05 نوفمبر 2024
نسيم نقولا طالب
نسيم نقولا طالب عالم اقتصادي أميركي من أصل لبناني، وباحث إبستمولوجي، متخصص في المعرفة وعلاقتها بالعشوائية، ارتبط اسمه بكتابه "البجعة السوداء" الذي تصدّر قائمة نيويورك تايمز لأفضل مبيعات الكتب خلال 13 أسبوعا متتاليا إثر صدوره عام 2007، وترجم إلى أكثر من 31 لغة.
يحدّد طالب في كتابه ثلاثة عناصر ترتبط بمفهوم "البجعة السوداء"، تبدأ بوقوع حدثٍ غير متوقع، تليه تأثيرات ذلك الحدث، ثم الذهول الذي يتبعه، والبحث عن الأسباب المؤدية إليه. هذا ويرى أن الناس مصابون بـوهم المعرفة والقدرة على التوقع، وهي أكذوبةٌ يقنع الإنسان نفسه بها في عالم تعتبر "العشوائية" و"التعقيد" من صفاته الأصلية، وهو مما يصفه بـ"عيوب التفكير البشري"، أي التوقف عند التفاصيل، وإغفال الصورة الكبرى. لقد بات البشر "عبيدا" لتفكير نمطيٍّ مألوفٍ لا يساعدهم على استشراف المستقبل والتنبؤ به، والأمثلة على ذلك عديدة، من بينها الانهيارات الاقتصادية، وأحداث "11 سبتمبر"، وثورات الربيع العربي، إلخ. أما الحلّ، فيكمن، برأيه، في إعادة النظر في مفاهيمنا عن الحياة، وما نعتبره "بديهيا"، لافتا إلى عدم وجود "يقين" حقيقي يمكنه الصمود في وجه الحياة، وداعيا إلى ضرورة الإفساح لـ"المصادفات" التي بإمكانها تغيير الكثير.
في كتابه الجديد الصادر أخيرا "المغامرة بالذات، تباينات مختبئة في الحياة اليومية"، يطرح طالب أسئلة من نوع: لم علينا الامتناع عن الإصغاء إلى الذين يتكلمون بدل أن يفعلوا؟ أو لم تبلغ الشركات مرحلة الإفلاس؟ أو لم يوجد اليوم عبيدٌ أكثر مما كانوا في زمن روما؟ أو لم لا تنجح أبدا عملية فرض الديمقراطية على البلدان الأخرى؟ الجواب في جميع الأحوال، واحد: لأن الذين يديرون العالم لا يغامرون بحياتهم.
من حمورابي، إلى سيناك، إلى دونالد ترامب، يختار طالب أمثلةً ليبرهن أن المغامرة بما يمكن خسارته، قبول المجازفة، واعتبار الأمر قضية عدالة، شرف وتضحية، هي القاعدة الأساسية بالنسبة للأبطال، القدّيسين وعدد كبير من الأفراد المتصالحين مع ذواتهم. "إن العقول الأفلاطونية تتوقع أن تمضي الحياة كما في فيلم سينمائي، في حين تتوقع العقول العملية أن تكون الأفلام كما الحياة. وباستثناء بعض الشروط المحتومة، كالموت، فإنها تحذّر الطبيعة النهائية لكل الخواتيم المعلنة على أنها هكذا، من قبل الطبيعة البشرية".
هذا ويرى طالب أن المغامرة بالذات، أو بالحياة، أو بشيء غالٍ نملكه، واعتمادها قاعدة، يحمينا من مساوئ التباينات المتزايدة في الحضارة ما بين الفعل والثرثرة، النتيجة والنيّات، الممارسة والنظرية، الشرف والسمعة، الخبير والنصّاب، الملموس والمجرّد، الأخلاقي والقانوني، الأصيل والتجميلي، التاجر والموظف، المقاول والمدير العام مدفوع الراتب، المعرفة والعلم الأكاديمي، الحب والمال، البشر ورجال الاقتصاد، .. إلخ. "لم تمر حقبة في التاريخ البشري بأكمله، حيث كان لغير المجازفين الذين لا يعرّضون ذواتهم للخطر، مثل هذه الهيمنة والتأثير الذين لهم اليوم".
انطلاقا من الفكرة تلك، يذهب طالب إلى أن مبدأ الحيطة يقوم في عدم الانخراط في مبادرةٍ تكون عواقبها المنظورة سيئة، ونتائجها غير متوقعة، وهو بذلك ينتقد بشدة "المتدخّلين" الذين يتّخذون القرارات الكبرى وهم جالسون في مكاتبهم المكيّفة، متسببين بالأذى لأبرياء: الإيزيديين، الأقليات المسيحية، السوريين، الليبيين. في حين لا يتعرّضون هم لأية عواقب وخيمة. "لطالما كنا مجانين، لكننا، إلى الآن، لم نكن قادرين على تدمير العالم. اليوم، بات الأمر بمقدورنا". هكذا يطوّر الكاتب الفكرة التالية في مؤلّفه كله، وهي أنه لا يمكننا الوثوق إلا بمن يتحمّلون عواقب أفعالهم، بدلا من إلقاء تبعاتها على الجماعة.
وفي الخاتمة، يوجّه نسيم نقولا طالب هذه النصيحة إلى الشباب الذين يريدون إنقاذ البشرية: "غامروا بذواتكم، وابتكروا مشروعا".
يحدّد طالب في كتابه ثلاثة عناصر ترتبط بمفهوم "البجعة السوداء"، تبدأ بوقوع حدثٍ غير متوقع، تليه تأثيرات ذلك الحدث، ثم الذهول الذي يتبعه، والبحث عن الأسباب المؤدية إليه. هذا ويرى أن الناس مصابون بـوهم المعرفة والقدرة على التوقع، وهي أكذوبةٌ يقنع الإنسان نفسه بها في عالم تعتبر "العشوائية" و"التعقيد" من صفاته الأصلية، وهو مما يصفه بـ"عيوب التفكير البشري"، أي التوقف عند التفاصيل، وإغفال الصورة الكبرى. لقد بات البشر "عبيدا" لتفكير نمطيٍّ مألوفٍ لا يساعدهم على استشراف المستقبل والتنبؤ به، والأمثلة على ذلك عديدة، من بينها الانهيارات الاقتصادية، وأحداث "11 سبتمبر"، وثورات الربيع العربي، إلخ. أما الحلّ، فيكمن، برأيه، في إعادة النظر في مفاهيمنا عن الحياة، وما نعتبره "بديهيا"، لافتا إلى عدم وجود "يقين" حقيقي يمكنه الصمود في وجه الحياة، وداعيا إلى ضرورة الإفساح لـ"المصادفات" التي بإمكانها تغيير الكثير.
في كتابه الجديد الصادر أخيرا "المغامرة بالذات، تباينات مختبئة في الحياة اليومية"، يطرح طالب أسئلة من نوع: لم علينا الامتناع عن الإصغاء إلى الذين يتكلمون بدل أن يفعلوا؟ أو لم تبلغ الشركات مرحلة الإفلاس؟ أو لم يوجد اليوم عبيدٌ أكثر مما كانوا في زمن روما؟ أو لم لا تنجح أبدا عملية فرض الديمقراطية على البلدان الأخرى؟ الجواب في جميع الأحوال، واحد: لأن الذين يديرون العالم لا يغامرون بحياتهم.
من حمورابي، إلى سيناك، إلى دونالد ترامب، يختار طالب أمثلةً ليبرهن أن المغامرة بما يمكن خسارته، قبول المجازفة، واعتبار الأمر قضية عدالة، شرف وتضحية، هي القاعدة الأساسية بالنسبة للأبطال، القدّيسين وعدد كبير من الأفراد المتصالحين مع ذواتهم. "إن العقول الأفلاطونية تتوقع أن تمضي الحياة كما في فيلم سينمائي، في حين تتوقع العقول العملية أن تكون الأفلام كما الحياة. وباستثناء بعض الشروط المحتومة، كالموت، فإنها تحذّر الطبيعة النهائية لكل الخواتيم المعلنة على أنها هكذا، من قبل الطبيعة البشرية".
هذا ويرى طالب أن المغامرة بالذات، أو بالحياة، أو بشيء غالٍ نملكه، واعتمادها قاعدة، يحمينا من مساوئ التباينات المتزايدة في الحضارة ما بين الفعل والثرثرة، النتيجة والنيّات، الممارسة والنظرية، الشرف والسمعة، الخبير والنصّاب، الملموس والمجرّد، الأخلاقي والقانوني، الأصيل والتجميلي، التاجر والموظف، المقاول والمدير العام مدفوع الراتب، المعرفة والعلم الأكاديمي، الحب والمال، البشر ورجال الاقتصاد، .. إلخ. "لم تمر حقبة في التاريخ البشري بأكمله، حيث كان لغير المجازفين الذين لا يعرّضون ذواتهم للخطر، مثل هذه الهيمنة والتأثير الذين لهم اليوم".
انطلاقا من الفكرة تلك، يذهب طالب إلى أن مبدأ الحيطة يقوم في عدم الانخراط في مبادرةٍ تكون عواقبها المنظورة سيئة، ونتائجها غير متوقعة، وهو بذلك ينتقد بشدة "المتدخّلين" الذين يتّخذون القرارات الكبرى وهم جالسون في مكاتبهم المكيّفة، متسببين بالأذى لأبرياء: الإيزيديين، الأقليات المسيحية، السوريين، الليبيين. في حين لا يتعرّضون هم لأية عواقب وخيمة. "لطالما كنا مجانين، لكننا، إلى الآن، لم نكن قادرين على تدمير العالم. اليوم، بات الأمر بمقدورنا". هكذا يطوّر الكاتب الفكرة التالية في مؤلّفه كله، وهي أنه لا يمكننا الوثوق إلا بمن يتحمّلون عواقب أفعالهم، بدلا من إلقاء تبعاتها على الجماعة.
وفي الخاتمة، يوجّه نسيم نقولا طالب هذه النصيحة إلى الشباب الذين يريدون إنقاذ البشرية: "غامروا بذواتكم، وابتكروا مشروعا".