرها من دول المنطقة من مكتسبات؟ وأين هي آليات التعاون المشتركة داخل الأوبك لمواجهة هذه السياسات؟
اقرأ أيضا: الخيارات المفتوحة للسوق النفطية
إلى يومنا هذا، فإن آليات التعاون لازالت مفقودة، والسبب هو الصراعات الإيديولوجية بين المملكة العربية السعودية وإيران والذي أثر على سياسات أوبك على الرغم من أن إيران خلال العامين الماضيين لم تؤثر في سياسات الإنتاج بل كانت المملكة العربية السعودية هي الأكثر تأثيراً من خلال نظرية الاستحواذ على الأسواق ورفض سياسة تخفيض الإنتاج المتبعة في دول الأوبك لمواجهة خطر انخفاض الأسعار والتي شجعها العراق وغيره من الدولة لزيادة الحصة في الأسواق الجديدة.
لا شك أننا بحاجة اليوم، إلى إعادة النظر داخل دول أوبك وخصوصاً أنه هناك رؤى متفائلة لعودة الأسعار، فمجموعة (يو بي إس) تتوقع بأن تتراوح أسعار مؤشر برنت ونفط تكساس ما بين 67-72 دولاراً أميركياً مع نهاية 2015، ولذلك تتوقع مجموعة (يو بي إس) أن الطلب لا يزال قوياً على الرغم من تراجع طفيف في معدلات الإنتاج مع حلول فصل الشتاء، إضافة إلى ارتفاع طاقة تخزين النفط من قبل الدول الأعضاء في منظمة أوبك. فالنمو المتوقع على الطلب يتراوح ما بين 0.8 مليون برميل في عام 2014 إلى 1.4 مليون برميل يومياً خلال 2015 و1.3 مليون برميل مع حلول عام 2016.
اقرأ أيضا: استراتيجيات النفط العربي
أمام كل ما تقدم تبقى الآمال سيدة الموقف بتحسن الأسعار، إلا أن الأمال وحدها لا تكفي، إذ يجب العمل بالاستجابة المرنة عبر حزمة من السياسات لمواجهة تحدي الاقتصاديات الريعية والتزاماتها التنموية.
(خبير نفطي عراقي)