22 ابريل 2017
من دون تجميل
يسرى السعيد (سورية)
قرأت لوينستون تشرشل: "إذا فتحنا خصاماً بين الماضي والحاضر سوف نفقد المستقبل".
عميقةٌ هذه الكلمات وموجعة في الوقت نفسه، فإذا حاولنا إسقاطها على مأساة العصر؛ ونقصد بها القضية السورية، لاستوقفتنا كلمات تشرشل بقوة، بل، ووضعت نصب أعيننا المصير الأسود الذي ينتظرنا، فإذا كان الخصام بين الماضي والحاضر يفقد المستقبل، فما الذي يفعله إطلاق الرصاص بوجه الماضي والحاضر، بل وإعدامهما؟
كل الصور نعايشها اليوم من ألم ومعاناة للمواطن السوري وتدمير لحاضره، وتشويه لماضيه، حيث لم يبق له أمل بالحفاظ على ما تبقى له من مقتنيات حاضره، ولا هو قابضٌ على ذاكرته، وما عاشه يوماً على أرض سوريته الحبيبة.
تعالت الصرخات قديماً بضرورة تجاوز الماضي، لبناء حاضرٍ أفضل؛ ولم نكن ندرك أننا سنخسر الماضي والحاضر والمستقبل معاً.
يوماً بعد يوم، انفكّت العلاقة بين الحاضر والماضي بإطلاق التهم وتبادلها بيننا، وكأننا نحمل الماضي سبب أخطائنا، وفشلنا بتجاوز بعض أخطائه، وكأننا نريد أن نقول للماضي: أنت سبب عجزنا الآن، وسبب إخفاقنا بالاجتماع على رأيٍ واحدٍ يخدمنا ويخدم مصالحنا؛ لم يعد الهم الواحد يجمعنا، ولا المصالح المشتركة شعارنا؛ كلٌّ منا مضى في طريق مختلف عن الآخر، وتسمع في الأخبار أن الفصيل الواحد يحوي داخله ألف فصيل، وأن العائلة الواحدة فرقها اختلاف مواقف أبنائها!
القابض على سوريته اليوم كالقابض على جمرة؛ وتتأرجح الأفكار متكئة على المصالح الشخصية، والمواقف المتسرّعة، والمبنية على أساس التعصّب حيناً، والثأر البغيض حيناً آخر، لم نعد نذكر من ماضي الأمة إلا سلبياتها، ولم نعد نغتنم من الحاضر إلا تدميره، وحتى أحلامنا الجميلة طويناها، وحُمِّلت في أدراج خزانة الحرب التي ليس لها أبواب، ولا أرض تثبت عليها.
دمرت الحرب ذاكرتنا إذاً، وبدل أن نصافح الحاضر صلبناه بمصائب وأهوالٍ لم يتجرأ المستعمر الفرنسي، ولا العثماني، أن يلحقها بنا، لكننا لازلنا نردّد أغنية الصباح والمساء: "كل ما جرى ويجري بفعل الاحتلال، كل ما جرى ويجري مخطط له"، ونحن المفعول به البريء الذي تلقّى كل الضربات، من دون أن نعترف أن الأذى والتدمير الذي سبّبناه لهذا البلد الحزين، فاق كل أنماط العقوق التي سجلها التاريخ بحق أمنا الأرض.
وبقي أن ندرك أن الماضي بأفكاره، وآثاره، وتماثيله، وأبنيته الشاهدة عليه والتي هدمت بأيدٍ غُيّب عنها العقل، وغابت عنها الرحمة، كانت همزة وصل بيننا وبين أشخاص أحبّوا سورية يوماً، وتعبوا لأجلها، وأن الحاضر الذي نخجل أن نكتب عن مصائبه التي نحياها، وعن الكوارث التي أصابته، وعن الجرائم التي اقترفناها عن سبق الإصرار والتصميم بحق كل جزء من أجزائه سيفقدنا المستقبل الذي تعلق عليه أي أمة آمالها، فلا ماضٍ نستند إليه، ولاحاضر نعمل عليه، ولا مستقبل ننشده، وهذه طبعاً ليست سوداوية، ولاهي إثم ذر الرماد في العيون؛ لكنها قراءة بسيطة وساذجة، ومنطقية في آن، لكل ما جرى ويجري على أرضنا السورية.
عميقةٌ هذه الكلمات وموجعة في الوقت نفسه، فإذا حاولنا إسقاطها على مأساة العصر؛ ونقصد بها القضية السورية، لاستوقفتنا كلمات تشرشل بقوة، بل، ووضعت نصب أعيننا المصير الأسود الذي ينتظرنا، فإذا كان الخصام بين الماضي والحاضر يفقد المستقبل، فما الذي يفعله إطلاق الرصاص بوجه الماضي والحاضر، بل وإعدامهما؟
كل الصور نعايشها اليوم من ألم ومعاناة للمواطن السوري وتدمير لحاضره، وتشويه لماضيه، حيث لم يبق له أمل بالحفاظ على ما تبقى له من مقتنيات حاضره، ولا هو قابضٌ على ذاكرته، وما عاشه يوماً على أرض سوريته الحبيبة.
تعالت الصرخات قديماً بضرورة تجاوز الماضي، لبناء حاضرٍ أفضل؛ ولم نكن ندرك أننا سنخسر الماضي والحاضر والمستقبل معاً.
يوماً بعد يوم، انفكّت العلاقة بين الحاضر والماضي بإطلاق التهم وتبادلها بيننا، وكأننا نحمل الماضي سبب أخطائنا، وفشلنا بتجاوز بعض أخطائه، وكأننا نريد أن نقول للماضي: أنت سبب عجزنا الآن، وسبب إخفاقنا بالاجتماع على رأيٍ واحدٍ يخدمنا ويخدم مصالحنا؛ لم يعد الهم الواحد يجمعنا، ولا المصالح المشتركة شعارنا؛ كلٌّ منا مضى في طريق مختلف عن الآخر، وتسمع في الأخبار أن الفصيل الواحد يحوي داخله ألف فصيل، وأن العائلة الواحدة فرقها اختلاف مواقف أبنائها!
القابض على سوريته اليوم كالقابض على جمرة؛ وتتأرجح الأفكار متكئة على المصالح الشخصية، والمواقف المتسرّعة، والمبنية على أساس التعصّب حيناً، والثأر البغيض حيناً آخر، لم نعد نذكر من ماضي الأمة إلا سلبياتها، ولم نعد نغتنم من الحاضر إلا تدميره، وحتى أحلامنا الجميلة طويناها، وحُمِّلت في أدراج خزانة الحرب التي ليس لها أبواب، ولا أرض تثبت عليها.
دمرت الحرب ذاكرتنا إذاً، وبدل أن نصافح الحاضر صلبناه بمصائب وأهوالٍ لم يتجرأ المستعمر الفرنسي، ولا العثماني، أن يلحقها بنا، لكننا لازلنا نردّد أغنية الصباح والمساء: "كل ما جرى ويجري بفعل الاحتلال، كل ما جرى ويجري مخطط له"، ونحن المفعول به البريء الذي تلقّى كل الضربات، من دون أن نعترف أن الأذى والتدمير الذي سبّبناه لهذا البلد الحزين، فاق كل أنماط العقوق التي سجلها التاريخ بحق أمنا الأرض.
وبقي أن ندرك أن الماضي بأفكاره، وآثاره، وتماثيله، وأبنيته الشاهدة عليه والتي هدمت بأيدٍ غُيّب عنها العقل، وغابت عنها الرحمة، كانت همزة وصل بيننا وبين أشخاص أحبّوا سورية يوماً، وتعبوا لأجلها، وأن الحاضر الذي نخجل أن نكتب عن مصائبه التي نحياها، وعن الكوارث التي أصابته، وعن الجرائم التي اقترفناها عن سبق الإصرار والتصميم بحق كل جزء من أجزائه سيفقدنا المستقبل الذي تعلق عليه أي أمة آمالها، فلا ماضٍ نستند إليه، ولاحاضر نعمل عليه، ولا مستقبل ننشده، وهذه طبعاً ليست سوداوية، ولاهي إثم ذر الرماد في العيون؛ لكنها قراءة بسيطة وساذجة، ومنطقية في آن، لكل ما جرى ويجري على أرضنا السورية.
مقالات أخرى
22 مارس 2017
04 فبراير 2017
29 ديسمبر 2016