أثار تأخر تساقط الأمطار في تونس مخاوف من ارتفاع أسعار الخضراوات والغلال، حيث تعول البلاد على الأمطار في زراعة المحاصيل، لاسيما الحبوب التي تستأثر بالمساحات الكبرى.
"لا أتوقع أن يستمر استقرار أسعار الخضراوات والغلال في المدة القادمة، فكل المؤشرات تدل على أن الأسعار ستأخذ منحى تصاعدياً إذا ما استمر انحباس الأمطار".. هكذا عبر منجي العبيدي، تاجر السوق المركزية بالعاصمة تونس، عن خشيته من أن تطاول موجة الغلاء المواد الأساسية والغلال الموسمية.
ويقول العبيدي لـ"العربي الجديد"، إن تأثير الأمطار على وفرة السلع كبير جداً، مشيراً إلى أن شريحة هامة من التونسيين ممن هجروا اللحوم الحمراء والأسماك لم يبق أمامهم إلا الخضراوات لتكوين وجبات متوازنة، فالشتاء بالنسبة لهم موسم الرخاء وأكثر الفصول جوداً بما توفره الطبيعة.
ويضيف منجي أن إمداد الأسواق بالمنتجات، حتى الآن، لا يزال جيداً، مشيراً إلى أن المزارعين يوفرون الكميات التي تضمن التوازن بين العرض والطلب، غير أن النقص المسجل في أمطار الشتاء قد يؤدي إلى تراجع في العرض، وهو ما سيؤثر سلباً على الأسعار وفق تقديره.
وتشير الأرقام المسجلة من مصالح الأرصاد الجوية إلى أن كميات الأمطار المسجلة على امتداد، شهري ديسمبر/ كانون الأول ويناير/كانون الثاني، أقل بنسبة 50% تقريباً من المعدلات العادية مع ارتفاع غير معهود في درجات الحرارة، التي بلغت 27 درجة في بعض المناطق.
وتعوّل الزراعة التونسية عموماً على كرم الطبيعة، ولا سيما منها زراعة الحبوب التي تستأثر بالمساحات الكبرى، كما تعتمد جهات كبيرة مختصة في زراعة الخضر والغلال على الأمطار، حيث لا تتجاوز المساحات التي تعتمد على نظام الري حوالي 8% من إجمالي المساحة الزراعية المقدرة بنحو 5.3 ملايين هكتار (12.6 مليون فدان).
ولا يعد المجال الزراعي في تونس مجرّد قطاع لإنتاج الغذاء فحسب، بل منظومة مجتمعية متكاملة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي·
وتعد الزراعة قطاع التشغيل بامتياز، حيث يوفر أكثر من 36% من فرص العمل المباشر، وبالإضافة إلى توفيره لكل المواد الأساسية من الغذاء والخضراوات والغلال في تونس، فإن البلاد تعتمد عليه للتصدير وبالتالي مصدراً للعملة الصعبة.
ويعتبر حسين العيساوي، رئيس نقابة تجار سوق الجملة بالعاصمة، أنه بالإضافة إلى عامل تساقط الأمطار، فإن ثمة عوامل أخرى تتدخل في تحديد الأسعار النهائية، لافتاً إلى أن حالة الفوضى التي تعيشها السوق أدت إلى اضطراب تحديد الأسعار القصوى والدنيا التي كانت تحددها سوق الجملة ذات المصلحة الوطنية.
وتعود أكبر سوق جملة في العاصمة على إصدار نشرة يومية تحدد فيها الأسعار القصوى والدنيا للأسعار، على أن تكون هذه النشرة مرجعية بالنسبة لكل التجار ويترتب عن مخالفتها تعرض التاجر لإجراءات من مصالح المراقبة التابعة لوزارة التجارة.
ويقول العيساوي في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن حالة من الانفلات تعم سوق الجملة، الأمر الذي أدى إلى عزوف المزارعين عن تزويد تجار الجملة بالمحاصيل، وهو ما يجعل حصر الأسعار أمراً صعباً حسب تأكيد رئيس نقابة التجار.
ويشكو العيساوي من جنوح المزارعين نحو المسالك الموازية وغير الرسمية، لافتاً إلى أن المزودين باتوا يفضلون تسويق منتجاتهم إلى تجار التجزئة مباشرة دون المرور بتجار الجملة، خوفاً من تسلط الوسطاء المسيطرين على سوق الجملة ممن يبتزون المزارعين.
وأكد أن سوء التحكم في الأسواق وانحباس الأمطار سيساهمان بشكل كبير في ارتفاع الأسعار، معتبراً أن المستهلك يتحمّل فاتورة الطبيعة وسوء تسيير الأسواق العمومية.
وشهدت الأسعار عموماً، خلال السنوات الأربعة الماضية، ارتفاعاً يقدره الخبراء بين 30% و60%، وهو ما أثر على النفقات الأسرية المخصصة للطعام.
وبحسب دراسة أجراها المعهد الوطني للاستهلاك (حكومي)، فإن وزن مجموعة التغذية في النفقات الأسرية تراجع خلال السنوات الأخيرة من 32% إلى 27%، مقابل ارتفاع نفقات إيجار السكن والفواتير وكذلك الاتصالات (الإنترنات والهاتف) التي ارتفعت من 3.5% إلى 5.5%.
كما أشارت الدراسة إلى وجود تحول في نوعية التغذية لدى العائلات التونسية، وذلك بتراجع استهلاك اللحوم الحمراء لارتفاع أسعارها، مقابل الارتفاع المطرد في الإقبال على اللحوم البيضاء ومشتقات الدواجن، ولا سيما البيض لتعويض نقص البروتينات في التغذية.
اقرأ أيضا: تونس تواجه عجز الموازنة برسوم المخالفات والضرائب
"لا أتوقع أن يستمر استقرار أسعار الخضراوات والغلال في المدة القادمة، فكل المؤشرات تدل على أن الأسعار ستأخذ منحى تصاعدياً إذا ما استمر انحباس الأمطار".. هكذا عبر منجي العبيدي، تاجر السوق المركزية بالعاصمة تونس، عن خشيته من أن تطاول موجة الغلاء المواد الأساسية والغلال الموسمية.
ويقول العبيدي لـ"العربي الجديد"، إن تأثير الأمطار على وفرة السلع كبير جداً، مشيراً إلى أن شريحة هامة من التونسيين ممن هجروا اللحوم الحمراء والأسماك لم يبق أمامهم إلا الخضراوات لتكوين وجبات متوازنة، فالشتاء بالنسبة لهم موسم الرخاء وأكثر الفصول جوداً بما توفره الطبيعة.
ويضيف منجي أن إمداد الأسواق بالمنتجات، حتى الآن، لا يزال جيداً، مشيراً إلى أن المزارعين يوفرون الكميات التي تضمن التوازن بين العرض والطلب، غير أن النقص المسجل في أمطار الشتاء قد يؤدي إلى تراجع في العرض، وهو ما سيؤثر سلباً على الأسعار وفق تقديره.
وتشير الأرقام المسجلة من مصالح الأرصاد الجوية إلى أن كميات الأمطار المسجلة على امتداد، شهري ديسمبر/ كانون الأول ويناير/كانون الثاني، أقل بنسبة 50% تقريباً من المعدلات العادية مع ارتفاع غير معهود في درجات الحرارة، التي بلغت 27 درجة في بعض المناطق.
وتعوّل الزراعة التونسية عموماً على كرم الطبيعة، ولا سيما منها زراعة الحبوب التي تستأثر بالمساحات الكبرى، كما تعتمد جهات كبيرة مختصة في زراعة الخضر والغلال على الأمطار، حيث لا تتجاوز المساحات التي تعتمد على نظام الري حوالي 8% من إجمالي المساحة الزراعية المقدرة بنحو 5.3 ملايين هكتار (12.6 مليون فدان).
ولا يعد المجال الزراعي في تونس مجرّد قطاع لإنتاج الغذاء فحسب، بل منظومة مجتمعية متكاملة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي·
وتعد الزراعة قطاع التشغيل بامتياز، حيث يوفر أكثر من 36% من فرص العمل المباشر، وبالإضافة إلى توفيره لكل المواد الأساسية من الغذاء والخضراوات والغلال في تونس، فإن البلاد تعتمد عليه للتصدير وبالتالي مصدراً للعملة الصعبة.
ويعتبر حسين العيساوي، رئيس نقابة تجار سوق الجملة بالعاصمة، أنه بالإضافة إلى عامل تساقط الأمطار، فإن ثمة عوامل أخرى تتدخل في تحديد الأسعار النهائية، لافتاً إلى أن حالة الفوضى التي تعيشها السوق أدت إلى اضطراب تحديد الأسعار القصوى والدنيا التي كانت تحددها سوق الجملة ذات المصلحة الوطنية.
وتعود أكبر سوق جملة في العاصمة على إصدار نشرة يومية تحدد فيها الأسعار القصوى والدنيا للأسعار، على أن تكون هذه النشرة مرجعية بالنسبة لكل التجار ويترتب عن مخالفتها تعرض التاجر لإجراءات من مصالح المراقبة التابعة لوزارة التجارة.
ويقول العيساوي في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن حالة من الانفلات تعم سوق الجملة، الأمر الذي أدى إلى عزوف المزارعين عن تزويد تجار الجملة بالمحاصيل، وهو ما يجعل حصر الأسعار أمراً صعباً حسب تأكيد رئيس نقابة التجار.
ويشكو العيساوي من جنوح المزارعين نحو المسالك الموازية وغير الرسمية، لافتاً إلى أن المزودين باتوا يفضلون تسويق منتجاتهم إلى تجار التجزئة مباشرة دون المرور بتجار الجملة، خوفاً من تسلط الوسطاء المسيطرين على سوق الجملة ممن يبتزون المزارعين.
وأكد أن سوء التحكم في الأسواق وانحباس الأمطار سيساهمان بشكل كبير في ارتفاع الأسعار، معتبراً أن المستهلك يتحمّل فاتورة الطبيعة وسوء تسيير الأسواق العمومية.
وشهدت الأسعار عموماً، خلال السنوات الأربعة الماضية، ارتفاعاً يقدره الخبراء بين 30% و60%، وهو ما أثر على النفقات الأسرية المخصصة للطعام.
وبحسب دراسة أجراها المعهد الوطني للاستهلاك (حكومي)، فإن وزن مجموعة التغذية في النفقات الأسرية تراجع خلال السنوات الأخيرة من 32% إلى 27%، مقابل ارتفاع نفقات إيجار السكن والفواتير وكذلك الاتصالات (الإنترنات والهاتف) التي ارتفعت من 3.5% إلى 5.5%.
كما أشارت الدراسة إلى وجود تحول في نوعية التغذية لدى العائلات التونسية، وذلك بتراجع استهلاك اللحوم الحمراء لارتفاع أسعارها، مقابل الارتفاع المطرد في الإقبال على اللحوم البيضاء ومشتقات الدواجن، ولا سيما البيض لتعويض نقص البروتينات في التغذية.
اقرأ أيضا: تونس تواجه عجز الموازنة برسوم المخالفات والضرائب