خلال فترة لا تتجاوز 10 أيام نجح مهاتير محمد، العائد إلى رئاسة الوزراء في ماليزيا، في محاربة العديد من مظاهر الفساد في بلاده، وخلال هذه الفترة القصيرة فتح الرجل أكثر الملفات فسادا، وهو الصندوق السيادي الماليزي الذي تقدر حجم الأموال المنهوبة منه بأكثر من 4.5 مليارات دولار، كما بدا التحقيق مباشرة مع نجيب عبد الرزاق رئيس الوزراء السابق وزوجته وبعض أقاربه بتهم الفساد والتربح وتلقي رشى خارجية منها 681 مليون دولار من الأسرة المالكة بالسعودية.
وعقب تسلمه مهام منصبه بدأ مهاتير محمد التحرك سريعا لاسترداد أموال منهوبة جرى تحويلها إلى الخارج عبر عمليات غير مشروعة، بل وأكد أن حكومته تسعى لاسترداد مليارات الدولارات دخلت في عمليات غسل أموال في الولايات المتحدة وسويسرا ودول أخرى.
10 مايو
في هذا اليوم عبر مهاتير محمد بوابة "اسيتانا نيغارا" في القصر الملكي الماليزي في العاصمة كوالالمبور في طريقه لإلقاء القسم أمام ملك ماليزيا محمد الخامس، ليبدأ رسميا مهام رئاسة الحكومة، وليصبح سابع رئيس وزراء للبلاد، منذ الاستقلال عن الاستعمار البريطاني عام 1957، وليبدأ في نفس اليوم فتح ملف الفساد على مصراعيه.
ودخل مهاتير صاحب 92 عاما إلى العمل السياسي، محملا بآمال وطموحات شعب يرغب في إعادة صاحب التجربة الاقتصادية المتميزة في بلاده والعالم، خصوصا أنه كان الوجه الأبرز في عملية الانتقال الاقتصادي الماليزي.
وبدأ مهاتير عمله رافعا شعار مكافحة الفساد عاليا، وعازما على إصلاح "أخطاء" الحكومة السابقة التي ترأسها نجيب عبد الرزاق.
12 مايو
بعد يومين على تنصيبه رسميا، أدرجت السلطات الماليزية، اسم رئيس الوزراء السابق نجيب عبد الرزاق وزوجته روسمة منصور في قائمة الممنوعين من السفر، إثر تحقيقات بفضائح فساد واتهامات بتمرير مئات الملايين من الدولارات عبر حساباته المصرفية بطرق غير شرعية.
وأعلنت سلطات الهجرة في ماليزيا في هذا اليوم أن رئيس الوزراء السابق نجيب رزاق وزوجته وضعا في قوائم الممنوعين من مغادرة البلاد.
14 مايو
تعهدت حكومة حزب "تحالف الأمل"، بقيادة مهاتير محمد، بإلغاء ضريبة السلع والخدمات، وإعادة تطبيق ضريبة المبيعات والخدمات، واستمرار الحرب على الفساد، وهذه مطالب كان يدرجها الرجل في حملته الانتخابية التي هزم فيها رزاق.
كما رفض مهاتير الادعاء بأن عائدات البلاد ستنخفض إذا تم إلغاء ضريبة السلع والخدمات البالغة 6%، وأكد أن عدم كفاية الأموال عند الحكومة الحالية ليس بسبب قلة مصدر الدخل، ولكنه بسبب سوء الاستخدام وتبديد الأموال الحكومية.
ولفت إلى أن لدى الحكومة فكرة عامة عن مكان الخبير المالي لاو تيك جو، المتهم بأنه على صلة بمخطط لاختلاس مليارات الدولارات من الصندوق.
ونقلت وكالة "برناما" عن الأمين العام للحكومة الماليزية، محمد علي حمزة، قوله إنه تم منع محمد إروان سريجار عبد الله، سكرتير عام الخزانة وهو أكبر موظف في وزارة المالية، من ممارسة مهامه، وتم نقله إلى منصب آخر حتى يوم 13 يونيو/حزيران.
15 مايو
مُنح المدعي العام محمد أباندي علي "إجازة"، في انتظار التحقيق في دوره في فضيحة تبرئة رئيس الوزراء السابق عام 2016 والخاصة بالصندوق السيادي، وأصدر تعليماته لكل الوزارات بالامتناع عن تدمير وثائق، على أن يدرس "منعه من السفر" استناداً إلى معطيات التحقيق.
وكان المدعي العام قد برّأ نجيب عام 2016 من ارتكاب أي خطأ في ارتباط نجيب بالفساد وخصوصا بشأن الهبة السعودية التي سبق وأقرت عام 2016، على لسان وزير خارجيتها عادل الجبير، بأنها أهدته 681 مليون دولار دون مقابل.
16 مايو
قال رئيس الوزراء الماليزي إن حكومته تسعى لاسترداد مليارات الدولارات التي حولت إلى الولايات المتحدة وسويسرا ودول أخرى في "عمليات غسل أموال".
وأضاف قائلا: "حكومتي ستسعى لاسترداد تلك المبالغ لسداد ديون الحكومة التي تراكمت على مدار سنوات"، بحسب وكالة أسوشييتد برس.
وأوضح أن التركيز على الفساد مهم، لأننا بحاجة لاسترداد تلك الأموال من سويسرا والولايات المتحدة وسنغافورة وربما لوكسمبورغ.. سنتواصل مع حكومات تلك الدول لاستعادة تلك الأموال، دون إعطاء تفاصيل أخرى.
17 مايو
شدد مهاتير محمد على أهمية اجتثاث الفساد من جذوره وأعلن عن تأسيس حركة "مكافحة الفساد" لتعنى بالتصدي لظواهر الفساد في كل مؤسسات الدولة.
وأضاف: "يجب أن تتم إدارة شؤون الدولة بسيادة القانون وخضوع الجميع له بغض النظر عن الصفة والمنصب".
ودعا مهاتير مواطني بلاده إلى أن تقتصر هداياهم للوزراء وموظفي الحكومة الجديدة على الزهور والطعام حصرا.
ونقلت صحيفة The Star عنه: "أنا ممتن لكل من دعم ائتلافنا بالتبرعات، خلال الحملة الانتخابية. ولكن الآن انتهى وقت التبرعات وأدعو جميع الراغبين في التعبير عن دعمهم للحكومة الجديدة بتقديم الهدايا، إلى تقديم الورود والطعام فقط للوزراء وموظفي الحكومة من الآن فصاعدا. نحن نريد التأكد منذ البداية من عدم وجود أي فساد في الحكومة الجديدة".
18 مايو
أفادت وسائل إعلام ماليزية بأن رئيس الوزراء السابق نجيب عبد الرزاق استدعي للمثول أمام سلطات مكافحة الفساد في إطار التحقيق في اتهامات ضده، وذكرت وكالة "برناما" الماليزية الحكومية أنه تم استدعاء عبد الرزاق للمثول أمام اللجنة الماليزية لمكافحة الفساد الثلاثاء القادم.
وتشير التقارير إلى أن مليارات الدولارات نهبت من الصندوق الحكومي من جانب عبد الرزاق وأسرته والمقربين منه. وأغلقت حكومته تحقيقات داخلية في الفضيحة واعتقلت منتقدين كانوا يطالبون بتحقيقات كاملة واسكتت وسائل الإعلام التي نشرت تقارير عن القضية.
وعلى مدار العامين الماضيين تشهد ماليزيا حالة من الاضطرابات السياسية، والتي تركز بشكل رئيس على فساد الحكومة، وتسببها في تراجع الأداء الاقتصادي، الذي انعكس على تراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار، واستنزاف احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي.
وانهار احتياطي النقد بماليزيا بأكثر من 40 مليار دولار خلال الفترة من 2012 – 2015، كما انخفضت قيمة العملة المحلية بنحو 33% في الفترة من أغسطس/آب 2014 وحتى نهاية يناير/كانون الثاني 2015.
وهذه ليست المرة الأولى التي يحمل مهاتير شعار مكافحة الفساد، إذ سارع إبان أزمة 1997 إلى مواجهة الفساد الذي ضرب القطاع المصرفي آنذاك، والذي كان أحد أسباب الأزمة.
وانتشرت القروض الرديئة أو منح قروض قصيرة الأمد لمشروعات طويلة الأمد، وهو ما دعا مهاتير في ذلك الوقت لإعطاء صلاحيات أكبر للمصرف المركزي الماليزي، للرقابة على أعمال المصارف ووضع قواعد جديدة للائتمان.
(العربي الجديد)