منذ بدايات ظهور الإسلام، ظهر الإنشاد الديني، لكنه تغيّر واختلف من مجتمع إلى آخر ومن ثقافة إلى أخرى. مع تقدّم الزمن، بدأ يأخذ شكلاً مستقلاً ومختلفاً، خصوصاً في مصر، تحديداً بدايات القرن العشرين، مع عصر تسجيل الأسطوانات، مروراً بظهور الإذاعات الأهلية، وصولاً إلى إنشاء الإذاعة المصرية. لا يمكن أن نبدأ في الحديث عن الإنشاد الديني من دون الوقوف عند الأب الروحي لهذا الفن، وتلاوة القرآن، الشيخ علي محمود؛ هو الأستاذ والمعلم الأكبر لكل من جاء بعده، كما أنه صاحب الصوت المكتمل، والخبير في دروب المقامات الموسيقية. قيل إنه كان يؤذن لصلاة الجمعة في مسجد الحسين في مقام لا يعود إليه إلا بعد سنة كاملة، إذ كان يؤذن كل أسبوع بمقام مختلف. الحكاية تحمل طبعاً الكثير من المبالغة، لكن الأكيد أن الشيخ علي محمود كان بارعاً في التنقل بين المقامات واستخدام مساحة صوته بشكل كامل.
علّم الشيخ علي محمود العديد من الشيوخ، مثل محمد رفعت، الذي افتتح الإذاعة المصرية بتلاوة القرآن، وكان واحداً من أبرز من استطاعوا حمل لواء التلاوة على كتفيه سنوات عدة. لم تقتصر مدرسة الشيخ علي محمود على رجال الدين فقط، لكن تعلّم على يده عشرات الفنانين الكبار، مثل محمد عبد الوهاب، وأم كلثوم، والشيخ زكريا أحمد، حتى وإن كان تعليماً غير مباشر، جعل من مدرسته في التلاوة تؤثر على أداء مطربين كثر.
من أهم المبتهلين الأوائل أيضاً كان الشيخ طه الفشني، وهو من حمل لواء الابتهال بعد الشيخ علي محمود، الذي امتلك صوتاً ساحراً، وكان ضمن بطانة الكورس الشيخ علي محمود. البطانة في الابتهالات مهمة كالفرقة الموسيقية في الغناء، تضبط الإيقاع للمبتهل، وكلما كانت البطانة متمكنة من الغناء استطاع المبتهل التجلي والتحرك بشكل حر بين المقامات.
انطلق الشيخ طه بعد ذلك من البطانة إلى الابتهال بصحبة كورسه الخاص، واستطاع إثبات نفسه وقدرته على الابتهال ونفسه الطويل وتمكنه من حنجرته والتحكم فيها بكل سلاسة وهدوء.
وبالطبع لا يمكن أن نتحدث عن المبتهلين من دون التوقف عند الشيخ مصطفى إسماعيل، رغم أن ابتهالاته قليلة وكان تركيزه الأهم على تلاوة القرآن، لكن مصطفى إسماعيل كان يمتلك حنجرة ذات خصوصية وتتلمذ على يد الشيخ محمد رفعت وقدم عدة ابتهالات وصل إلينا منها عدد قليل. وكانت لإسماعيل مجموعة من التلاميذ أيضاً، أبرزهم نصر الدين طوبار، صاحب العديد من الابتهالات الرائعة والتي انتشرت خاصة مع ظهور التلفزيون. رغم رسوبه في اختبار الإذاعة عدة مرات، إلا أنه لم ييأس واستمر في المحاولة، حتى نجح واستطاع إثبات نفسه ليس للجنة فحسب، وإنما للعالم العربي كله.
مع دخول السينما، ثمّ قيام ثورة يوليو/تموز 1952؛ شهدت الدولة، بمفهومها المؤسساتي، كما شهد المجتمع، تغييرات كثيرة. أصبح للابتهال شكل جديد، إذ دخلت عليه الموسيقى والألحان، ليخرج من مساحة الغناء الحر إلى الغناء المقيد من قبل الملحن. أصبح المبتهل أو المنشد مقيداً باللحن والزمن والنقلات المقامية، حتى مساحة الارتجال أصبحت محددة ومعروفة مسبقاً.
وبعيداً عن مدى تأثير ذلك سلباً أو إيجاباً على عالم الإنشاد، إلا أنه قدّم لنا مجموعة كبيرة من المنشدين، مثل الشيخ محمد الفيومي وهو من أوائل المبتهلين الذين قدموا ابتهالاً على لحن وفرقة موسيقية. وظهر في عدة أفلام سينمائية كمنشد، مثل فيلم "رصيف نمرة خمسة" (1956) وفيلم "الحلوة عزيزة" (1954)، وقدم أيضاً ابتهال "امدح المكمل" من ألحان الشيخ إسماعيل سكر.
اقــرأ أيضاً
وعلى رأس الابتهالات الملحنة، كان ابتهال "مولاي" للشيخ سيد النقشبندي (تلحين بليغ حمدي)، وهو الابتهال الذي ربما كان بمثابة قبلة حياة للابتهالات الدينية، لتعود بشكل عصري أكثر، متماشية مع الزمن والتطور والاختلافات الذوقية للأجيال الجديدة في تلك الفترة. ونجد أيضاً ابتهال محمد الكحلاوي، "عليك سلام الله"، الذي اشتهر ربما أكثر من شهرة الكحلاوي نفسه عند الأجيال الجديدة. كان آخر من سار على نفس الدرب، هو الشيخ محمد عمران، الذي لم يحظ بشهرة أو انتشار يناسبان إمكانيات صوته الجبارة.
علّم الشيخ علي محمود العديد من الشيوخ، مثل محمد رفعت، الذي افتتح الإذاعة المصرية بتلاوة القرآن، وكان واحداً من أبرز من استطاعوا حمل لواء التلاوة على كتفيه سنوات عدة. لم تقتصر مدرسة الشيخ علي محمود على رجال الدين فقط، لكن تعلّم على يده عشرات الفنانين الكبار، مثل محمد عبد الوهاب، وأم كلثوم، والشيخ زكريا أحمد، حتى وإن كان تعليماً غير مباشر، جعل من مدرسته في التلاوة تؤثر على أداء مطربين كثر.
من أهم المبتهلين الأوائل أيضاً كان الشيخ طه الفشني، وهو من حمل لواء الابتهال بعد الشيخ علي محمود، الذي امتلك صوتاً ساحراً، وكان ضمن بطانة الكورس الشيخ علي محمود. البطانة في الابتهالات مهمة كالفرقة الموسيقية في الغناء، تضبط الإيقاع للمبتهل، وكلما كانت البطانة متمكنة من الغناء استطاع المبتهل التجلي والتحرك بشكل حر بين المقامات.
انطلق الشيخ طه بعد ذلك من البطانة إلى الابتهال بصحبة كورسه الخاص، واستطاع إثبات نفسه وقدرته على الابتهال ونفسه الطويل وتمكنه من حنجرته والتحكم فيها بكل سلاسة وهدوء.
وبالطبع لا يمكن أن نتحدث عن المبتهلين من دون التوقف عند الشيخ مصطفى إسماعيل، رغم أن ابتهالاته قليلة وكان تركيزه الأهم على تلاوة القرآن، لكن مصطفى إسماعيل كان يمتلك حنجرة ذات خصوصية وتتلمذ على يد الشيخ محمد رفعت وقدم عدة ابتهالات وصل إلينا منها عدد قليل. وكانت لإسماعيل مجموعة من التلاميذ أيضاً، أبرزهم نصر الدين طوبار، صاحب العديد من الابتهالات الرائعة والتي انتشرت خاصة مع ظهور التلفزيون. رغم رسوبه في اختبار الإذاعة عدة مرات، إلا أنه لم ييأس واستمر في المحاولة، حتى نجح واستطاع إثبات نفسه ليس للجنة فحسب، وإنما للعالم العربي كله.
مع دخول السينما، ثمّ قيام ثورة يوليو/تموز 1952؛ شهدت الدولة، بمفهومها المؤسساتي، كما شهد المجتمع، تغييرات كثيرة. أصبح للابتهال شكل جديد، إذ دخلت عليه الموسيقى والألحان، ليخرج من مساحة الغناء الحر إلى الغناء المقيد من قبل الملحن. أصبح المبتهل أو المنشد مقيداً باللحن والزمن والنقلات المقامية، حتى مساحة الارتجال أصبحت محددة ومعروفة مسبقاً.
وبعيداً عن مدى تأثير ذلك سلباً أو إيجاباً على عالم الإنشاد، إلا أنه قدّم لنا مجموعة كبيرة من المنشدين، مثل الشيخ محمد الفيومي وهو من أوائل المبتهلين الذين قدموا ابتهالاً على لحن وفرقة موسيقية. وظهر في عدة أفلام سينمائية كمنشد، مثل فيلم "رصيف نمرة خمسة" (1956) وفيلم "الحلوة عزيزة" (1954)، وقدم أيضاً ابتهال "امدح المكمل" من ألحان الشيخ إسماعيل سكر.
المساهمون
المزيد في منوعات