بدأت حكاية موريس غيب الفنية سنة 1955، عندما كان لا يزال طفلاً في السادسة من عمره، يعيش في مدينة مانشستر الإنكليزية، وكوّن مع أخيه التوأم باري، وبقيادة أخيه الأكبر روبن، فرقة "راتل سنيكس"، وقد اعتمدوا على أسلوب الغناء الهارموني الجماعي. وبعدما هاجرت عائلة غيب إلى أستراليا سنة 1958، تحولت الهواية إلى مهنة، إذ بدأ الأطفال الثلاثة يغنون من أجل كسب رزقهم. وفي سنة 1959، تعرفوا إلى المذيع الأسترالي بيل غيتس، الذي أطلق عليهم لقب "بي جيز"، وهو اللقب الذي لازمهم منذ ذلك الحين.
في سنة 1963، خطا الإخوة الثلاثة أولى خطاهم في طريق الاحتراف، عندما حصلوا على عقد مع شركة "فستيفال ريكوردز" بدعم من الفنان الأسترالي كول جوي، وتم تسجيل الفرقة باسم "بي جيز".
سجلت المجموعة العديد من الأغاني التي لم تحقق النجاح المأمول منها حينذاك، وهو الأمر الذي دفع شركة "فيستفال ريكوردز" للعزم على فسخ العقد في عام 1966. وفي الوقت ذاته، كان الإخوة غيب قد التقوا بالمنتج الأميركي نيل كبنر، الذي قرر شراء عقدهم لصالح شركة "سبين ريكوردز"، وسجلوا مع الشركة أول أغنية فردية ناجحة لهم، "spicks and specks". في العام نفسه، بدأ شعور الخيبة من قلة النجاح يتسلل إلى الإخوة غيب، فعادوا إلى وطنهم، إنكلترا، ليفاجأوا بعد ذلك بأن أغنيتهم "spicks and specks" حققت المركز الأول، بحسب مجلة موسيقى البوب الأسترالية الأولى.
وفي سنة 1967 في إنكلترا، وقعت الـ"بي جيز" عقداً جديداً مع شركة "بولدور ريكورد"، التي كانت ذات هيمنة في السوق البريطانية حينها، بسبب الأسماء الكبيرة التي تدير أعمالها، وعلى رأسهم الـ"بيتلز"، وسرعان ما بدأت الفرقة بالعمل على الألبوم الأول. عندما انتهوا من تسجيل الأغنية الأولى لهم مع الشركة الجديدة، والتي حملت اسم "New York Mining Disaster 1941"، تم إرسال الأغنية إلى الإذاعات البريطانية مع ملصق أبيض فارغ لا يحتوي اسم "بي جيز"، فافترض القائمون عليها أنها أغنية جديدة للـ"بيتلز"، وبثوا الأغنية تكراراً، ليساهم الحظ في نجاح الفرقة وتصل الأغنية إلى المركز 20 في سباقات الأغاني في إنكلترا والولايات المتحدة.
وبعدما أصدرت الفرقة ثلاث أغان منفردة في ذلك العام، حققت جميعها مراكز متوسطة في سباقات الأغاني في إنكلترا وأميركا، كان الألبوم الأول للفرقة "Bee Gees 1st "، الذي وصل للمركز السابع في الولايات المتحدة والثامن في بريطانيا، ليتم وصف الفرقة حينها بأنها: "أهم موهبة جديدة لعام 1967".
وبعد ذلك توالت النجاحات. وأصدرت الفرقة خلال مسيرتها 23 ألبوماً، بالإضافة إلى العديد من الأغاني المنفردة؛ وتميزت الـ"بي جيز" بمرونة كبيرة تمتعت بها، لتكون رائدة بالعديد من الأنماط الموسيقية في فترة نشاطها. ولكن أبرز محطات النجاح التي مرت بها الفرقة هي اثنتان: الأولى تتمثل بموسيقى الروك التي بدأت تتسلل إلى منتجاتها في فترة نهاية الستينيات وبداية السبعينيات، ولا سيما أغاني ألبوم "الأوديسة" الذي أصدرته سنة 1969، وأبرزها "Lamplight" و"You'll Never See My Face Again"، وما لحقها من أغاني الروك، التي تميز معظمها بالمراوحة ما بين أداء باري الفردي وأسلوب أداء الهارموني الجماعي، وجذبت عشاق هذا النمط الموسيقي ومؤديه، فكان لها الكثير من "الكفرات" والنسخ المعاد تسجيلها بأصوات نجوم عالميين، أمثال: رود ستيوارت وفرانك سيناترا.
أما المحطة الثانية والأبرز بمسيرة الفرقة، فتتمثل بمحطة أغاني الديسكو، في فترة نهاية السبعينيات، التي أعادت فيها الفرقة اكتشاف ذاتها واستغلال الهارموني بين أصوات المؤدين لصياغة مجموعة من أفضل أغاني هذا النمط الموسيقي؛ وكان لموريس غيب الدور الأكبر بصياغتها وتنفيذها.
بالإضافة للتأليف الموسيقي، كان
موريس يجيد العزف على العديد من الآلات الموسيقية، وطور من أدواته بتلك الفترة للعمل على آلات المفاتيح وموسيقى الديسكو الإلكترونية، لتنتج عن ذلك مجموعة من أعظم الأغاني التي سجلتها الفرقة، وعلى رأسها الأغنية الأيقونية للفرقة "Stayin' Alive"، بالإضافة إلى "You Should Be Dancing" و"Bee Gees How Deep Is Your Love" و"More Than a Woman" وغيرها. هاتان المحطتان كان لهما الفضل الأكبر بالإنجازات الكثيرة التي حققتها الـ"بي جيز"، وأبرزها النجاح التجاري اللافت؛ حيث تخطت مبيعات الفرقة 225 مليون أسطوانة، وهو رقم لم يتجاوزه سوى قلّة، منهم ألفيس بريسلي والبيتلز.
لكن في الثمانينيات، تراجعت أسهم الفرقة بشكل واضح، مع تراجع شعبية أغاني الديسكو، رغم أن "بي جيز" لم تتقيد بها. كما أن انفصال باري غيب عن الفرقة كان له بعض الأثر بذلك، وعودته بعد ذلك لم يكن لها أثر بالارتقاء مجدداً.
إلا أن فترة التراجع الجماعي شهدت من ناحية أخرى نجاحات فردية، ولا سيما في ما يتعلق بموريس غيب، الذي تعاون مع العديد من الفنانين الذين كانوا في قمة عطائهم حينها، وفي مقدمتهم مايكل جاكسون. يجب أن نشير هنا إلى أن موريس غيب كان لديه مشروع فني فردي، بدأ به سنة 1969، عندما بدأ بالتعاون مع نجم فرقة البيتلز رينغو ستار، وقام بتسجيل عدة أغان ليقدمها بشكل فردي، وبدأ بالتحضير لألبوم، لكنه لم يصدره بنهاية المطاف، إذ فضل روح الجماعة واسم "بي جيز" على نجاحه الفردي؛ وقد تم توثيق ذلك من خلال العديد من المقولات التي حفظت باسم موريس غيب، منها: "واحد منّا هو أمر جيد، واثنان منّا هو أمر رائع، وأما ثلاثة منّا فهو السحر".
في نهاية التسعينيات بدأت الفرقة تحظى باهتمام نقدي أكبر على مجمل مسيرتها، ونالت عمليات تكريم جماعية، وأما التكريم والإشادات الفردية حينها فكانت في غالبها من نصيب باري غيب، الذي كان على عكس أخيه التوأم، يبحث عن النجاح الفردي من دون الالتفات في العديد من المحطات إلى روح الجماعة.
في بداية عام 2003، أمضى موريس غيب أيامه الأخيرة في المشفى يعالج من انسداد معوي، وعندما بدت الأمور بأنها تسير بشكل إيجابي، رحل موريس بنوبة قلبية مفاجئة عن 53 سنة، لتتوقف بذلك مسيرة الـ"بي جيز" بعد ما يقارب الـ40 عاماً من النشاط الفني الغزير، وليحظى بعد موته بسنة بأول تكريم فردي له، وهو نيله رتبة الـSir في الإمبراطورية البريطانية، والتي تسلمها ابنه عوضاً عنه. لكن فرقة "بي جيز" استأنفت نشاطها الفني سنة 2009، وأصدرت ألبومها الأخير "Mythology"، لكن الحال لم يدم طويلاً، فانتهت الحكاية بموت توأم موريس، باري غيب، سنة 2012.