تستمر ندرة بعض الأدوية في الجزائر منذ منتصف السنة الماضية، وتعدّت رفوف الصيدليات حتى طاولت المستشفيات، التي باتت عاجزة عن ضمان الحد الأدنى من العلاج في بعض التخصصات، ومنها أمراض القلب والشرايين والسكري.
يعاني (فؤاد. ر) من ارتفاع حمض اليوريك في الدم، وهو مرض حوّل حياته إلى جحيم يومي. وزادت معاناته ندرة توفر دواء "زيلوريك 300" في صيدليات العاصمة. ويقول لـ "العربي الجديد":"7 سنوات وأنا أعاني من هذا المرض، واليوم مع ندرة "زيلوريك" تضاعفت همومي وصرت مهدداً بالقصور الكلوي، وصحتي رهن بانعدام الدواء لأن شخصاً ما أراد ذلك".
تلخص معاناة فؤاد يوميات الآلاف من المرضى الجزائريين الذين ارتبطت حياتهم بالأدوية، منهم مرضى القلب والشرايين، الذين عاشوا في نهاية 2015 جحيماً حقيقياً بعد اختفاء دواء "سانتروم" من الصيدليات، ما جعل وزارة الصحة الجزائرية تتدخل لتوفيره، بعد أن وضعته ضمن قائمة الأدوية الممنوعة من الاستيراد مطلع 2015 رفقة 256 دواء آخر بحجة إنتاجها محلياً، وفق الإجراءات التي وضعتها الحكومة لتقليص فاتورة استيراد الأدوية.
وفي هذا السياق، يوضح الصيدلي عمر جانكي لـ" العربي الجديد" إن "دواء سانتروم موجود اليوم لكن بكميات ضئيلة لا تغطي حجم الطلب، حتى الأدوية البديلة له مستوردة أيضاً، ويستغرق استيرادها برخص استثنائية وقتاً طويلاً". ويضيف "كثيرة هي الأدوية غير المتوفرة اليوم خاصة بالأمراض المزمنة وغير المزمنة منها مثلاً " كولبوتروفين" للأمراض التناسلية عند النساء و"سانتو سينون" الخاص بالحوامل هي أدوية لا يوجد ما يعوضها وتعود ندرتها إلى 2014، أي قبل تحديد قائمة الأدوية الممنوع استيرادها، ويقدم جزائريون بكثرة على شراء الأدوية من الخارج اختصاراً للوقت".
اقرأ أيضاً: الأدوية العشبية علاج فقراء العراق
وأنعشت ندرة بعض الأدوية الحيوية مثل "بانوتيل" و"اُوتي باكس" "ستيل نوكس" وأيضاً "أتيميل 10" وقبلها "سانتروم"، تجارة الأدوية بطرق غير قانونية، عبر وكلاء الأدوية أو عبر مسافرين إلى دول أجنبية. كما فتحت الباب أمام "تجّار الشنطة" الذين طرحوا أنفسهم كبديل للصيدليات، وفي كثير من الأحيان أصبحوا هم من يمول رفوف هذه الأخيرة.
وأوضح رئيس مجلس نقابة الصيادلة لطفي بن باحمد لـ "العربي الجديد" أن "هناك ما بين 15 إلى 20 دواءً يمكن تقليدها تستورد بطريقة غير قانونية، وتباع دون وصفة طبية في بعض الصيدليات".
من جانبها، أكدت وزارة الصحة الجزائرية بعد تحقيق أجرته، أن ندرة بعض الأدوية هي حقيقة مؤكدة، بعدما كانت محل نفي من قبل الوزير عبد المالك بوضياف. وأرجعت الوزارة الندرة إلى تورط خمسة أسماء معروفة في مجال صناعة وتسويق الأدوية في افتعالها، عبر تخزين كميات من الأدوية خاصة بالأمراض الحساسة، دون أن تكشف وزارة الصحة عن مصيرهم.
وتراجعت قيمة واردات الجزائر من المواد الصيدلانية إلى 1.96 مليار دولار عام 2015 مقابل 2.52 مليار دولار في 2014 حسب الجمارك الجزائرية.
وكشفت دراسة أجراها مجلس نقابة الصيادلة الجزائريين أن معدل إنفاق الجزائريين على شراء الأدوية لا يتعدى في أحسن الظروف 70 دولاراً سنوياً لكل جزائري، وهو رقم بعيد عن المعدل المسجل في الدول المتطورة الذي يتراوح بين 400 و 500 دولار حسب نفس الدراسة.
اقرأ أيضاً: 500 دواء يختفي في شتاء مصر