حسم النظام المصري برئاسة عبدالفتاح السيسي خياره بشأن التعامل مع أحكام قضائية ينتظر صدورها في الأيام المقبلة في قضية تيران وصنافير، بشكل يصب في صالح الموقف السعودي من خلال إحالة الملف إلى البرلمان، بهدف توجيه رسائل إيجابية تجاه الرياض من بوابة مصير الجزيرتين. وقد اختارت الحكومة، خلال اجتماعها أمس الخميس برئاسة شريف إسماعيل، إحالة اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية، الموقعة بالقاهرة في 18 أبريل/نيسان 2016، إلى مجلس النواب، طبقاً للإجراءات الدستورية المعمول بها في هذا الشأن.
وكان النظام حائراً بشأن علاقته بالسعودية، بين تقديم قرابين للتهدئة أو التصعيد السياسي؛ فبالتوازي مع مغازلة إيران من خلال المضي قدماً في تطوير العلاقة مع العراق في مجال البترول تحديداً، أعدّت الحكومة المصرية سيناريوهات عدة للتعامل مع الأحكام القضائية المنتظر صدورها في الأيام المقبلة في قضية، تصب في صالح الموقف السعودي، والتأكيد على أن السيسي لم يتراجع عن الاتفاق الذي عقده مع الملك سلمان ونجله الأمير محمد خلال زيارتهما للقاهرة في إبريل/ نيسان الماضي.
ووفقاً لمصادر حكومية موثوقة، فإن رئيس الوزراء شريف إسماعيل عقد اجتماعاً، يوم الاثنين، مع كل من وزراء العدل والشؤون القانونية والتعاون الدولي وممثل لهيئة قضايا الدولة (وكيل الحكومة أمام المحاكم)، شهد استعراض الموقف القانوني للقضية، في انتظار صدور حكمين مهمين بشأنها، الأول غداً السبت، من محكمة مستأنف الأمور المستعجلة، والثاني في 16 يناير/ كانون الثاني المقبل، من المحكمة الإدارية العليا.
وأفادت مصادر مطّلعة بأن "الحضور رجّحوا صدور حكم من الأمور المستعجلة يوم غد السبت، بوقف تنفيذ حكم محكمة القضاء الإداري الصادر في يونيو/ حزيران الماضي ببطلان التنازل عن الجزيرتين، وذلك على الرغم من سابقة صدور العديد من الأحكام القضائية التي تحظر على محكمة الأمور المستعجلة التعرض لأحكام القضاء الإداري بإيقاف التنفيذ، لما في ذلك من مخالفة واضحة للدستور".
وأوضحت المصادر أنه "بناء على هذا الترجيح، فقد ناقش الاجتماع ثلاث خطط رئيسية: أولها أن تتعامل الحكومة مع حكم الأمور المستعجلة كحكم واجب النفاذ بذاته، وأنه أوقف الحكم بمصرية الجزيرتين، على أن تبادر الحكومة مباشرة إلى تقديم مشروع الاتفاقية الموقعة مع السعودية بشأن تعيين الحدود البحرية إلى مجلس النواب، لمناقشتها وإقرارها مباشرة من خلال تعليمات من الدائرة الاستخباراتية – الرقابية التي يديرها اللواء عباس كامل، مدير مكتب السيسي، وتتحكم في الأكثرية النيابية المسماة دعم مصر". لكن الخيار رسا في النهاية على توجيه رسائل إيجابية للرياض حتى قبل صدور الحكم يوم غد، من خلال إحالة الاتفاقية إلى البرلمان، منذ يوم أمس الخميس.
ومن فوائد هذه الخطة أنه إذا وافق مجلس النواب على الاتفاقية وأقرّها بقانون، فسوف يكون محظوراً على محكمة القضاء الإداري أو الإدارية العليا المضي قدماً في نظر القضية، سواء في صورة الطعن المتداول حالياً أو أي دعاوى جديدة، لأن الهيئة القضائية المختصة بمراقبة القوانين هي المحكمة الدستورية العليا، التي تعتبر في مصر جزءاً أساسياً من السلطة الحاكمة، وهي معروفة ببطء نظر الدعاوى، ما قد يؤدي لتعطيل القضية لأشهر أو سنوات.
اقــرأ أيضاً
وراهن أصحاب هذه الخطة على أن تتأكد السعودية من جدية مصر في تنفيذ الاتفاق بإقراره في البرلمان، وفي الوقت نفسه إتاحة فرصة جديدة للتفاوض السياسي حول باقي المواضيع محل الخلاف بين القاهرة والرياض، وعلى رأسها الدور المصري في اليمن وسورية وعلاقة السيسي بقوى الإسلام السياسي وكيفية إنفاق المساعدات المالية التي وصلت أو من المقرر وصولها، ومدى إمكانية استئناف إمداد مصر بالبترول السعودي تطبيقاً للاتفاق الثنائي بين البلدين والمعطّل عملياً منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
أما الخطة الثانية، التي تم صرف النظر، فكانت تتمحور حول إتاحة مزيد من الوقت أمام التفاوض السياسي من دون إظهار لجدية تنفيذ الاتفاق ودون نقل الملف إلى البرلمان حالياً، وتتمثل في استغلال صدور الحكم المنتظر من الأمور المستعجلة، الذي سيكون مخالفاً لحكم سابق أصدرته محكمة القضاء الإداري بإلزام الحكومة بالاستمرار في تنفيذ حكم بطلان التنازل عن الجزيرتين، واللجوء إلى المحكمة الدستورية لفض التناقض بين حكمي الأمور المستعجلة والقضاء الإداري بشأن التنفيذ.
وفي هذه الحالة كانت الحكومة ستجد هامشاً إضافياً للمناورة مع السعودية من ناحية، والالتفاف على القضاء الوطني من ناحية أخرى، فهذه الخطوة كانت ستمكنها من إهمال تنفيذ أي حكم محتمل ضدها من الإدارية العليا بحجة أنها تنتظر الفصل في التناقض من المحكمة الدستورية. ما يعني أنها ستكسب المزيد من الوقت قد يمكنها من إيجاد حلّ سياسي للأزمة، وحينها قد تحيل الاتفاقية إلى البرلمان لتصبح المحكمة الدستورية هي الساحة الوحيدة للتقاضي في هذا الملف.
أما الخطة الثالثة، فتقضي بالانتظار لحين صدور حكم الإدارية العليا المرتقب في القضية، ثم الطعن على تنفيذه أمام محكمة الأمور المستعجلة أيضاً، وبتراكم أحكام الأمور المستعجلة الصادرة لصالحها، تتوجه الحكومة إلى مجلس النواب بالاتفاقية موهمةً الرأي العام بأنها حصلت على أحكام قاطعة بوقف تنفيذ أحكام بطلان التنازل عن الجزيرتين، ومن ثم قطع الطريق أمام عودة القضية مرة أخرى إلى القضاء الإداري أو الإدارية العليا. وأكدت المصادر أن "الحكومة ترغب في استثمار ملف تيران وصنافير لاستمالة السعودية مجدداً". ودللت على ذلك بأن الحكومة أرسلت إلى السفير السعودي بالقاهرة أحمد قطان رسائل إيجابية عدة في هذا الصدد عبر وزيرة التعاون الدولي سحر نصر.
يذكر أن الخلافات المكتومة بين السيسي والسعودية تفجرت على الملأ للمرة الأولى بعد تصويت مصر لصالح مشروعي قرارين متناقضين بشأن الأحداث الدامية في مدينة حلب السورية؛ أحدهما تبنته فرنسا وإسبانيا وحظي بقبول السعودية والولايات المتحدة وبريطانيا، والثاني تبنته روسيا وعارضته جميع الدول المذكورة. وعلقت السعودية إمداداتها البترولية المتعاقد عليها لمصر في الأشهر الثلاثة الأخيرة، وعزت مصادر سعودية ذلك القرار إلى توجيهات سياسية عليا، ما اضطر مصر للتباحث مع دول أخرى لتوفير احتياجاتها البترولية.
ووفقاً لمصادر حكومية موثوقة، فإن رئيس الوزراء شريف إسماعيل عقد اجتماعاً، يوم الاثنين، مع كل من وزراء العدل والشؤون القانونية والتعاون الدولي وممثل لهيئة قضايا الدولة (وكيل الحكومة أمام المحاكم)، شهد استعراض الموقف القانوني للقضية، في انتظار صدور حكمين مهمين بشأنها، الأول غداً السبت، من محكمة مستأنف الأمور المستعجلة، والثاني في 16 يناير/ كانون الثاني المقبل، من المحكمة الإدارية العليا.
وأفادت مصادر مطّلعة بأن "الحضور رجّحوا صدور حكم من الأمور المستعجلة يوم غد السبت، بوقف تنفيذ حكم محكمة القضاء الإداري الصادر في يونيو/ حزيران الماضي ببطلان التنازل عن الجزيرتين، وذلك على الرغم من سابقة صدور العديد من الأحكام القضائية التي تحظر على محكمة الأمور المستعجلة التعرض لأحكام القضاء الإداري بإيقاف التنفيذ، لما في ذلك من مخالفة واضحة للدستور".
ومن فوائد هذه الخطة أنه إذا وافق مجلس النواب على الاتفاقية وأقرّها بقانون، فسوف يكون محظوراً على محكمة القضاء الإداري أو الإدارية العليا المضي قدماً في نظر القضية، سواء في صورة الطعن المتداول حالياً أو أي دعاوى جديدة، لأن الهيئة القضائية المختصة بمراقبة القوانين هي المحكمة الدستورية العليا، التي تعتبر في مصر جزءاً أساسياً من السلطة الحاكمة، وهي معروفة ببطء نظر الدعاوى، ما قد يؤدي لتعطيل القضية لأشهر أو سنوات.
وراهن أصحاب هذه الخطة على أن تتأكد السعودية من جدية مصر في تنفيذ الاتفاق بإقراره في البرلمان، وفي الوقت نفسه إتاحة فرصة جديدة للتفاوض السياسي حول باقي المواضيع محل الخلاف بين القاهرة والرياض، وعلى رأسها الدور المصري في اليمن وسورية وعلاقة السيسي بقوى الإسلام السياسي وكيفية إنفاق المساعدات المالية التي وصلت أو من المقرر وصولها، ومدى إمكانية استئناف إمداد مصر بالبترول السعودي تطبيقاً للاتفاق الثنائي بين البلدين والمعطّل عملياً منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
أما الخطة الثانية، التي تم صرف النظر، فكانت تتمحور حول إتاحة مزيد من الوقت أمام التفاوض السياسي من دون إظهار لجدية تنفيذ الاتفاق ودون نقل الملف إلى البرلمان حالياً، وتتمثل في استغلال صدور الحكم المنتظر من الأمور المستعجلة، الذي سيكون مخالفاً لحكم سابق أصدرته محكمة القضاء الإداري بإلزام الحكومة بالاستمرار في تنفيذ حكم بطلان التنازل عن الجزيرتين، واللجوء إلى المحكمة الدستورية لفض التناقض بين حكمي الأمور المستعجلة والقضاء الإداري بشأن التنفيذ.
وفي هذه الحالة كانت الحكومة ستجد هامشاً إضافياً للمناورة مع السعودية من ناحية، والالتفاف على القضاء الوطني من ناحية أخرى، فهذه الخطوة كانت ستمكنها من إهمال تنفيذ أي حكم محتمل ضدها من الإدارية العليا بحجة أنها تنتظر الفصل في التناقض من المحكمة الدستورية. ما يعني أنها ستكسب المزيد من الوقت قد يمكنها من إيجاد حلّ سياسي للأزمة، وحينها قد تحيل الاتفاقية إلى البرلمان لتصبح المحكمة الدستورية هي الساحة الوحيدة للتقاضي في هذا الملف.
يذكر أن الخلافات المكتومة بين السيسي والسعودية تفجرت على الملأ للمرة الأولى بعد تصويت مصر لصالح مشروعي قرارين متناقضين بشأن الأحداث الدامية في مدينة حلب السورية؛ أحدهما تبنته فرنسا وإسبانيا وحظي بقبول السعودية والولايات المتحدة وبريطانيا، والثاني تبنته روسيا وعارضته جميع الدول المذكورة. وعلقت السعودية إمداداتها البترولية المتعاقد عليها لمصر في الأشهر الثلاثة الأخيرة، وعزت مصادر سعودية ذلك القرار إلى توجيهات سياسية عليا، ما اضطر مصر للتباحث مع دول أخرى لتوفير احتياجاتها البترولية.