على وقع الخطوات الأنيقة للمدعوين إلى اليوم الوطني الفرنسي في قصر الصنوبر في بيروت، حضرت فرقة موسيقية شعبية بالطبل والساكسفون. كسرت ألحان فيروز رتابة الموسيقى الكلاسيكية المنبعثة من داخل السفارة.
لم تطل السيدة المتأنقة النظر إلى التظاهرة، التي نظمتها الحملة الدولية للإفراج عن جورج عبد الله من السجون الفرنسية. تمتمت السيدة كلمات بالفرنسية، قبل أن تستلم لإيقاع كعبها العالي وتنساق مع غيرها إلى ما يشبه البساط الأحمر لمهرجانات كان.
يقبع المواطن اللبناني جورج عبد الله في سجن "لانميزان" الفرنسي منذ العام 1984 بعد اعتقاله بتهمة محاولة اغتيال دبلوماسيين غربيين وإسرائيليين في فرنسا.
استحق عبد الله الإفراج المشروط عنه عام 1999، لكن النيابة العامة الفرنسية نقضت ثمانية طلبات إفراج تقدم بها محامو عبد الله ووافق عليها القضاء.
ويرجع عضو "الحملة الدولية للإفراج عن جورج عبد الله"، بسام القنطار، سبب رفض النيابة العامة الفرنسية الإفراج عن عبد الله إلى "الرضوخ الكامل للإملاءات الأميركية على فرنسا".
وأشار القنطار إلى أن "قضية جورج على موعد حاسم في 13 سبتمبر/أيلول المقبل، إذ سيصدر القضاء الفرنسي قراره بشأن طلب الإفراج المشروط رقم 9 الذي تقدم به محامو عبدالله".
وعبد الله هو عضو في الحزب الشيوعي اللبناني، انضم لصفوف المقاومة الفلسطينية خلال الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1978، ويبلغ من العمر ستين عاماً قضى أغلبها في سجنه الفرنسي.
ورغم المناشدات المتكررة من عائلة عبدالله للدولة اللبنانية، لم يتحرك لبنان بشكل رسمي تجاه فرنسا إلا قبل أعوام قليلة من خلال كتاب رفعه النائب سيمون أبي رميا، إلى وزارة الخارجية اللبنانية عبر رئاسة مجلس النواب، وتضمن مطالعة قانونية تثبت حقه في الحصول على إطلاق سراح مشروط بعد انتهاء محكوميته.
كما طرح رئيس الحكومة السابق، نجيب ميقاتي، قضية جورج خلال زيارته إلى فرنسا في فبراير/شباط 2012. ونقلت عنه وسائل الإعلام الفرنسية قوله: "سأطلب من الفرنسيين إعادة النظر بطلب الإفراج عنه. إنها قضية إنسانية". كما شكل ميقاتي لجنة وزارية لمتابعة ملف جورج، ما لبثت أن توقفت عن عملها.
وتقصير الحكومة اللبنانية هو ما تشكو منه شقيقة عبدالله التي حضرت إلى الوقفة التضامنية معه أمام مقر إقامة السفير الفرنسي. وتقول: "شبعنا من الكلام والوعود الحكومية، بالأمس أعلنوا عن لجنة المتابعة ثم توقف عملها، واليوم يرفض رئيس الحكومة تمام سلام استقبالنا".
لم يتعد عدد المشاركين في الوقفة الخمسين. هتفوا لحرية جورج عبد الله من السجون الفرنسية، قبل أن يفاجئهم حضور موكب وزير التربية والتعليم العالي إلياس بو صعب الذي حضر متضامناً: "أنتم تطالبون بما كفله القانون لجورج عبد الله، فهو استحق الإفراج المشروط عنه، وسأنقل صوتكم لمجلس الوزراء".
تواصلت الفعالية بنفس الزخم. تعالت الهتافات ومعها أصوات الموسيقى. قابلهم تشديد القوى الأمنية من الخناق، فتم زيادة عدد العناصر الأمنية المسلحين بالهراوات وأدوات مكافحة الشغب.
لم تقع أي مواجهات وبقيت مسافة الشارع الفاصلة بين السفارة والمتظاهرين هادئة. واستمرّ الحفل في منزل السفير الفرنسي بحضور السياسيين والرسميين اللبنانيين، من دون أن يُستفز هؤلاء من وجود مواطن لبناني في السجن الفرنسي من غير وجه حق.