لبت مجموعة من ذوي الاحتياجات الخاصة في تركيا، نداء المتصوف جلال الدين الرومي المعروف بمولانا "تعال أيا كنت"، عبر تكوين فرقة لرقصة "السماح" المولوية، حازت على إعجاب الجمهور وشاركت في فعالية إحياء ذكرى وفاة الرومي.
ويعود الفضل في إنشاء الفرقة، التي تضم 12 شخصاً يعانون من التوحد ومتلازمة داون، وعدد من الإعاقات البدنية والذهنية، إلى مدرسة الفنون "أولكو بيرم"، التي تعمل في مركز التثقيف العام، التابع لبلدية سينجان في العاصمة التركية أنقرة.
وقالت بيرم إن أعضاء الفرقة كانوا يحصلون على دورات تدريبية فنية في المركز، ونتيجة إيمانها بحاجتهم للاختلاط بالمجتمع وللحصول على محبة الناس، أشركتهم في العديد من الفعاليات إلا أنها وجدت أن رقصة السماح كانت أكثر الأنشطة التي ناسبتهم. وتعتبر بيرم أن أعضاء الفرقة لديهم النقاء الذي يسعى الدراويش للوصول إليه عبر رقصة السماح.
واعتمدت بيرم مع طلبتها على الصبر والمحبة والمداومة، إلى أن وصلت بهم إلى مستوى مكنهم من أداء رقصة السماح في فعاليات اليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة، وفي إحياء ذكرى وفاة الرومي المعروفة بـ "شب عروس" أي ليلة العرس في مدينة قونيا.
ولا تزال بيرم تعمل على تطوير أداء طلبتها إلى الأفضل، إلا أنهم بدأوا بالفعل في جذب اهتمام الجمهور، كما أن بيرم لاحظت زيادة ثقة طلبتها بأنفسهم، خاصة بعد حرص الجمهور على التعرف إليهم والتقاط الصور معهم.
وقال لفنت متين، أحد أعضاء الفرقة الذي يعاني من إعاقة بدنية "في البداية كان رأسي يدور، ويؤلمني مفصل كاحلي عندما أؤدي السماح، إلا أنني اعتدت على الأمر بعد ذلك". ويرى متين أن الفرقة أسهمت في تغيير رؤية الناس لذوي الاحتياجات الخاصة.
أما فاتح كيسكين، الذي يعاني من إعاقة ذهنية، فقال إنه لم يرتبك عندما بدأ في أداء رقصة السماح، وأعرب عن أمله في أن يؤدي الرقصة أمام المسؤولين الأتراك، خاصة أمام الرئيس رجب طيب أردوغان.
بدوره، أشار أحمد كليش، إلى أن رقصة السماح طورت الجوانب الروحية لديه، قائلا "شرحت لنا المعلمة جوهر رقصة السماح، وكيف أنها تعبر عن المحبة التي في قلب مولانا، وعن محبته لله عز وجل، وعن التسامح الذي يدعو إليه، وهو ما جعلنا نشعر بمشاعر مختلفة ونحن نؤدي السماح".
وتجدر الإشارة أن تركيا تحيي ذكرى وفاة الرومي من 7 إلى 17 ديسمبر/ كانون الأول من كل عام، فيما يعرف بـ "شبِ عروس" وتعني بالفارسية ليلة العرس، أي عودة الرومي إلى الذات الإلهية وفق منظور تصوفي.
وجلال الدين الرومي، من أهم المتصوفين في التاريخ الإسلامي، حيث أنشأ طريقة صوفية عرفت بالمولوية، وكتب كثيرا من الأشعار، وأسس المذهب المثنوي في الشعر، وكتب مئات آلاف أبيات الشعر عن العشق والفلسفة.
ولد الرومي في مدينة بلخ بخراسان، في 30 أيلول/سبتمبر 1207، ولقب بسلطان العارفين لما له من سعة في المعرفة والعلم، استقر في قونية حتى وفاته في 17 كانون الأول/ديسمبر 1273، بعد أن تنقل طالبا العلم في مدن عدة من أبرزها دمشق.
(الأناضول)