فتاتان من غزة تتغلبان على الإعاقة البصرية بالكتابة

غزة

علاء الحلو

avata
علاء الحلو
14 يوليو 2020
فتاتان من غزة تتغلبان على الإعاقة البصرية بالكتابة
+ الخط -

تغلبت الفتاتان شمس وهنية أبو شحمة من مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، على إعاقتهما البصرية بكتابة القصص القصيرة والخواطر والشعر، في محاولة منهما لإيصال الرسائل، والتعبير عن الذات.

وصنعت الفتاتان اللتان أنهتا حفظ القرآن خلال عامين عبر طريقة "بريل"، عالمًا خاصًا بهما، حاولتا من خلاله التغلب على النظرة المجتمعية الخاطئة تجاه الأشخاص ذوي الإعاقة، وإثبات قدرتهما على تخطي الأزمة.

وخلقت شمس وهنية مساحة استطاعتا من خلالها الالتحاق بمختلف الدورات الفقهية ودورات التجويد والسند، إلى جانب الكاتبة الإبداعية، وسرد الحكايات، وكتابة القصص والأشعار الوطنية والدينية والاجتماعية.

وتختص طريقة "بريل" بالقراءة والكتابة "الليلية الألفبائية"، لإتاحة فرصة الكتابة والقراءة للأشخاص المكفوفين، إذ يجعل من الحروف رموزاً بارزة على الورق، مما يسمح بالتعامل معها عن طريق حاسة اللمس.

الفتاتان شمس وهنية أبو شحمة
خلقتا مساحة خاصة بهما (عبد الحكيم أبو رياش)

 

وتقول شمس أبو شحمة (18 عامًا)، وهي خريجة ثانوية عامة بتقدير 88.5 بالمائة، وتعاني من إعاقة بصرية وُلدت بها، إنها تمكنت من إتمام حفظ القرآن بعد عامين من البدء بحفظه مع شقيقتها الكبرى هنية، ومن ثم انطلقت نحو الكتابة الإبداعية.

وتوضح أبو شحمة، لـ "العربي الجديد" أنها استطاعت التغلب على النظرة المجتمعية القاصرة نحو الأشخاص ذوي الإعاقة، عبر اجتياز مجموعة من الدورات بنجاح لافت، في محاولة منها للتأكيد على قدراتها.

الفتاتان شمس وهنية أبو شحمة
لم تمنعهما الإعاقة من تحقيق أهدافهما (عبد الحكيم أبو رياش)

 

وبدأت شمس رحلتها مع الكتابة منذ الصف التاسع، إذ كانت تشعر بأنها وسيلتها للتعبير عن ذاتها، فكتبت الخواطر، الحِكم، و المقولات العامة، إلى جانب كتابة القصص القصيرة والشِعر، باللهجة الفلسطينية العامية، فيما شاركت بعدد من الأنشطة والفعاليات الوطنية عبر إلقاء الشِعر.

 

شمس وهنية أبو شحمة (عبد الحكيم أبو رياش)
تغلبتا على كل الصعوبات (عبد الحكيم أبو رياش)

 

واقتسمت الفتاة شمس مع شقيقتها الكتابة على آلة "بريل" الوحيدة التي تمتلكها أسرتها التي تحتضن شقيقًا آخر يعاني من الإعاقة البصرية، وقد حاولت من خلال كتاباتها التنوع بين المواضيع المجتمعية والوطنية والدينية وغيرها.

وكتبت الفتاة  قصيدة بعنوان "لا تدمعي بل افخري"، حملت من خلالها رسالة ووصية إلى أسر الشهداء بعدم الحزن على فقدان أبنائهم، والاعتزاز بسيرهم النضالية، فيما سردت حكايات الأجداد والأراضي الفلسطيني المُحتلة عام 1948م، عبر قصص متنوعة، بينما تطرقت إلى بعض الكتابات الدينية مثل "أخلاقي حياتي"، "بأخلاقنا نسمو".

وترغب شمس بإيصال رسالة للجميع بأن الشخص ذا الإعاقة مثل أي شخص آخر، يمكنه الإبداع في مختلف المجالات، دون الحاجة إلى نظرة الشفقة، وإنما يحتاج إلى الدعم الكافي، والذي يتيح له المجال للتعبير عن قدراته، وفق قولها.

 

 

وتوافقها في الرأي شقيقتها هنية أبو شحمة 23 عامًا، خريجة أصول دين من الجامعة الإسلامية بمدينة غزة بمعدل 88.5 بالمائة، والتحقت بدبلوم التأهيل التربوي، وعدد من الدورات بعد إتمام حفظ القرآن، وقد حصلت على تقدير امتياز، وتوضح في حديث مع "العربي الجديد" أنها تمكنت من اجتياز النظرة المجتمعية الخاطئة، بالعمل والإنجاز.

وركزت هنية في كتاباتها والتي بدأت في سن مبكرة على النصوص التي تختص بالصداقة، وتوثيق وتوطيد العلاقات الأسرية والاجتماعية، وترى أن الكتابة وسيلتها في التفريغ النفسي، إلى جانب أنها محاولة للتعبير عن ذاتها، وعن قدرتها في إيصال الرسائل.

 

وتختصر العشرينية هنية رسالتها للمجتمع بالتأكيد أن "لا إعاقة مع الإرادة"، حيث تمكنت برفقة شقيقتها من التغلب على "كلام الناس" عبر النجاح في تخصصاتهن، وفق تعبيرها، فيما وجهت دعوة للمؤسسات المعنية بالأشخاص ذوي الإعاقة، ووسائل الإعلام للتركيز على إبداعاتهم، وطاقاتهم في شتى المجالات.

 

ذات صلة

الصورة
جهود إنقاذ بأدوات بدائية في شمالي غزة (عمر القطاع/فرانس برس)

مجتمع

تتواصل العملية العسكرية الإسرائيلية البرية في محافظة شمال غزة مخلفة مئات الشهداء والمصابين، فضلاً عن تدمير عشرات المنازل، وإجبار الآلاف على النزوح.
الصورة
آلية عسكرية إسرائيلية قرب حدود قطاع غزة، 6 أكتوبر 2024 (ميناحيم كاهانا/فرانس برس)

سياسة

شهر أكتوبر الحالي هو الأصعب على إسرائيل منذ بداية العام 2024، إذ قُتل فيه 64 إسرائيلياً على الأقل، معظمهم جنود، خلال عمليات الاحتلال في غزة ولبنان والضفة.
الصورة
فرق الدفاع المدني في غزة/2 أكتوبر 2024(الأناضول)

مجتمع

أعلن جهاز الدفاع المدني في غزة، مساء الأربعاء، توقف عمله بالكامل في محافظة شمال القطاع، مشيراً إلى أن الوضع الإنساني هناك بات كارثياً.
الصورة
واجهة زجاجية مهشمة في إحدى غرف مستشفى بيروت الحكومي (حسين بيضون)

مجتمع

تواجه المستشفيات في لبنان تهديدات إسرائيلية تذكر اللبنانيين بما شهدوه في قطاع غزة على الشاشات، ويسعى المعنيون إلى مناشدة المسؤولين الدوليين لتحييدها
المساهمون