لن تنتهي التعليقات النقدية على ظاهرة تنامي "المهرجانات" السينمائية في العالم العربي، بأشكالها وأهدافها المختلفة. ولن تنتهي مناقشة مضامينها وآليات اشتغالها، إدارةً وتنظيماً وخيارات ومسارات ونتائج، علماً أن هناك حراكاً كبيراً في هذا المجال، إلى درجة أن تظاهرات وأسابيع واحتفالات تتّخذ من السينما عنواناً، يُقدّمها مؤسّسوها ومنظّموها بصفة "مهرجان"، متغاضين ـ أو غير منتبهين، أو غير مُدركين ـ قواعد صناعة مهرجان سينمائيّ، وركائزه العملية والثقافية والمهنية.
فالحراك متمدّد في الخارطة العربية، كما داخل بلدانٍ عربية، بعضها يشهد عشرات المهرجانات التي تستفيد غالبيتُها من دعم ماليّ تمنحها السلطات الرسمية لها، عبر مؤسّساتها السينمائية. وإذْ تشتهر المملكة المغربية بوفرة المهرجانات، المُقامة طوال أشهر السنة، فإن مصر ـ الدولة العربية الأولى في صناعة السينما العربية ـ تبدو "مجتهدةً" في تصنيع مهرجانات، بعضها يتّخذ "هوية" واحدة، كـ "سينما المرأة"، أو "أفلام المرأة".
وإذْ تمتلك هاتان الدولتان مهرجانين دوليين، لهما حضورٌ في الذاكرة والراهن، رغم كثرة الانتقادات الموجَّهة إليهما؛ إلاّ أنهما لن تتوقّفا ـ كما يبدو ـ عن تصنيع مهرجانات تذهب بها إلى مدنٍ سياحية أو هامشية، تماماً كما يحصل في دولٍ أخرى، بحججٍ بعضها غير مُقنع، يتمثّل بإعلان رغبةٍ في نشر ثقافة سينمائية في مدن الأطراف، وبمسعى "جدّي" إلى أخذ السينما إلى الناس، بدلاً من انتظار ذهاب الناس إلى الصالات لمُشاهدة الأفلام.
وهذه، إذْ تبدو حجّة منطقية ظاهرياً، ينعكس نقيضها في الممارسة العملية. فلا المهرجانات الدولية تنجح في تأسيس ثقافة سينمائية أو جمهور سينمائيّ يتفاعل مع الفن السابع ونتاجاته في حياته اليومية؛ ولا مهرجانات الأطراف قادرة على الخروج من مظهرها الاستعراضيّ السياحيّ المؤقّت. وفي الوقت نفسه، تفقد المهرجانات الدولية رونقها الثقافي ـ الفني واشتغالها الصناعي ـ التجاري، شيئاً فشيئاً؛ في حين أن مهرجانات الأطراف ـ رغم شعاراتها الكبيرة ـ لا تزال عاجزةً عن بلوغ حدّ أدنى من حيوية المعنى المطلوب للمهرجان: عروضٌ ولقاءات ونقاشات وتبادل خبرات وتعاون.
لن يستقيم كلامٌ كهذا إنْ لم يتمّ استثناء مهرجانات دولية، وأخرى أقلّ حضوراً دولياً، تُقام في مدن عربية قليلة، وتجتهد ـ سنوياً ـ في تطوير أدوات عملها. ومع أن التخصّص ضروريٌّ لمفهوم المهرجان، المُقام إلى جانب الدوليّ؛ فإنّ الجديد المتكاثر في الأعوام الأخيرة على الأقلّ غير قادر على تحويل الاختصاص إلى صناعة فعلية لمفهوم المهرجان.
نقاشٌ كهذا يبدو مستمرّاً، في مناخٍ يُنتج "مهرجاناتٍ" أو ما يُشبهها، بدلاً من الانصراف إلى تفعيل سياسة إنتاجية، ستكون أسلم لصناعة الصورة.
اقــرأ أيضاً
وإذْ تمتلك هاتان الدولتان مهرجانين دوليين، لهما حضورٌ في الذاكرة والراهن، رغم كثرة الانتقادات الموجَّهة إليهما؛ إلاّ أنهما لن تتوقّفا ـ كما يبدو ـ عن تصنيع مهرجانات تذهب بها إلى مدنٍ سياحية أو هامشية، تماماً كما يحصل في دولٍ أخرى، بحججٍ بعضها غير مُقنع، يتمثّل بإعلان رغبةٍ في نشر ثقافة سينمائية في مدن الأطراف، وبمسعى "جدّي" إلى أخذ السينما إلى الناس، بدلاً من انتظار ذهاب الناس إلى الصالات لمُشاهدة الأفلام.
وهذه، إذْ تبدو حجّة منطقية ظاهرياً، ينعكس نقيضها في الممارسة العملية. فلا المهرجانات الدولية تنجح في تأسيس ثقافة سينمائية أو جمهور سينمائيّ يتفاعل مع الفن السابع ونتاجاته في حياته اليومية؛ ولا مهرجانات الأطراف قادرة على الخروج من مظهرها الاستعراضيّ السياحيّ المؤقّت. وفي الوقت نفسه، تفقد المهرجانات الدولية رونقها الثقافي ـ الفني واشتغالها الصناعي ـ التجاري، شيئاً فشيئاً؛ في حين أن مهرجانات الأطراف ـ رغم شعاراتها الكبيرة ـ لا تزال عاجزةً عن بلوغ حدّ أدنى من حيوية المعنى المطلوب للمهرجان: عروضٌ ولقاءات ونقاشات وتبادل خبرات وتعاون.
لن يستقيم كلامٌ كهذا إنْ لم يتمّ استثناء مهرجانات دولية، وأخرى أقلّ حضوراً دولياً، تُقام في مدن عربية قليلة، وتجتهد ـ سنوياً ـ في تطوير أدوات عملها. ومع أن التخصّص ضروريٌّ لمفهوم المهرجان، المُقام إلى جانب الدوليّ؛ فإنّ الجديد المتكاثر في الأعوام الأخيرة على الأقلّ غير قادر على تحويل الاختصاص إلى صناعة فعلية لمفهوم المهرجان.
نقاشٌ كهذا يبدو مستمرّاً، في مناخٍ يُنتج "مهرجاناتٍ" أو ما يُشبهها، بدلاً من الانصراف إلى تفعيل سياسة إنتاجية، ستكون أسلم لصناعة الصورة.