معارك شرق وغرب ليبيا: مراوحة وصعوبة في الحسم

15 أكتوبر 2014
استبعاد الحسم العسكري من الطرفين (محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -

أدى إسقاط مجلس شورى ثوار بنغازي لأغلب المعسكرات داخل مدينة بنغازي الليبية، والمؤيدة للواء المتقاعد خليفة حفتر ولـ"عملية الكرامة" التي يتزعمها منذ السادس عشر من مايو/أيار الماضي، إلى تغيّر أوضاع المواجهات عسكرياً، فبعد أن كانت حرب المدن داخل مدينة بنغازي، وهو الأسلوب الذي أجاده مقاتلو مجلس شورى الثوار، تحوّلت المواجهات إلى حرب تقليدية تعتمد على مسرح عمليات مفتوح مترامي الأطراف، يتطلب كثافة نارية ثقيلة متحركة وثابتة، وحشوداً بشرية للتعويض عن القتلى والجرحى، وطيراناً حربياً يعيق تقدم قوات المجلس نحو آخر معقلين لقوات حفتر في محيط مطار وقاعدة بنينا الجوية، ومعسكر الرجمة الذي يطل من مرتفع على منطقة بنينا، وضرورة توفر خطوط إمداد قريبة.

هذه العناصر المستجدة في المواجهة المفتوحة بين الطرفين، تصبّ في صالح قوات حفتر، الذي لديه امتداد خارج مدينة بنغازي إلى بعض مناطق شرق ليبيا، أهمها مدينة المرج القريبة من بنغازي، ومدينة البيضاء، وطبرق في أقصى الشرق الليبي، معقل التأييد الشعبي والبرلماني لعملية حفتر العسكرية. كما أنه قادر على الحصول على إمدادات تأتيه من مصر والإمارات إما براً، حيث الحدود المصرية الليبية القريبة من طبرق، أو بحراً عن طريق ميناءي طبرق، المدني والآخر التابع للقوات البحرية، إضافة إلى المناطق والقرى الصغيرة الممتدة بين هذه المدن والتي يحظى فيها حفتر بتأييد شعبي، وإمداد بشري بالمقاتلين.

ومن اللافت أيضاً أن قادة مجلس شورى ثوار بنغازي لا يتواجدون في غرف قيادة تضع الخطط والاحتمالات القريبة والبعيدة وتدير المعركة، بل هم عبارة عن قادة يتقدمون الخطوط الأمامية ويشتبكون مباشرة بالأسلحة المتوسطة والثقيلة مع قوات حفتر، الذي يتواجد هو وقيادته من العسكريين الموالين له في غرف قيادة وتحكم بعيدة نسبياً عن مسرح الاشتباكات العسكرية.

وبالتالي بات الحسم العسكري وفق هذا الطرح مستبعداً من أي من الطرفين، بعدما فشل التفوق في الغطاء الجوي الذي تحظى به قوات حفتر في حسم المعركة لصالحه، إذ إن الطائرات المصرية المقاتلة إلى جانبه هي طائرات اعتراض في الجو، وليست مخصصة لقصف مواقع أو قوات متحركة على الأرض.

وقد أبدى الخبراء العسكريون هذه الملاحظة منذ بداية "عملية الكرامة"، مشيرين الى أن استخدام هذا النوع من طائرات، وتحديداً "ميغ 21 و23" لكي يحقق الأهداف المرجوة منه لا بد أن يقصف أهدافه من ارتفاعات منخفضة، وهو ما اعتبروه شبه مستحيل نتيجة اعتراضه بمضادات أرضية. وأشاروا أيضاً إلى أن إدخال طيران عمودي على خط المعارك يطير من ارتفاعات منخفضة غير مضمون النتائج نتيجة عدم تدمير الدفاعات الأرضية لقوات مجلس شورى الثوار.

أما في غرب ليبيا، فبات واضحاً مراوحة قوات "فجر ليبيا" في معاركها في الجبل الغربي، ولا سيما في منطقتي ككلة والقواليش بسبب عدم وصول الدعم الكافي لها، إضافة الى الموقف المتردد للأمازيغ الذين يقطنون بعض مدن الجبل الغربي (نالوت، كاباو، الرحيبات، جادو، يفرن) في الالتحاق والقتال الى جانب قوات "فجر ليبيا" من عدمه، تحسباً لانتقام الكتائب المسلّحة المتجمعة في مدينة الزنتان (القعقاع، الصواعق، المدني، وما يعرف بجيش قبائل ورشفانة)، والانقسام الحاصل داخل مدينة الزاوية غربي العاصمة طرابلس بشأن الاستمرار في الاشتباكات، إضافة الى بعض المشاكل الناشبة حديثاً بين قوات مصراتة، ومسلحين من طرابلس.

كل ما سبق يأتي في ظل غياب ملامح مشروع سياسي له رؤى وهياكل ورموز يجمع هذا الشتات، مما جعل المعارك ذات صبغة جهادية لا تنتج أو تؤسس لمشروع سياسي شامل، إضافة إلى امتداد آثار الخلافات بين النواب المقاطعين لمجلس النواب في طبرق حول جدوى الالتزام بحوار غدامس الذي دعت إليه وتبنته بعثة الأمم المتحدة في ليبيا إلى قادة وقوات "فجر ليبيا".

ففي الوقت الذي تدعم فيه قوات "درع الوسطى"، أحد أهم أذرع "فجر ليبيا" العسكرية، مسار حوار غدامس، فإن صلاح بادي وهو أحد أهم قادة قوات "فجر ليبيا"، يرفض الحوار مع مجلس النواب في طبرق، ويتهمه بمحاولة جلب التدخل الأجنبي الى ليبيا، وتصنيفه قوات "فجر ليبيا" كمنظمة إرهابية، وبالتالي لا يمكن لأي حوار أن ينجح مع برلمان طبرق، حسب وجهة نظره.

المساهمون