ويرى كثيرون أن استضافة الأردن نهايات كأس العالم للناشئات، سيحقّق العديد من المكاسب التي ستعود على البلاد بالكثير من الفائدة، ليس في المجال الرياضي وحسب، وإنّما في مجالات أخرى متعلّقة بالسياحة والاقتصاد وغيرها.
وسائل إعلام أردنية، منشغلة بالترويج قدر الإمكان لـ"إنجازات" اللّجنة المنظمة المحليّة للنهائيات، من خلال إعداد تقارير إخبارية، تبرز مشاعر التفاؤل والأمل في تحقيق نتائج مرضية، وتنقل صور ابتسامات عريضةٍ مرتسمةٍ على وجوه لاعبات المنتخب، وكأن "الكأس" أصبح في خزانة الاتّحاد.
شعارات فضفاضة
من زاوية أخرى، لا يُمكن إخفاء آثار معاناة بادية في وجوه اللاعبات والجهاز الفني المرافق لهن، عقب كل لقاء تلفزيوني أو ندوة صحافية، رغم محاولة تجاهلها من بعض الوسائل الإعلامية، وما يدور في كواليس البطولة، يلخصّه ياسين البطوش، والد لاعبتي منتخب الناشئات، لين ولجين، في الصعوبات التي يواجهها المنتخب، في حديثه إلى "جيل العربي الجديد".
يوضح البطوش أنه منذ إعلان اختيار الأردن لاستضافة البطولة العالمية عام 2013، رُفعت شعارات "مترهّلة" تدعو إلى دعم منتخب الناشئات بكل السّبل، إلا أن شيئًا من ذلك لم يتحقّق، ولم تكن تلك الوعود في مستوى تطلعات لاعبات الفريق، على حدّ تعبيره.
لم تقوَ اللجنة المحلية المنظمة للبطولة على توفير أدنى مقوّمات الراحة والاستعداد النفسي للفتيات، ولا حتى مرافق صحيّة داخل الملعب المخصّص للتدريبات، ما يضطر اللاعبات للتنقّل خارج معسكر التدريب لقضاء حوائجهن، يضيف المتحدّث.
مباراة اللّيل
من جهته، يتّهم أيمن العبادي، والد اللاعبة لين، منظّمي الحدث الرياضي بالتهاون في القيام بواجباتهم تجاه لاعبات المنتخب، مضيفًا أنهم لم يوفّروا حتى وسائل النقل، ما دفع بأهاليهم للقيام بهذا الدور نيابة عن اتحاد الكرّة. وأوضح العبادي أن النقل اقتصر على حافلة تنقل اللاعبات من أماكن مخصّصة لتجمعهن، إلى معسكرات التدريب فقط برفقة الطاقم الفني للفريق، متسائلًا: "كيف يمكن أن نتطلّع إلى نتيجة إيجابية بعد كل هذا الجهد؟".
حالة من التذمّر والقلق رافقت أجواء التحضيرات للبطولة العالمية. ولم تتوقّف معاناة المشاركين بها عند هذا الحد، بل تجاوزتها إلى غياب الإنارة عن الملعب المخصّص للتدريب وإقامة المعسكر، ما جعل مهمّة التدريب ومراقبة الأداء داخل الملعب أشبه ما تكون بلعبة "الغميضة"، حسب أحمد البطوش.
يضيف ليث النبر، والد اللاعبة جيدا، إلى كل هذه الانشغالات عدم توفّر وسائل الأمن والصّحة داخل معسكر التدريبات. هنا، يعتبر النبر عدم وجود سيارة إسعاف على الأقل خلال التمارين، كان أكبر دليل على الفشل في محاولة الاهتمام بالناشئات، مستطردًا بقوله: "وكأنهم لم يتعلّموا من الحوادث السابقة التي رافقت فعاليات رياضية، راح ضحيتها رياضيون بعد أن تعذّر توفير العناية الطبية لهم".
الكرةُ والدّراسة
لاعبة منتخب الناشئات الأردني لين البطوش، أوضحت في حديثها إلى "جيل العربي الجديد"، وجهًا آخر للمعاناة التي رافقت لاعبات المنتخب خلال الفترة الماضية، تجلّت بعدم التنسيق الجدّي بين اتّحاد كرة القدم الأردني من جهة، ووزارة التربية والتعليم من جهة أخرى. فمعظم لاعبات منتخب الناشئات، هنّ طالبات على مقاعد الدراسة، توضح لين، إلا أن هذه الناحية لم تلقى اهتمامًا لدى كثير من المنظّمين، من أجل تفريغ الفتيات للتدريب، ومخاطبة الوزارة بهذا الشأن، ما تسبّب في ضغوط "رهيبة" على المستوى الذهني والبدني للّاعبات.
لم تنكر لين الدور الكبير الذي لعبه الاتحاد الأردني لكرة القدم واللجنة المنظمة في دعم المنتخب، وتوفير وسائل رفع اللّياقة البدنية والذهنية الكروية، لمجاراة لاعبات الفرق المشاركة، تمثّلت في إقامة معسكرات خارجية، وإجراء مباريات ودية، سواء مع أندية عالمية أو منتخبات محلية، على حدّ توضيحها.
في مقابل ذلك، أبدت لين، إلى جانب العديد من زميلاتها في المنتخب، خلال حديثهن إلى "جيل العربي الجديد"، تحفظهن من قرار الاستغناء عن المدرب الوطني، وإسناد مهمّة التدريب لمدرب أجنبي، قبل بدء البطولة بشهرين فقط، ما صعّب، بحسبهن، من آلية التواصل ما بين اللاعبات والكادر التدريبي، فضلًا عن افتقاد الرغبة الحقيقية لدى المدرّب الأجنبي في بث الروح الوطنية التي يتمتّع بها المدرب الوطني.
ملايين الدولارات
من جانبه، أكد نائب رئيس الاتحاد الأردني لكرة القدم، رئيس مجلس إدارة اللّجنة المنظِّمة المحلِّية لبطولة كأس العالم لكرة القدم للسيدات تحت 17 سنة، صلاح صبره، أن الجميع وقف إلى جانب منتخب الناشئات، منذ الإعلان عن منح الأردن حق استضافة بطولة العالم، مبينًا أن ملّف الأردن لاستضافة بطولة كأس العالم 2016 للناشئات كان الأكثر تنظيماً وقبولًا ولاقى استحسان الاتحاد الدّولي لكرة القدم.
وأوضح صبره، في حديث إلى "جيل العربي الجديد"، أن الأردن أنفق ما يزيد عن 20 مليون دينار أردني (نحو 28.25 مليون دولار) على البنية التحتية من أجل البطولة، بالإضافة إلى توفير كافة متطلبات منتخب الناشئات، سواء من الناحية التدريبية أو الاجتماعية.
وحول الشكاوى التي نقلها "جيل العربي الجديد"، على لسان لاعبات منتخب الناشئات وذويهم للاتحاد، فنّد صبره وجود أي تقصير تجاه اللاعبات جملة وتفصيلًا، وأكد توفير الاتّحاد حافلة مخصّصة لنقل اللاعبات والكادر التدريبي، بالإضافة إلى تواجد طاقم صحي وطبي رافق المنتخب في كل تنقّلاته، فضلًا عن تفريغ ملعبين اثنين لإجراء التدريبات، يضيف المتحدّث.
فشل إعلامي
الصحافي والمذيع المتخصّص بالشأن الرياضي، جواد سليمان، كشف لـ"جيل العربي الجديد"، أن الاتحاد الأردني بالفعل لم يقصر من ناحية توفير المعسكرات التدريبية الخارجية والداخلية، إلا أنه فشل حتى اللحظة في الترويج الإعلامي الحقيقي لمثل هذا الحدث الرياضي الضخم محليًا، ولم يستطع مواكبته وتقديمه للمواطن الأردني بصورة تليق بمستوى الحدث.
وحول نجاح الحملة التي تقودها اللّجنة المنظّمة للبطولة، لتحفيز الجماهير الأردنية على متابعة مبارياتها، يرى سليمان أن ذلك شبه مستحيل، نظرًا للفشل في الترويج القوي للبطولة محليًا، بالإضافة لافتقاد الرغبة لدى الجماهير لمتابعة فريق الناشئات الكروي، الذي "قتله" الإعلام الأردني بتجاهله، وبالتالي بَهُت حسّ المتابعة من قبل المواطنين الأردنيين، على حدّ تعبيره.
ويُنتظر أن يلعب المنتخب الأردني للناشئات أولى مبارياته ضمن المباراة الافتتاحية التي ستقام على استاد عمّان الدولي، في 30 أيلول/ سبتمبر، وفقاً للجدول الرسمي لمباريات البطولة التي ستقام على مدار 22 يوماً، تقول عنها اللاعبة لين إنها "تشكّل مسيرة أكثر من ثلاث سنوات من التحضير والاستعداد، تخطّت من خلال الفتيات صعوبات كبيرة، أقلّها تجاوز العوائق النفسية، التي تلازم الرياضة العربية بشكل دائم".
(الأردن)