06 نوفمبر 2024
للقدس أهلها
عندما كنا صغاراً، سرح خيالنا بالطير الأبابيل التي هبت لنجدة الكعبة من الهدم، وكيف أن الأمر لم يكن يشغل بال عبد المطلب جد الرسول، صلى الله عليه وسلم، وجيش أبرهة الحبشي على أبواب مكة، بل ذهب إليه، لكي يطلب منه أن يعيد إليه المائة بعير التي استولى عليها في أثناء زحفه، فتعجب أبرهة من سيد قومه الذي لم يأت لأبرهة العظيم، لكي يرجوه ألا يستمر في تقدّمه نحو البيت الحرام، فأجابه عبد المطلب بقوله: "أنا رب هذه الإبل، أما البيت فله ربٌّ يحميه".
عندما سرحنا بالطير الأبابيل التي رمت جيش أبرهة العظيم بحجارةٍ من جهنم، فجعلته كعصف مأكول، كنا نرى أن للمقدّسات على هذه الأرض ربها الذي يحميها، لكننا، حين كبرنا، ورأينا كيف تنتهك المقدسات وتدنّس، أدركنا أن هذا لم يحدث إلا بأيدينا، بظلمنا أنفسنا وغيرنا، وبذلنا وهواننا، فاليوم تتعرّض مدينة القدس لمؤامرةٍ جديدة تُضاف إلى ما تعرضت له من قبل، وهي إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، القدس عاصمة لإسرائيل، أمام خنوعٍ رسمي عربي لسياسة الولايات المتحدة الأميركية التي خرقت القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ولوائح حقوق الإنسان، فهل ينتظر العرب، كما قال نجم الدين أربكان، طير الأبابيل لكي تنقذها؟ هل ينتظر مليار ونصف المليار من المسلمين هذه الطيور، لكي تأتي للقضاء على ثمانية ملايين إسرائيلي، فتحرقهم وتسلم القدس لأهلها وتعيدها إلى عروبتها؟
إذا كان هذا ما ينتظره العرب المسلمون فهذا لن يحدث؛ لأن القدس العربية، قضيةً ومدينةً وتاريخا لن يتم إنقاذها إلا بلحمةٍ عربيةٍ دولية، تبدأ بأهل القدس، حيث عليهم الدخول في معركة البقاء، فالسكان العرب في المدينة المقدسة لا يتجاوز عددهم ما نسبته العشرين بالمائة من سكانها. ولذلك، يجب أن يعمل رجال الأعمال الفلسطينيون، والمقدسيون خصوصا، لنقل مكاتبهم إلى القدس، وإنشاء مشاريع عقارية استثمارية ضخمة، وبناء أحياء سكنية جديدة، لحل التكدّس السكاني الذي يعيشه أهل المدينة، ويجب أن تقدّم تسهيلاتٍ ليتمكن المقدسي من شراء المنازل فيها، والخطوة الأهم هي الإجابة عن سؤالٍ ملح عن كيفية تمكن الاحتلال الإسرائيلي من تهجير حوالي ثلاثين ألف مقدسي، وترحيلهم إلى "كفر عقب". وفي الوقت نفسه، يقوم العدو الإسرائيلي بحركة عمران سريعة ودؤوبة، في مقابل سياسة هدم بيوت المقدسيين، وخفض نسبة السكان المقدسيين الأصليين في مناطق حيوية من المدينة، مثل الشيخ جراح والبلدة القديمة وسلوان.
القدس بحاجة لوأد الخيانة الداخلية فيها، لأنها تعيش أخطر مراحلها، فسكانها بحاجةٍ للثبات والصمود، وتوحيد صفها الداخلي أهم من كل الفعاليات الشعبية التي يقع فيها الضحايا. وباختصار شديد، فإن الصين التي استمرت أكثر من ثلاثمائة عام في بناء سور الصين العظيم لم تستطع حماية بلادها من الأعداء الذين دخلوا إليها عن طريق العملاء والجواسيس والخونة.
إذن، هذه الخطوة مهمة، وكلنا ثقة في أن القدس سوف تنتصر، كما أكد صلاح الدين الأيوبي في آخر ما قاله، عندما استعاد القدس من أيدي الصليبيين "لن يدخلوها ما دمنا رجالا". وكما انتصرت القدس في انتفاضة البوابات الإلكترونية، وكما انتصرت انتفاضة أطفال الحجارة التي تمر ذكراها الثلاثون هذه الأيام بالمناسبة على مخططات شارون، وأخرجت العدو صاغرا من غزة، ولم تتحقق أمنيته في إغراق غزة في بحرها.
قدسنا أمام معركة كبيرة وطويلة، وتتكون من مراحل وبنود ومحطات؛ تبدأ بأهل القدس، وتمر بفتح الطريق نحو نهضةٍ فكريةٍ واعيةٍ تسير برؤية مستنيرة، منطلقة من منبر واحد، يستوعب متطلبات مواجهة "صفقة القرن"، ومرورا أيضا بالدعوة إلى حملة مقاطعة للمنتجات الأميركية التي تضخ في الأسواق العربية، وإغلاق السفارات الأميركية في البلاد العربية، والتراجع عن كل التنازلات العربية المهينة التي بدأت منذ نكبة فلسطين، وتعاظمت مع هزيمة يونيو/ حزيران في العام 1967، والتي أوصلت العرب إلى قعر التاريخ، وأجرت دماء شعوبهم أنهاراَ، فبذلك ستظل القدس تقاوم أي دخيلٍ يحاول المساس بها، وسيظل أهلها يقولون: هنا القدس.
عندما سرحنا بالطير الأبابيل التي رمت جيش أبرهة العظيم بحجارةٍ من جهنم، فجعلته كعصف مأكول، كنا نرى أن للمقدّسات على هذه الأرض ربها الذي يحميها، لكننا، حين كبرنا، ورأينا كيف تنتهك المقدسات وتدنّس، أدركنا أن هذا لم يحدث إلا بأيدينا، بظلمنا أنفسنا وغيرنا، وبذلنا وهواننا، فاليوم تتعرّض مدينة القدس لمؤامرةٍ جديدة تُضاف إلى ما تعرضت له من قبل، وهي إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، القدس عاصمة لإسرائيل، أمام خنوعٍ رسمي عربي لسياسة الولايات المتحدة الأميركية التي خرقت القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ولوائح حقوق الإنسان، فهل ينتظر العرب، كما قال نجم الدين أربكان، طير الأبابيل لكي تنقذها؟ هل ينتظر مليار ونصف المليار من المسلمين هذه الطيور، لكي تأتي للقضاء على ثمانية ملايين إسرائيلي، فتحرقهم وتسلم القدس لأهلها وتعيدها إلى عروبتها؟
إذا كان هذا ما ينتظره العرب المسلمون فهذا لن يحدث؛ لأن القدس العربية، قضيةً ومدينةً وتاريخا لن يتم إنقاذها إلا بلحمةٍ عربيةٍ دولية، تبدأ بأهل القدس، حيث عليهم الدخول في معركة البقاء، فالسكان العرب في المدينة المقدسة لا يتجاوز عددهم ما نسبته العشرين بالمائة من سكانها. ولذلك، يجب أن يعمل رجال الأعمال الفلسطينيون، والمقدسيون خصوصا، لنقل مكاتبهم إلى القدس، وإنشاء مشاريع عقارية استثمارية ضخمة، وبناء أحياء سكنية جديدة، لحل التكدّس السكاني الذي يعيشه أهل المدينة، ويجب أن تقدّم تسهيلاتٍ ليتمكن المقدسي من شراء المنازل فيها، والخطوة الأهم هي الإجابة عن سؤالٍ ملح عن كيفية تمكن الاحتلال الإسرائيلي من تهجير حوالي ثلاثين ألف مقدسي، وترحيلهم إلى "كفر عقب". وفي الوقت نفسه، يقوم العدو الإسرائيلي بحركة عمران سريعة ودؤوبة، في مقابل سياسة هدم بيوت المقدسيين، وخفض نسبة السكان المقدسيين الأصليين في مناطق حيوية من المدينة، مثل الشيخ جراح والبلدة القديمة وسلوان.
القدس بحاجة لوأد الخيانة الداخلية فيها، لأنها تعيش أخطر مراحلها، فسكانها بحاجةٍ للثبات والصمود، وتوحيد صفها الداخلي أهم من كل الفعاليات الشعبية التي يقع فيها الضحايا. وباختصار شديد، فإن الصين التي استمرت أكثر من ثلاثمائة عام في بناء سور الصين العظيم لم تستطع حماية بلادها من الأعداء الذين دخلوا إليها عن طريق العملاء والجواسيس والخونة.
إذن، هذه الخطوة مهمة، وكلنا ثقة في أن القدس سوف تنتصر، كما أكد صلاح الدين الأيوبي في آخر ما قاله، عندما استعاد القدس من أيدي الصليبيين "لن يدخلوها ما دمنا رجالا". وكما انتصرت القدس في انتفاضة البوابات الإلكترونية، وكما انتصرت انتفاضة أطفال الحجارة التي تمر ذكراها الثلاثون هذه الأيام بالمناسبة على مخططات شارون، وأخرجت العدو صاغرا من غزة، ولم تتحقق أمنيته في إغراق غزة في بحرها.
قدسنا أمام معركة كبيرة وطويلة، وتتكون من مراحل وبنود ومحطات؛ تبدأ بأهل القدس، وتمر بفتح الطريق نحو نهضةٍ فكريةٍ واعيةٍ تسير برؤية مستنيرة، منطلقة من منبر واحد، يستوعب متطلبات مواجهة "صفقة القرن"، ومرورا أيضا بالدعوة إلى حملة مقاطعة للمنتجات الأميركية التي تضخ في الأسواق العربية، وإغلاق السفارات الأميركية في البلاد العربية، والتراجع عن كل التنازلات العربية المهينة التي بدأت منذ نكبة فلسطين، وتعاظمت مع هزيمة يونيو/ حزيران في العام 1967، والتي أوصلت العرب إلى قعر التاريخ، وأجرت دماء شعوبهم أنهاراَ، فبذلك ستظل القدس تقاوم أي دخيلٍ يحاول المساس بها، وسيظل أهلها يقولون: هنا القدس.