وكلف مدبولي بالبدء فوراً في تنفيذ الحلول المقترحة "بشجاعة" بحسب تعبيره، في إطار خطة الإصلاح والتطوير المحددة ببرنامج زمني، والعمل على "ترشيد وحوكمة الإنفاق داخل المؤسسات الصحافية القومية"، محذراً من استمرار الوضع على ما هو عليه، لأنه "لولا القرارات الحاسمة التي اتخذها الرئيس عبد الفتاح السيسي بهدف الإصلاح الاقتصادي، ما كان أحد يتخيل ما سيحدث لهذا البلد"، بحسب تعبيره.
وقال مدبولي لرؤساء مجالس إدارات وتحرير المؤسسات الصحافية القومية: "عليكم أن تتخذوا قرارات شجاعة من دون النظر لأي اعتبارات أخرى"، مجدداً التأكيد على استمرار مساندة الدولة لهذه المؤسسات "شريطة استمرارها في تحقيق الغرض من إنشائها، والمتمثل في المساهمة في زيادة التنوير والتوعية، وتشكيل الفكر والوعي الصحيح، مع غرس الانتماء لدى المواطنين".
وشدّد على أهمية استمرار التنسيق والتعاون بين وزارة الدولة للإعلام، والهيئة الوطنية للصحافة، "لتنفيذ خطة تطوير وإصلاح المؤسسات الصحافية القومية، وصولاً للنهوض بها، وزيادة قوة تأثيرها في المجتمع عبر إصداراتها المختلفة"، بحسب تعبيره، مشيراً إلى أن الحكومة طلبت أكثر من مرة وضع خطة عمل واضحة للتعامل مع التحديات التي تواجه هذه المؤسسات، بناءً على توجيه من رئيس الجمهورية بمتابعة هذا الملف.
وأفاد مدبولي بأن الاجتماع شهد اتفاقاً على عدم فتح باب التعيين في أي مؤسسة صحافية قومية، ومنع التعاقدات، وكذلك منع المد فوق سن المعاش، إلا في حالات الضرورة القصوى، ولكبار الكتاب فقط، وبالتنسيق مع الهيئة الوطنية للصحافة، بالإضافة إلى العمل على تسوية مديونيات هذه المؤسسات باستغلال أصولها، وكذا دراسة موقف كل الإصدارات، واتخاذ موقف حاسم بشأنها.
وختم قائلاً إنه "عقد جلسات عدة مع الوزراء المعنيين بهدف تطوير تلك المؤسسات، تواكباً مع الثورة الرقمية التي يشهدها العالم، والتطورات التكنولوجية الواسعة المصاحبة لملف الصحافة والإعلام".
وخلال الاجتماع، قدم رئيس الهيئة الوطنية للصحافة عرضاً حول خطة تطوير المؤسسات الصحافية القومية، والتي تتضمن محورين رئيسيين، أولهما يتعلق بالرقمنة والثورة التكنولوجية، سعياً لتحديث هذه المؤسسات كي تلحق بالثورة التكنولوجية الرابعة، وإعادة تأهيلها لمسايرة هذه الثورة، إلى جانب التركيز على زيادة التفاعل مع مواقع التواصل الاجتماعي، حتى يستعيد الإعلام دوره في تشكيل الرأي العام.
وأضاف رئيس الهيئة أن مؤسسة الأهرام أنشأت بوابة إلكترونية، ومن المقرر أن تتبعها بقية المؤسسات الصحافية، مبيناً أن خطة التطوير تشمل تنظيم سلسلة من الدورات التدريبية للكوادر الصحافية والإعلامية، بالاشتراك بين الهيئة ووزارتي الاتصالات والقوى العاملة، والجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، والجامعات المصرية، لصقل مهاراتهم في المجال التكنولوجي والرقمي.
وأشار إلى أهمية تفعيل نظام الإعلانات الرقمية بنماذجها التكنولوجية الحديثة، والإعلانات التفاعلية والمتحركة، ودراسة تسويق كنوز المؤسسات الصحافية القومية (الصور النادرة – الوثائق – الأحداث التاريخية – مقالات كبار الكتاب)، معتبراً أن الهدف من "الرقمنة" هو السعي للتفاعل المباشر مع وسائل التواصل الاجتماعي، وإنشاء أقسام داخل كل بوابة إلكترونية لتقديم حلول لمشكلات الجماهير.
وفيما يتعلق بالمحور الثاني لخطة التطوير، قال إنه يتعلق بإعادة الهيكلة والإصلاح المالي والإداري لتلك المؤسسات، وذلك من خلال الحصر الشامل للأصول، وتحديد الأعباء والالتزامات المحملة بها، وتقديم مقترحات لحسن استثمارها، مع اقتراح إنشاء مشروعات مشتركة بين المؤسسات، ولكل مؤسسة على حدة، وكذا إنشاء صندوق لتمويل مشروعات المؤسسات الصحافية، يكون رأس ماله من خلال طرح بعض الأصول المملوكة للمؤسسات، واستثمارها في المشروعات المقترحة.
وأوضح أن الهيئة أعدت خطة التطوير بالتعاون مع عدد من الجهات المعنية، وفي مقدمتها وزارات التخطيط وقطاع الأعمال والمالية والاستثمار والتضامن الاجتماعي، وكذلك الأجهزة الرقابية والخبراء المختصين، وخلُصت إلى مجموعة من التوصيات، منها البدء في استثمار أصول المؤسسات الصحافية "استثماراً رشيداً"، يدر عائداً يسمح لها بتحمل أعبائها، ويوازن بين الإيرادات والنفقات.
ومضى رئيس الهيئة قائلاً إن "الخطة تشمل تحديد الأصول التي سيتم بيعها سواء للاستثمار أو لسداد الديون، والفصل بين منصبي الإدارة والتحرير، وكذا المراقبة الدورية الجادة للمؤسسات، فيما يتعلق بزيادة الإيرادات، وتقليل النفقات، وتراجع الفجوة التمويلية، بالإضافة إلى ما يتعلق بالخطوات التنفيذية في استثمار الأصول غير المستغلة بعد إقرارها".
وأشار كذلك إلى أنها تشمل دراسة الأنشطة الخاسرة في المؤسسات، بما في ذلك الإصدارات، ومقترحات مجالس الإدارة لعلاج تلك الخسائر، وفقاً لجدول زمني مدته ستة أشهر يتم بعدها اتخاذ القرار بشأنها، مع قيام الهيئة بإصدار نماذج إرشادية للوائح المالية والإدارية يتم في ضوئها إقرار لوائح كل مؤسسة، والعمل على حسن اختيار رؤساء مجالس الإدارة ورؤساء التحرير، بناءً على معايير الأداء التي تحققت بالنسبة لشاغلي المناصب الآن.
وتابع رئيس الهيئة أن هناك ضرورة في محاسبة القيادات الصحافية أولاً بأول عما يحدث من أخطاء، وتدعيم مشروع الهيئة لرقمنة المؤسسات الصحافية الذي بدأ تنفيذه في مؤسسة الأهرام، بخلاف دراسة ملف الديون، والاقتراحات الخاصة بجدولتها، بما يُمكن المؤسسات من الوفاء باحتياجاتها، وتحديد الأصول التي يتم التنازل عنها كجزء من سداد الديون، والاتفاق على جدولة الديون المتبقية.
وتضمنت خطة التطوير، بحسب قوله، إنشاء شركات متخصصة أو قابضة في التوزيع والطباعة والإعلان، تمارس أنشطة مستقلة عن المؤسسات، وتخفف الأعباء عنها، على أن يتم البدء في تنفيذ خطة الإصلاح فور إعادة تشكيل الجمعيات العمومية، ومجالس الإدارة والتحرير، بوصفها المخولة بإصدار القرارات، بحيث يتسلم كل منهم الخطة المتفق عليها، ويقدم تقريراً ببدء تنفيذها.
وتعيش الصحافة القومية في مصر حالة من القلق منذ إعلان الحكومة عن وضع خطة لتطويرها، تشمل إلغاء ودمج بعض الإصدارات، بحيث تصدر "الأهرام اليومية" و"الأهرام المسائي" عن مؤسسة "الأهرام"، و"الأخبار" و"الأخبار المسائية" عن مؤسسة "أخبار اليوم"، و"الجمهورية" و"المساء" عن مؤسسة "دار التحرير"، وإلغاء باقي الإصدارات الأسبوعية أو نصف شهرية أو شهرية الصادرة عنها.
ويواجه الآلاف من الصحافيين والإداريين والعمال بتلك المؤسسات خطر البطالة، في ظل ما يتردد بشأن تقليص أعداد الصحف القومية، وبيع أصول عدد من مقراتها الكائنة على كورنيش النيل، أو في مناطق مميزة كوسط القاهرة، مقابل سداد جزءاً من ديونها، والتي تُقدر بالمليارات من الجنيهات، نتيجة تراكم الديون لدى مصلحة الضرائب وهيئة التأمينات الاجتماعية.
وتعاني الصحف الحكومية من تهالُك معدات الطباعة وتوقف بعضها، وارتفاع أسعار الأوراق والأحبار، وهو ما أدى إلى انخفاض أعداد ورق الصحف القومية اليومية، وزيادة أعداد المرتجعات في ظل الظروف الاقتصادية التي يعاني منها الكثير من فئات الشعب المصري.