بدأت العائلات السورية المنتشرة في مختلف المناطق اللبنانية بتسجيل أبنائها في المدارس الرسمية، والصفوف الخشبية التي أنشأتها جمعيات خاصة على مقربة من مخيمات اللجوء في منطقة البقاع (شرق). وتشير إحصائيات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى تجاوز عدد الأطفال السوريين في عمر الدراسة (بين 6 و17 عاماً) 360 ألفاً، بينما وفّرت وزارة التربية والتعليم العالي 200 ألف مقعد لهؤلاء في المدارس الرسمية في مختلف المناطق اللبنانية.
تلفت المتحدثة باسم مفوضية اللاجئين، ليزا أبو خليل، لـ "العربي الجديد"، إلى "أمر هام جداً يتمثل في زيادة عدد المدارس الرسمية التي تقدم التعليم للتلاميذ السوريين بدوامات مسائية، من 156 مدرسة خلال العام الماضي إلى 259 خلال العام الحالي، وارتفاع عدد المقاعد الدراسية المخصصة للسوريين من 105 آلاف في العام الماضي إلى 200 ألف هذا العام". وكان وزير التربية إلياس بو صعب قد أعلن خلال مؤتمر صحافي، عن توفير التعليم لجميع الأطفال في لبنان في أكثر من ألف مدرسة رسمية، شرط التزام المانحين تأمين التمويل. وفي إطار خطط دعم المجتمعات المضيفة للاجئين، خصّص جزء من المنح الدولية لدفع كل تكاليف التلاميذ اللبنانيين المسجلين في المدارس الرسمية أسوة بزملائهم السوريين.
لكن الصعوبات الاجتماعية والاقتصادية التي يعاني منها اللاجئون السوريون في لبنان تحول دون تحقيق هدف التعليم الشامل، بحسب أبو خليل. وتشير دراسة للمفوضية إلى أن 70 في المائة من اللاجئين السوريين يعيشون تحت خط الفقر (3.84 دولارات أميركية في اليوم)، ما يدفع الأهل إلى التوجّه إلى خيارات صعبة، على غرار دفع أولادهم إلى سوق العمل. تضيف أبو خليل: "نحاول المساعدة من خلال برامج توعية حول أهمية التعليم التي يقدّمها ناشطون سوريون متطوعون لدى المفوضية في مراكز تجمع اللاجئين في مختلف المناطق اللبنانية.
من جهة أخرى، توضح أن نقص المساعدات الدولية في مجالي التغذية والصحة يؤثر على قطاع التعليم أيضاً، بالإضافة إلى عدم تغطية بدلات النقل من وإلى المدارس، ما يدفع الأهل إلى صرف النظر عن تعليم أبنائهم في بعض الأحيان".
إلى الصعوبات المالية، يعاني التلاميذ السوريون من صعوبات أكاديمية عدة ناتجة عن اختلاف المناهج بين لبنان وسورية، واعتماد المنهاج اللبناني المعرّب، وانقطاع عدد منهم عن الدراسة لفترات طويلة قبل استئنافها. وتعدد رئيسة مؤسسة "كياني" نورا جنبلاط، التي تقدم خدمات تعليمية لأكثر من 1400 تلميذ سوري في لبنان، لـ "العربي الجديد"، أبرز هذه الصعوبات. أكاديمياً، تلفت إلى "ضعف قدراتهم على الاستيعاب والتذكر، وخصوصاً القواعد الأساسية للمواد، وصعوبة التأقلم مع المناهج الجديدة، والضعف في اللغتين الفرنسية والإنجليزية، وهما لغتان أساسيتان ضمن المنهاج اللبناني بعكس الحال في المناهج السورية، بالإضافة إلى الظروف المعيشية السيئة التي تؤثر على التقدم الأكاديمي لأي تلميذ".
ومن الناحية المالية، تلفت إلى "عدم القدرة على تأمين الاحتياجات اللوجيستية الضرورية للتلاميذ، والتي تقدم المؤسسة جزءاً منها، وعدم القدرة على إرسال التلاميذ إلى المدارس بسبب بعدها عن مراكز سكنهم، بالإضافة على عمالة الأطفال".
إلى ذلك، عملت "كياني" على تطوير حلول لمواجهة هذه المشاكل بالتعاون والتنسيق مع وزارة التربية والمؤسسات المعنية باللاجئين. وقد أنشأت غرف صفوف خشبية مخصصة للاجئين السوريين، قريبة من مراكز سكنهم أو ضمن المخيمات تؤمن المناخ المناسب للتعليم، صممها خبراء في الجامعة الأميركية في بيروت.
أكاديمياً، تقدم "كياني" المنهاج اللبناني المُعرّب لمدة ثمانية أشهر، بالإضافة إلى برنامج محو الأمية للتلاميذ ومدته ثلاثة أشهر. أيضاً، تقدم المفوضية برنامجاً مشابهاً للتعليم المكثف، والذي بدأ العمل به في يوليو/تموز الماضي في عدد من المدارس الرسمية، بهدف تسهيل التحاق التلاميذ السوريين بالصفوف بعد فترات الانقطاع عن التعليم.
اقرأ أيضاً: خطة دولية لمضاعفة الطلاب النازحين في مدارس لبنان