04 مايو 2016
نتنياهو يوجه صفعة لباريس
مجدداً، يكشف رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عن وجهه الحقيقي الرافض أي تسوية سلام تضمن الحقوق الأدنى للفلسطينيين. مرة جديدة، يعبّر نتنياهو بصراحة عن ازدرائه إرادة العالم بأسره والقوانين والأعراف الدولية. فبعد إجهاضه مساعي وزير الخارجية الأميركية، جون كيري، للعودة إلى طاولة المفاوضات مع الفلسطينيين، ها هو اليوم يوجه صفعة للخارجية الفرنسية، برفضه مبادرة باريس لإعادة إحياء عملية السلام.
ففي مؤتمر صحافي عقده مع وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي إن إسرائيل "ترفض بشدة أسلوب الإملاء فيما يتعلق بالسلام وأمنها"، وأضاف "الحل لن يأتي سوى بالمفاوضات المباشرة من دون شروط مسبقة، وليس من خلال قرارات الأمم المتحدة التي يتم فرضها علينا من الخارج". ثم توجه نتنياهو مباشرة إلى فابيوس، قائلاً "فشلت هذه الجهود في تلبية حاجات إسرائيل الأمنية".
من نافل القول إن أي طرح لإحلال السلام مع الفلسطينيين يعني بالنسبة لنتنياهو "إملاء على إسرائيل"، إذ أي اتفاقية، مهما كانت مجحفة بحق الفلسطينيين، تهدد أحلامه الصهيونية بدولة إسرائيلية على كامل الأراضي الفلسطينية. ولقد شكلت "المفاوضات" أو المحادثات العبثية، منذ توقيع اتفاقية أوسلو، غطاء لإسرائيل، لكي تواصل تمددها الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وتوغل في انتهاك حقوق الفلسطينيين. لكن اليوم، وبعد مرور أكثر من 22 عاماً على أوسلو، يأتي نتنياهو وأحزاب حكومته اليمنية ليقولوا للعالم بوقاحة "دعونا من هذه التمثيلية المسماة بالمفاوضات، سنواصل غزونا فلسطين وبناء المستوطنات، ولن يستطيع العالم الوقوف في طريقنا". لذا، إن رفض إسرائيل القاطع المبادرة الفرنسية، وقبلها الأميركية، تؤكد مدى تجاهل نتنياهو، لا بل احتقاره إرادة المجتمع الدولي، المتمثلة بقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي لا يتوانى عن تقديم الذرائع لتغليف ازدرائه هذا. فتارة يقول إن المجتمع الدولي لا يأخذ بالاعتبار المخاوف الأمنية الإسرائيلية، وطوراً يتهم من ينتقد إسرائيل بمعاداة السامية. كيف يمكن للعالم طمأنة شخص، مثل نتنياهو، يعاني من جنون الاضطهاد والبارانويا؟ هذا مستحيل. ولقد وصل به الحد إلى اتهام اليهود المعارضين لسياساته الهدامة بكره الذات اليهودية، كآلن براونفيلد، رئيس تحرير منشورات المجلس الأميركي اليهودي، الذي أكد في رسالته إلى صحيفة واشنطن بوست أنه لا يمكن اعتبار حملة مقاطعة البضائع الإسرائيلية "معادية للسامية"، كما وصفها نتنياهو، بل هي حملة لاعنفية في وجه احتلال الأراضي الفلسطينية.
إذاً، وفي ضوء النيات الواضحة لحكومة نتنياهو، لا بد للسلطة الفلسطينية أن تضع استراتيجية محكمة لمواجهة التعنت الإسرائيلي. فأولاً، هناك حاجة ملحة لإعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية التي من شأنها تعزيز مرجعية موحدة للمقاومة. فالتشرذم الحاصل حالياً بين مختلف الفصائل والذي استولد حكومتين، في الضفة الغربية وفي غزة، أضعف الموقف الفلسطيني داخلياً وخارجياً وسمح لإسرائيل باللعب على الاختلافات داخل البيت الفلسطيني. وإذا ما تمحصنا جيداً مواقف نتنياهو وأعضاء حكومته اليمينية نجد أن لا فرق لديه بين حماس والسلطة الفلسطينية، وكلا الطرفين سواسية بالنسبة له ينبغي التخلص منهما. فوجود الفلسطينيين يشكل خطراً على طموح التوسع الصهيوني، وبالتالي، لا حل لليمين الإسرائيلي سوى بإبقاء السلام معلقاً واستغلال "المفاوضات" للمماطلة، بغية مواصلة بناء المستوطنات وقضم الأراضي الفلسطينية. وفي غضون ذلك، يعطي الخلاف الفلسطيني فرصة لنتنياهو ليقول للعالم إن أمن إسرائيل مهدد في ظل غياب مرجعية فلسطينية موحدة، تضبط الأمن، وتعطي ضمانات بأن السلام لن يكون على حساب إسرائيل. وبالطبع، كل تلك المزاعم عارية من الصحة، وليست إلا أعذاراً واهية، تهدف إلى تأمين الغطاء للممارسات الإسرائيلية.
ثانياً، على الفلسطينيين إيجاد سبل جديدة للمقاومة، مثل حملة مقاطعة البضائع الإسرائيلية التي باتت تلاقي دعماً عالمياً قل نظيره. فسلمية هذه الحملة تساهم في تشكيل وعي جديد لدى الأوروبيين والأميركيين حول الحقوق الفلسطينية المنتهكة، وبدأت تحظى باحتضان شريحة واسعة من المثقفين والأكاديميين والشباب في الجامعات. ولقد دفعت نجاعة هذه الحملة الملياردير الأميركي اليهودي، شلدون أديلسون، إلى جمع مبلغ 20 مليون دولار، لمحاربتها وتصويرها على أنها حملة لاسامية تستهدف اليهود. ويؤكد هذا الخوف الصهيوني مدى نجاح حملة مقاطعة البضائع الإسرائيلية، إذ أنها تحاكي، في سلميتها، حركات التحرر العالمية، كحركة إنهاء التمييز العنصري في الولايات المتحدة، بقيادة القس مارتن لوثر كينغ.
ثالثاً، على القيادة الفلسطينية تكثيف العمل الدبلوماسي واستغلال تنامي الدعم العالمي للقضية. فاعتراف دول عدة بدولة فلسطين يحصن موقف الفلسطينيين، ويمنحه شرعية إضافية، لتحقيق مطالبهم العادلة، وفي مقدمتها عودة اللاجئين. وفي هذا الإطار، لا بد لهذه المرجعية الموحدة أن تستلم زمام المبادرة لجهة طرح المبادرات، ووضع الأطر المناسبة لها، وليس الانتظار فقط وتلقي ما تقدمه لها الدول الغربية من مبادرات مطعمة بشروط إسرائيلية. كما ينبغي تكثيف حملات فضح السياسات الإسرائيلية العنصرية الممنهجة وتوثيقها، والعمل على تقديمها للرأي العام العالمي وفي المحافل الدولية.
وأخيراً، على العرب أيضاً الاطلاع بدور فعال لمساعدة الفلسطينيين، فنيران الطائفية والقبلية والتطرف التي تلتهم الوطن العربي لن تخمدها سوى الوحدة تحت لواء قضية عادلة جامعة، ولطالما كانت فلسطين القضية المركزية للجماهير العربية. ومهما تاهت الشعوب العربية في غياهب الانتماءات الضيقة، ومهما طال نفق الاقتتال المظلم، ومهما عاث المتشددون فساداً في أقطار الأمة العربية، لا مفر لشمس الحرية في فلسطين، من أن تبزغ من جديد. لكن، بعد أن يستعيد العرب قوميتهم من جديد.
ففي مؤتمر صحافي عقده مع وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي إن إسرائيل "ترفض بشدة أسلوب الإملاء فيما يتعلق بالسلام وأمنها"، وأضاف "الحل لن يأتي سوى بالمفاوضات المباشرة من دون شروط مسبقة، وليس من خلال قرارات الأمم المتحدة التي يتم فرضها علينا من الخارج". ثم توجه نتنياهو مباشرة إلى فابيوس، قائلاً "فشلت هذه الجهود في تلبية حاجات إسرائيل الأمنية".
من نافل القول إن أي طرح لإحلال السلام مع الفلسطينيين يعني بالنسبة لنتنياهو "إملاء على إسرائيل"، إذ أي اتفاقية، مهما كانت مجحفة بحق الفلسطينيين، تهدد أحلامه الصهيونية بدولة إسرائيلية على كامل الأراضي الفلسطينية. ولقد شكلت "المفاوضات" أو المحادثات العبثية، منذ توقيع اتفاقية أوسلو، غطاء لإسرائيل، لكي تواصل تمددها الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وتوغل في انتهاك حقوق الفلسطينيين. لكن اليوم، وبعد مرور أكثر من 22 عاماً على أوسلو، يأتي نتنياهو وأحزاب حكومته اليمنية ليقولوا للعالم بوقاحة "دعونا من هذه التمثيلية المسماة بالمفاوضات، سنواصل غزونا فلسطين وبناء المستوطنات، ولن يستطيع العالم الوقوف في طريقنا". لذا، إن رفض إسرائيل القاطع المبادرة الفرنسية، وقبلها الأميركية، تؤكد مدى تجاهل نتنياهو، لا بل احتقاره إرادة المجتمع الدولي، المتمثلة بقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
إذاً، وفي ضوء النيات الواضحة لحكومة نتنياهو، لا بد للسلطة الفلسطينية أن تضع استراتيجية محكمة لمواجهة التعنت الإسرائيلي. فأولاً، هناك حاجة ملحة لإعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية التي من شأنها تعزيز مرجعية موحدة للمقاومة. فالتشرذم الحاصل حالياً بين مختلف الفصائل والذي استولد حكومتين، في الضفة الغربية وفي غزة، أضعف الموقف الفلسطيني داخلياً وخارجياً وسمح لإسرائيل باللعب على الاختلافات داخل البيت الفلسطيني. وإذا ما تمحصنا جيداً مواقف نتنياهو وأعضاء حكومته اليمينية نجد أن لا فرق لديه بين حماس والسلطة الفلسطينية، وكلا الطرفين سواسية بالنسبة له ينبغي التخلص منهما. فوجود الفلسطينيين يشكل خطراً على طموح التوسع الصهيوني، وبالتالي، لا حل لليمين الإسرائيلي سوى بإبقاء السلام معلقاً واستغلال "المفاوضات" للمماطلة، بغية مواصلة بناء المستوطنات وقضم الأراضي الفلسطينية. وفي غضون ذلك، يعطي الخلاف الفلسطيني فرصة لنتنياهو ليقول للعالم إن أمن إسرائيل مهدد في ظل غياب مرجعية فلسطينية موحدة، تضبط الأمن، وتعطي ضمانات بأن السلام لن يكون على حساب إسرائيل. وبالطبع، كل تلك المزاعم عارية من الصحة، وليست إلا أعذاراً واهية، تهدف إلى تأمين الغطاء للممارسات الإسرائيلية.
ثانياً، على الفلسطينيين إيجاد سبل جديدة للمقاومة، مثل حملة مقاطعة البضائع الإسرائيلية التي باتت تلاقي دعماً عالمياً قل نظيره. فسلمية هذه الحملة تساهم في تشكيل وعي جديد لدى الأوروبيين والأميركيين حول الحقوق الفلسطينية المنتهكة، وبدأت تحظى باحتضان شريحة واسعة من المثقفين والأكاديميين والشباب في الجامعات. ولقد دفعت نجاعة هذه الحملة الملياردير الأميركي اليهودي، شلدون أديلسون، إلى جمع مبلغ 20 مليون دولار، لمحاربتها وتصويرها على أنها حملة لاسامية تستهدف اليهود. ويؤكد هذا الخوف الصهيوني مدى نجاح حملة مقاطعة البضائع الإسرائيلية، إذ أنها تحاكي، في سلميتها، حركات التحرر العالمية، كحركة إنهاء التمييز العنصري في الولايات المتحدة، بقيادة القس مارتن لوثر كينغ.
ثالثاً، على القيادة الفلسطينية تكثيف العمل الدبلوماسي واستغلال تنامي الدعم العالمي للقضية. فاعتراف دول عدة بدولة فلسطين يحصن موقف الفلسطينيين، ويمنحه شرعية إضافية، لتحقيق مطالبهم العادلة، وفي مقدمتها عودة اللاجئين. وفي هذا الإطار، لا بد لهذه المرجعية الموحدة أن تستلم زمام المبادرة لجهة طرح المبادرات، ووضع الأطر المناسبة لها، وليس الانتظار فقط وتلقي ما تقدمه لها الدول الغربية من مبادرات مطعمة بشروط إسرائيلية. كما ينبغي تكثيف حملات فضح السياسات الإسرائيلية العنصرية الممنهجة وتوثيقها، والعمل على تقديمها للرأي العام العالمي وفي المحافل الدولية.
وأخيراً، على العرب أيضاً الاطلاع بدور فعال لمساعدة الفلسطينيين، فنيران الطائفية والقبلية والتطرف التي تلتهم الوطن العربي لن تخمدها سوى الوحدة تحت لواء قضية عادلة جامعة، ولطالما كانت فلسطين القضية المركزية للجماهير العربية. ومهما تاهت الشعوب العربية في غياهب الانتماءات الضيقة، ومهما طال نفق الاقتتال المظلم، ومهما عاث المتشددون فساداً في أقطار الأمة العربية، لا مفر لشمس الحرية في فلسطين، من أن تبزغ من جديد. لكن، بعد أن يستعيد العرب قوميتهم من جديد.