في كل صيف يحل على مدينة قليبية الساحلية نخبة من المخرجين الهواة من مختلف دول العالم المنتمية إلى "الجامعة العالمية لنوادي السينما"، للمشاركة في "المهرجان الدولي لفيلم الهواة". وهذه السنة احتفى المهرجان بخمسينيته بحضور الكاتب العام للجامعة، خوليو لمنيا.
مسرح الهواء الطلق قدّم على شاشته العملاقة عروضاً لعشرات الأشرطة السينمائية الروائية والتسجيلية منها 36 فيلماً ضمن المسابقة الدولية التي رأست لجنة تحكيمها ماريان الخوري من مصر. وشارك في الدورة التي اختتمت أمس نحو 22 بلداً، من بينها الجزائر والمغرب وفلسطين والأردن والأرجنتين وبورندي وروسيا والبرازيل وجزر الموريس ومقدونيا والسويد والدانمارك. أما بقية الأفلام فعُرضت في اطار المسابقة الوطنية مع رد الاعتبار لسينما المدارس.
وتميّزت الدورة أيضاً بإتاحة فسحة لما يعرف بـ"سينما الأحياء" أو "سينما الحارات"، حيث استُقدمت ثلاثة نماذج من مرسيليا للاستفادة من هذه التجارب السينمائية المعاصرة.
وتغذّي هذه التظاهرة الدولية لسينما الهواة سينما الاحتراف في تونس وخارجها. وكان لمهرجان قليبية السبق في التعريف بأسماء عربية وأجنبية كثيرة، سواء في مجال الإخراج أو التمثيل أو غيرها من المهن السينمائية. ويمكن في هذا السياق ذكر الحبيب المستيري وفريد بوغدير من تونس، ويوسف شاهين من مصر، وميشيل خليفي من فلسطين. كما مر في هذه المدينة عدد من الوجوه السينمائية الشهيرة مثل ناني موريتي من إيطاليا، وشايلا غاربر من بريطانيا، ودياغو ريسكاث من فينزويلا.
ويُعرف مهرجان قليبية بتشجيعه للسينما المناضلة أو ما يعرف بسينما المؤلف، وهو يخصص في كل دورة من دوراته مجالاً للسينما البديلة والسينما المقاومة. ففي حفل الافتتاح، أشارت مديرة المهرجان مريم الصردي إلى أن"هدف المهرجان طيلة وجوده هو طرح واقع الجماهير، بما أن السينما هي لكل الناس وتعبّر عن فكرة كل إنسان وعن حكايته". ومن النماذج الممثلة لسينما المقاومة، السينما الفلسطينية التي سجّلت حضوراً لافتاً في جل الدورات السابقة وكُرِّمت هذه السنة بعض أعمالها حديثة الإنتاج.
ولئن حظيت السينما الإيرانية بتقدير كبير، ككل دورة من الدورات السابقة، نظراً إلى إتقان حبكتها وعمق شاعريتها، فإن التظاهرة سجّلت عرض أفلام من آفاق أخرى نالت استحسان الجمهور والنقاد، مثل الشريط الدانماركي "ماراثون فلسطين" لسيمون كسبيرسن ويوهان لارسن.
وحافظ المهرجان كعادته على إقامة حصص صباحية لمناقشة الأفلام التي شاهدها الجمهور في السهرة، وهو ما يسهم في تكوين أجيال سينمائية جديدة. وبالتوازي مع هذه الحصص نُظّمت سلسلة من الورشات لتدريب الهواة على إتقان صناعة الصورة وتوليفها بطريقة سهلة وفي متناول كافة شرائح المتفرّجين.