لم يكن الشاب عبد الحفيظ جمال (21 عاماً)، يعلم أن نصيحة أقرانه قد تقوده إلى كارثة. فهو بدا عادياً باندفاعه كأيّ شاب يتملّكه الشغف برياضة كمال الأجسام، سعياً منه للحفاظ على لياقته البدنية. يروي جمال بداية مأساته، لـ"العربي الجديد"، ويقول: "أدرس في جامعة النجاح الوطنية بمدينة نابلس في الضفة الغربية. وفي العام الثاني، بدأت بارتياد أحد نوادي كمال الأجسام. كنت أمارس التمارين 5 مرات أسبوعياً ثم آخذ راحة ليومين. وبعدها نصحني أصدقاء جدد بالمكمّلات الغذائية والمنشطات لترافق رحلة تدريبي، لأنها تعطي نتائج أفضل وبسرعة أكبر من الوضع الطبيعي".
يؤكد جمال أنه لم يكن يتناول البروتينات في الأشهر الأولى لتدريبه، لكن سرعان ما تبدّل الحال، وبات يستهلك البروتينات والمنشطات بشكل مفرط، مُستغلاً حالة النشاط وبروز العضلات التي رافقت فترة تناولها. ويقول إنّه لجأ إلى مكمّلات جديدة مثل "أمينو أسيد"، و"ماي فيوجن" وغيرهما.
ويتابع الشاب: "في الفترة الأولى، شعرت بتحسّن ونشاط. لكنني انقطعت عن التمارين لعدة أسابيع، ففوجئت بجسمي ينهار. وبدأت أشعر بالإرهاق، كما ترهّلت عضلاتي تدريجياً، وأصابتني أوجاع في معدتي". بعد ذلك، لجأ الشاب إلى مختصين، أكدوا أنّ استخدامه المُفرط للبروتينات والمنشطات أدى إلى نتائج سلبية على جسده ولياقته.
في المقابل، لدى ضياء العدم (22 عاماً)، من مدينة الخليل، وجهة نظر أخرى، يقول: "ألعب رياضة كمال الأجسام منذ عام ونصف، وليست لديّ أي مشاكل. وأستخدم البروتينات بشكل منتظم، عبر استشارة أحد المدربين المختصين". ويلفت العدم إلى أنّ تناوله البروتينات لا يمكن أن يكون على حساب الغذاء الطبيعي. وحول الأضرار التي تسببها المكمّلات الغذائية، يوضح أنّ هناك فرقاً شاسعاً ما بين البروتينات والهرمونات، فالأخيرة تؤدي إلى ضرر كارثي، على المدى الطويل، وتبدأ بالتعب والاضطراب النفسي، مروراً بتليّف الكبد، وقد تصل إلى التسبّب في العقم.
من جهته، يقول مدرب اللياقة وكمال الاجسام، عامر الجنيدي، إنّ "المشكلة لا تكمن في تناول البروتينات، بل في كيفية تعاطيها والبرنامج المتّبع لذلك". ويؤكد الجنيدي أنّ "المشكلة تبدأ لدى كثير من المتدربين عندما يأخذون البروتينات على عاتقهم الشخصي، آملين بجسد مميّز ومتناسق عبر ضغط الفترة الزمنية اللازمة لذلك".
ويشير إلى اختلاف البنية الجسدية وتفاوت القابلية ما بين شخص وآخر، وهذا ما يجب أن يأخذه المتدرب بالاعتبار حين يلجأ للبروتينات لزيادة الوزن أو حرق الدهون. في المقابل، يعترف الجنيدي بأنّ بعض أنواع البروتينات تباع في صالته، لكن بعد فحصها والتحقق من صلاحيتها. ويلفت إلى أنّ الكثير من المروّجين والتجار يحصلون على مكملات غذائية من مصادر مجهولة، إما عن طريق التهريب من خارج الوطن، أو من داخل الأراضي الإسرائيلية، ويلجأ هؤلاء لبيعها في صالات الضفة الغربية بالجملة وبأسعار تقلّ بكثير عن المتعارف عليه.
بدوره، يقول الطبيب مصطفى منصور، وهو صاحب تجربة طويلة في كمال الأجسام، إنّ البروتينات المخصصة للرياضة، تحوي تركيزاً مرتفعاً من مجموعة الأحماض الأمينية التي تعمل على بناء عضلات الجسم وتعويض خلاياها التالفة. أما المنشطات أو ما يُطلَق عليه الهرمونات، التي يستخدمها بعض المتدربين، فهي من مجموعة السترويدات، ووظيفتها زيادة النشاط والحيوية، فتعمل على تسريع نمو العضلات في فترة زمنية قصيرة.
منشطات
ويشير منصور إلى أنّ استخدام الهرمونات، يخلّف أضراراً حتمية يصفها بـ"الكارثية". وتتمثل هذه الأضرار بضغط الدم، وتعب عضلة القلب، ويمكن أن تؤدي، بفعل ترسبها لمدة طويلة، إلى تليّف الكبد لاحقاً. ويتابع منصور سرد الأضرار المرافقة للهرمونات، ويقول: "يمكن أن تسبب الفشل الكلوي نظراً لكثرة الأملاح والدهون الناتجة عنها، بالإضافة إلى تأثيرها السلبي على بقية أجهزة الجسم".
أما بالنسبة للبروتينات، فيقول منصور إنّ "الإفراط في استعمالها بشكل شبه يومي دون إراحة الجسم، يؤدي إلى الضرر التدريجي. فالإفراط يسبب الإرهاق، ويؤدي إلى إنهيار الجسم وضمور العضلات، ويخلق عبئاً على الكليتين والكبد". ويؤكد منصور أنّ أخطر ما في البروتينات هو عدم تصنيفها كدواء، ولجوء بعض التجار الجشعين من الشباب إلى طرحها بشكل سري مع تبديل ملصقات العلب، وبالتالي عدم توافر المعلومات الكافية حول مكوناتها ومكان تصنيعها.