بعد جهود حثيثة قام بها محامو وأفراد عائلة الفنان والمؤرّخ والناقد الفلسطيني كمال بُلّاطه (1942 – 2019)، الذي رحل الأسبوع الماضي، تُقام عند الرابعة من ظهر الإثنين المقبل مراسم الدفن والعزاء في القدس المحتّلة التي ستحتضن ثراه بعد غياب دام خمسة وثلاثين عاماً.
وكانت سلطات الاحتلال الصهيوني قد رفضت على مدار الأيام الثمانية الماضية إدخال جثمانه، كما صرحّت عائلته في وقت سابق لـ"العربي الجديد"، ولم ييق أمامها سوى تشييعه في برلين، حيث رحل عنها في بيته فجر السادس من الشهر الجاري بشكل مفاجئ.
في بيان أصدرته اليوم الاربعاء عائلة الراحل، قالت "وأخيراً سيعود ابن القدس كمال بُلّاطه إلى وطنه كي يوارى في مقبرة بطريركية القدس للروم الأرثوذكس في جبل صهيون، إلى جانب أجداده وأفراد عائلته". وأضافت "وُلد كمال في القدس وترعرع في المدينة المقدسة، وتعود جذور عائلته في المدينة القديمة إلى أكثر من ستمئة عام، وهذا بحسب وثائق الكنيسة الأرثوذكسية المقدسية ومختار العرب الأرثوذكس في المدينة القديمة المرحوم السيد متري الطبّه".
وأوضحت أنه "منذ نصف قرن، مُنع كمال بُلّاطه من العودة إلى مدينته، لأنه كان في الخارج، من أجل إقامة معرض فنّي له في بيروت عام 1967 حين وقوع الاحتلال. وقد فشلت جميع محاولاته للعودة إلى القدس، ولم يستطع العودة سوى مرة واحدة خلال زيارة قصيرة عام 1984، قام فيلم "غريب في وطنه" بتسجيلها".
"لكن رغم ذلك فقد بقيت القدس في قلبه وفنّه. كانت أمنيته أن يعود إلى القدس ويُدفن فيها. وبعد أسبوع كامل من الجهود الحثيثة التي قام بها محاموه وأفراد عائلته حصلنا اليوم على إذن بنقل جثمانه إلى مدينته من أجل أن يرقد فيها"، بحسب البيان ذاته.
وأكدّت العائلة أن "حقّ عودة كلّ فلسطيني إلى وطنه هو حق ّمقدّس، وهذا الحقّ ينطبق بشكل خاص على المقدسيين الذين تشكّل المدينة المقدّسة جزءاً من حياتهم وجوهر وجودهم". وأنه "من المُحزن أن يُمنع هذا الحقّ عن كثيرين، ونحن اليوم نشعر بمرارة الرضا عندما يستطيع شخص له قامة كمال بُلّاطه الفنية ويحظى بالاحترام والتقدير في العالم أن يُحقّق أمنيته الأخيرة. فليرقد بسلام وليكن ذكره مؤبّداً".
سوف تجري مراسم الدفن في القدس عند الرابعة من بعد ظهر الاثنين، 19 آب/ أغسطس 2019، في كنيسة صهيون حيث يوارى في مثواه الأخير. كما تقبل التعازي في "النادي الأرثوذكسي العربي" في بيت حنينا- مفرق الضاحية يوم الإثنين بعد الدفن مباشرة ويوم الثلاثاء من الساعة 4 – 8 مساء.
علماً أن صلاة الجنّاز لراحة نفسه ستقام في العاشرة والنصف من صباح غدٍ الخميس 15 آب/ أغسطس الجاري في "كنيسة القديس جاورجيوس الأنطاكية الأرثوذكسية" في برلين.
يُذكر أن كمال بُلّاطه من أبرز المشتغلين في تأصيل الفن العربي والإسلامي والفن التشكيلي الفلسطيني عبر مؤلّفاته التأريخية والتنظيرية والنقدية التي قدّمت بحثاً أصيلة وقراءات نقدية عميقة، وفي مسار موازٍ أتت أعماله الفنية خلاصة متطوّرة ومبتكرة لفهمه للهندسة والزخرفة والفنون الإسلامية.