تثار المخاوف من أن يواجه نازحو الفلوجة مصيراً أشبه بمصير نازحي محافظات صلاح الدين وديالى وشمال بابل، والذين منع أغلبهم من العودة إلى مناطقهم بذريعة التحقيقات الأمنيّة. وعلى الرغم من إعلان الأمم المتحدة أن السلطات العراقية ستسمح لسكان الفلوجة النازحين بالعودة إلى ديارهم في أغسطس/ آب المقبل إلّا أنّ الحقائق على الأرض تؤشّر لصعوبة تلك العودة وبُعد أمدها، بسبب انتشار مليشيات "الحشد الشعبي" في المدينة وحرق وتفجير منازلها.
وتشهد المدينة أعمال نهب متواصلة للمنازل والدوائر الحكومية، تنفّذها فصائل الحشد أمام أنظار الأجهزة الأمنيّة، في حين لا تزال العبوات الناسفة منتشرة بأغلب شوارع وبنايات الفلوجة، الأمر الذي يشكّل خطراً جسيماً على حياة المدنيين حال عودتهم إليها.
وقال مسؤول محلّي لـ"العربي الجديد" إنّ "مليشيا الحشد لا تزال تنتشر بكثافة في شوارع المدينة، وإن عناصرها مستمرون بحرق المنازل في المدينة ويتنقلون من منطقة الى أخرى بدراجات نارية، كما يقوم عناصر آخرون بسرقة المولدات الكهربائية ومحولات الكهرباء والأجهزة المنزلية من الدور والمحال التجارية".
وأبدى المسؤول قلقه "البالغ من استغلال ملف نازحي الفلوجة لأغراض سياسيّة كما حصل في مدينة الرمادي قبل تأمين المدينة وتنظيفها من العبوات الناسفة والمنازل المفخخة"، منتقداً "موقف الحكومة العراقية والمسؤولين المحليين تجاه الانتهاكات المستمرة لمليشيات الحشد داخل المدينة".
وحذّر من "منح المليشيات فرصة تنفيذ أجندتها مع نازحي الفلوجة، كما فعلت مع نازحي صلاح الدين وديالى وشمال بابل، والذين منعتهم من العودة بحجة متابعة ملفاتهم الأمنيّة والتأكّد من عدم ارتباطهم بداعش"، مطالباً بـ"سحب هذه المليشيات فوراً، للشروع في عملية إعادة الخدمات الأساسية وتنظيف المدينة".
وكان وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي قد أعلن خلال زيارته لمدينة الفلوجة أول من أمس الخميس، أنّ المدينة تحتاج إلى عمل كثير، فشوارعها لا تزال عبارة عن حقول ألغام، مطالباً المسؤولين المحليين بالتواجد في المدينة ومتابعة إعادة تأهيلها.
في غضون ذلك، دعت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، الحكومة العراقية إلى "تجنب الضغط على نازحي مدينة الفلوجة والمناطق المحيطة بها لإرغامهم على العودة إلى ديارهم قبل أن تتوفر الشروط الملائمة والآمنة للعودة الى المدينة".
وذكرت المفوضيّة في بيان صحافي، أنّها "تدرك أن إعادة النازحين إلى ديارهم أمر في غاية الأهميّة، لكن إجراءات العودة يجب أن تتم على درجة عالية من الحذر، وأن تجري بشكل طوعي من قبل الأهالي، بعيداً عن أي شكل من أشكال التفرقة".
وأكّدت أنّها "تتفهم وجود عائلات تتطلع للعودة بأسرع وقت ممكن، بسبب شظف العيش في مخيمات النازحين، لكن يجب أن تتوفر شروط الأمان لهذه العائلات في المناطق التي ستعود إليها"، منتقدة "طلب الحكومة المحلية في الأنبار من موظفي القطاع التعليمي بالعودة إلى العمل اعتباراً من 12 يوليو/ تموز الحالي مهددة بقطع رواتبهم".
وعبّرت عن "قلقها من هذا الإجراء الذي يرغم كثيرين على العودة كراهية مع عوائلهم رغم عدم شعورهم بالأمان".
وكانت الأمم المتحدة ومنظمات دولية أخرى قد أعلنت عن نزوح أكثر من 90 ألف شخص من الفلوجة وأطرافها، بسبب العمليات العسكرية ضد تنظيم "داعش"، في ظل ظروف قاسية وبالغة الصعوبة، حيث جرى جمع آلاف النازحين في مخيمات صغيرة وفي بيئة غير ملائمة، وأنّ الكثير من العوائل سكنت بنايات مدارس ودور غير مكتملة البناء، بحثاً عن مأوى لهم يقيهم حرارة الصيف.