تواصل أسعار المنتجات الزراعية في سورية، تسجيل أسعار قياسية تفوق قدرة السوريين الشرائية، بعد أن وصل كيلو الخيار في دمشق إلى نحو 800 ليرة (1.4 دولار)، والبطاطس 500 ليرة (900 سنت)، والباذنجان 600 ليرة (1.1 دولار)، والفاصولياء 1200 ليرة (2.2 دولار) للكيلو الواحد.
ويرجّح خبراء زراعيون أن ترتفع الأسعار خلال الفترة المقبلة، بعد انقطاع مادة المازوت وحصر تداولها في السوق السوداء بسعر 600 ليرة لليتر الواحد. بعد أن أوقفت إيران توريد المشتقات النفطية لحليفها بشار الأسد منذ نحو ثلاثة أشهر.
ويحذر الخبراء من قتل الزراعة السورية بسبب اجتماع كل عوامل موتها من: غلاء مستلزمات الإنتاج وبذار الأسمدة والمشتقات النفطية، أو عدم توافرها في الأسواق، فضلاً عن الحرب المستمرة منذ نحو ست سنوات، ما ينذر بخروج مزيد من المساحات المروية المقدرة بنحو 781 ألف هكتار، عن الإنتاج.
اقــرأ أيضاً
ويؤكد المهندس الزراعي، أكرم برغل، أن 25% من البنى التحتية الزراعية تضررت بسبب الحرب، وانحسرت المساحات المزروعة نحو 40%، ليتراجع الإنتاج الزراعي، خلال السنوات الأخيرة، أكثر من 50% بالنسبة للزراعة المروية، وأكثر من 80% بالنسبة للزراعة البعلية.
ويلفت برغل، من ريف إدلب، إلى أن ارتفاع أسعار المازوت وندرته، في الآونة الأخيرة، سيزيد من صعوبات وتكاليف العمل الزراعي للحد الذي يوقع الفلاحين في الخسائر. ويشرح أن تنظيم "داعش" الذي كان يمد المناطق المحررة بالمشتقات النفطية، توقف في الوقت نفسه الذي توقفت خلاله إيران عن مد نظام الأسد بالنفط. ما خلق أزمة مياه للقطاع الزراعي ستنعكس على كمية الإنتاج وأسعار المنتجات.
توسيع الاحتكارات
ويضيف برغل لـ "العربي الجديد" أن حكومة بشار الأسد سمحت للصناعيين باستيراد المازوت، ليتحكموا في السوق والأسعار وبيعه للفلاحين. كما ألزمت شركة محروقات ببيع مخصصات بعض المنشآت الصناعية المازوت بسعر تكلفة الاستيراد (350 ليرة لليتر). لكنّ أحداً لم يعر أهمية للزراعة أو معاناة الفلاحين الذين يدفعون زيادة أسعار أكثر من 1000% حين شراء السماد والبذار، ونحو 500 ليرة سعر ليتر المازوت.
بدوره، يقول مدير الإنتاج النباتي في وزارة الزراعة، عبد المعين قضماني، إن موسم العام الماضي كان مقبولاً، نتيجة وفرة الأمطار ببعض المحافظات. لكنّ التخوف من موسم العام الحالي، خاصة للمساحات المروية إذا لم يتوفر المازوت من جهة، ومن جهة أخرى إذا لم يكن هناك هطولات مطرية، خاصة خلال الأسبوع الثالث من آذار/مارس الحالي، وتحديداً لموسم القمح الذي يعتمد قسم كبير منه على السقاية.
وتوقع المسؤول قضماني، خلال تصريحات صحافية، أن تكون نسبة تراجع إنتاج المواسم الزراعية خلال هذا الموسم نتيجة نقص مادة المازوت وعدم كفاية الأمطار أكثر من 30% بالنسبة للمساحات المروية التي تعتمد على الضخ والآبار.
وفي حين جاءت توقعات وزارة الزراعة "متفائلة" حول أثر وقف إيران مد نظام الأسد بالمحروقات، يؤكد مدير الشؤون الزراعية في اتحاد الفلاحين، محمد حمود الخليف، أن نقص المازوت سيؤدي إلى تراجع الإنتاج بنحو 45%، لأن أكثر المساحات المروية في سورية تتم سقايتها بالآبار العامة التي تعمل على الديزل.
ويضيف الخليف، خلال تصريحات صحافية، أن المساحات التي زرعت مع بداية الموسم ستنخفض إلى النصف نتيجة عدم كفاية المحروقات. والأمر الآخر أن تأثير نقص مادة المازوت لن ينعكس فقط على المحاصيل الاستراتيجية مثل القمح والقطن والشعير، وإنما سيلحق بالخضروات المكشوفة التي تعتمد على السقاية. إضافة إلى البيوت البلاستيكية في الساحل التي تعتمد على المازوت .
وتعاني سورية، منذ سنوات، من تراجع الإنتاج الزراعي، إثر التدهور الحاد الذي لحق بهذا القطاع خلال سنوات الحرب، ما أدى إلى تراجع الصادرات الزراعية السورية من 2.3 مليون طن في العام 2010 إلى حوالي 358 ألف طن في العام 2015.
انهيار القطاع الزراعي
وتقلصت مساحات الأراضي المزروعة حوالي 40%، وتراجع إنتاج المحاصيل الرئيسة (القمح، الشعير، البطاطس، البندورة) خلال الأزمة بحوالي 50%. كما عانى القطاع من نقص شديد في مستلزمات الإنتاج الأساسية (البذار، الأسمدة، المبيدات الحشرية والمحروقات). ما أدى، بحسب تقارير رسمية، إلى حدوث فجوة بين الإنتاج المحلي والحاجات الغذائية الداخلية.
اقــرأ أيضاً
وتراجع في المقابل إنتاج المحاصيل الاستراتيجية في سورية بعد الثورة، وفي مقدمتها القمح، الذي لم يزد إنتاجه عام 2016 عن 1.7 مليون طن، بحسب بيانات وزارة الزراعة، أي بنسبة لا تتجاوز 37% من الخطة الإنتاجية لزراعة موسم القمح. وما تم تسويقه للمؤسسة العامة للحبوب لم تتجاوز نسبته 25%. أي أن هناك 75% من الإنتاج الفعلي لم يتم تسويقه لمصلحة مؤسسة الحبوب الحكومية. في حين كانت الخطة الإنتاجية لزراعة القمح لعام 2016 تتضمن زراعة مساحة 1.7 مليون هكتار لإنتاج 4.6 ملايين طن من القمح.
الأسد يقايض المزروعات
ويقول الاقتصادي السوري، محمود حسين، إنه رغم كل الخسائر التي لحقت بقطاع الزراعة والفلاحين، والتي أدت إلى نقص العرض السلعي والغلاء الفاحش في الأسواق، "ما زلنا نرى نظام الأسد يقايض المنتجات الزراعية بالقمح والنفط مع روسيا، بعد أن بدد الاحتياطي النقدي في البلاد ودخل وحكومته طور الإفلاس، ما دفع إيران إلى وقف تصدير النفط".
ويضيف حسين لـ "العربي الجديد"، أن الزراعة أقل القطاعات التي تلقى اهتماماً من حكومة الأسد، بشقيها النباتي والحيواني. ما حول سورية لمستورد للقمح والبطاطس والمنتجات الزراعية الأخرى التي كانت تصدرها.
وذلك بالرغم مما يقال عن الدعم الحكومي للقطاع الزراعي من خلال مضاعفة الاعتمادات للخطة الاستثمارية من 7 مليارات إلى 15.3 مليار ليرة سورية. أو ما يحكى عن دعم الثروة الحيوانية، وهي أرقام قلما تنعكس فائدة على الفلاحين، خاصة في المناطق الخارجة عن سيطرة الأسد، والتي تعد سلة سورية الغذائية.
ويشير حسين إلى أن إنتاج النفط الذي يسيطر عليه نظام بشار الأسد تراجع إلى أقل من 4 آلاف برميل، وفق آخر تصريح لوزير النفط، في حين تبلغ احتياجات سورية أكثر من 200 ألف برميل يومياً. وكان الإنتاج قبل عام 2011 نحو 380 ألف برميل نفط يومياً، ما أدى إلى رفع أسعار النفط ست مرات خلال الثورة. وذلك، قبل أن تفضح إيران إفلاس الأسد وتوقف مده بالمشتقات النفطية أخيراً، ما دفعه إلى فتح باب الاستيراد أمام القطاع الخاص، لأول مرة منذ أكثر من خمسة عقود.
ويحذر الخبراء من قتل الزراعة السورية بسبب اجتماع كل عوامل موتها من: غلاء مستلزمات الإنتاج وبذار الأسمدة والمشتقات النفطية، أو عدم توافرها في الأسواق، فضلاً عن الحرب المستمرة منذ نحو ست سنوات، ما ينذر بخروج مزيد من المساحات المروية المقدرة بنحو 781 ألف هكتار، عن الإنتاج.
ويلفت برغل، من ريف إدلب، إلى أن ارتفاع أسعار المازوت وندرته، في الآونة الأخيرة، سيزيد من صعوبات وتكاليف العمل الزراعي للحد الذي يوقع الفلاحين في الخسائر. ويشرح أن تنظيم "داعش" الذي كان يمد المناطق المحررة بالمشتقات النفطية، توقف في الوقت نفسه الذي توقفت خلاله إيران عن مد نظام الأسد بالنفط. ما خلق أزمة مياه للقطاع الزراعي ستنعكس على كمية الإنتاج وأسعار المنتجات.
توسيع الاحتكارات
ويضيف برغل لـ "العربي الجديد" أن حكومة بشار الأسد سمحت للصناعيين باستيراد المازوت، ليتحكموا في السوق والأسعار وبيعه للفلاحين. كما ألزمت شركة محروقات ببيع مخصصات بعض المنشآت الصناعية المازوت بسعر تكلفة الاستيراد (350 ليرة لليتر). لكنّ أحداً لم يعر أهمية للزراعة أو معاناة الفلاحين الذين يدفعون زيادة أسعار أكثر من 1000% حين شراء السماد والبذار، ونحو 500 ليرة سعر ليتر المازوت.
بدوره، يقول مدير الإنتاج النباتي في وزارة الزراعة، عبد المعين قضماني، إن موسم العام الماضي كان مقبولاً، نتيجة وفرة الأمطار ببعض المحافظات. لكنّ التخوف من موسم العام الحالي، خاصة للمساحات المروية إذا لم يتوفر المازوت من جهة، ومن جهة أخرى إذا لم يكن هناك هطولات مطرية، خاصة خلال الأسبوع الثالث من آذار/مارس الحالي، وتحديداً لموسم القمح الذي يعتمد قسم كبير منه على السقاية.
وتوقع المسؤول قضماني، خلال تصريحات صحافية، أن تكون نسبة تراجع إنتاج المواسم الزراعية خلال هذا الموسم نتيجة نقص مادة المازوت وعدم كفاية الأمطار أكثر من 30% بالنسبة للمساحات المروية التي تعتمد على الضخ والآبار.
وفي حين جاءت توقعات وزارة الزراعة "متفائلة" حول أثر وقف إيران مد نظام الأسد بالمحروقات، يؤكد مدير الشؤون الزراعية في اتحاد الفلاحين، محمد حمود الخليف، أن نقص المازوت سيؤدي إلى تراجع الإنتاج بنحو 45%، لأن أكثر المساحات المروية في سورية تتم سقايتها بالآبار العامة التي تعمل على الديزل.
ويضيف الخليف، خلال تصريحات صحافية، أن المساحات التي زرعت مع بداية الموسم ستنخفض إلى النصف نتيجة عدم كفاية المحروقات. والأمر الآخر أن تأثير نقص مادة المازوت لن ينعكس فقط على المحاصيل الاستراتيجية مثل القمح والقطن والشعير، وإنما سيلحق بالخضروات المكشوفة التي تعتمد على السقاية. إضافة إلى البيوت البلاستيكية في الساحل التي تعتمد على المازوت .
وتعاني سورية، منذ سنوات، من تراجع الإنتاج الزراعي، إثر التدهور الحاد الذي لحق بهذا القطاع خلال سنوات الحرب، ما أدى إلى تراجع الصادرات الزراعية السورية من 2.3 مليون طن في العام 2010 إلى حوالي 358 ألف طن في العام 2015.
انهيار القطاع الزراعي
وتقلصت مساحات الأراضي المزروعة حوالي 40%، وتراجع إنتاج المحاصيل الرئيسة (القمح، الشعير، البطاطس، البندورة) خلال الأزمة بحوالي 50%. كما عانى القطاع من نقص شديد في مستلزمات الإنتاج الأساسية (البذار، الأسمدة، المبيدات الحشرية والمحروقات). ما أدى، بحسب تقارير رسمية، إلى حدوث فجوة بين الإنتاج المحلي والحاجات الغذائية الداخلية.
وتراجع في المقابل إنتاج المحاصيل الاستراتيجية في سورية بعد الثورة، وفي مقدمتها القمح، الذي لم يزد إنتاجه عام 2016 عن 1.7 مليون طن، بحسب بيانات وزارة الزراعة، أي بنسبة لا تتجاوز 37% من الخطة الإنتاجية لزراعة موسم القمح. وما تم تسويقه للمؤسسة العامة للحبوب لم تتجاوز نسبته 25%. أي أن هناك 75% من الإنتاج الفعلي لم يتم تسويقه لمصلحة مؤسسة الحبوب الحكومية. في حين كانت الخطة الإنتاجية لزراعة القمح لعام 2016 تتضمن زراعة مساحة 1.7 مليون هكتار لإنتاج 4.6 ملايين طن من القمح.
الأسد يقايض المزروعات
ويقول الاقتصادي السوري، محمود حسين، إنه رغم كل الخسائر التي لحقت بقطاع الزراعة والفلاحين، والتي أدت إلى نقص العرض السلعي والغلاء الفاحش في الأسواق، "ما زلنا نرى نظام الأسد يقايض المنتجات الزراعية بالقمح والنفط مع روسيا، بعد أن بدد الاحتياطي النقدي في البلاد ودخل وحكومته طور الإفلاس، ما دفع إيران إلى وقف تصدير النفط".
ويضيف حسين لـ "العربي الجديد"، أن الزراعة أقل القطاعات التي تلقى اهتماماً من حكومة الأسد، بشقيها النباتي والحيواني. ما حول سورية لمستورد للقمح والبطاطس والمنتجات الزراعية الأخرى التي كانت تصدرها.
وذلك بالرغم مما يقال عن الدعم الحكومي للقطاع الزراعي من خلال مضاعفة الاعتمادات للخطة الاستثمارية من 7 مليارات إلى 15.3 مليار ليرة سورية. أو ما يحكى عن دعم الثروة الحيوانية، وهي أرقام قلما تنعكس فائدة على الفلاحين، خاصة في المناطق الخارجة عن سيطرة الأسد، والتي تعد سلة سورية الغذائية.
ويشير حسين إلى أن إنتاج النفط الذي يسيطر عليه نظام بشار الأسد تراجع إلى أقل من 4 آلاف برميل، وفق آخر تصريح لوزير النفط، في حين تبلغ احتياجات سورية أكثر من 200 ألف برميل يومياً. وكان الإنتاج قبل عام 2011 نحو 380 ألف برميل نفط يومياً، ما أدى إلى رفع أسعار النفط ست مرات خلال الثورة. وذلك، قبل أن تفضح إيران إفلاس الأسد وتوقف مده بالمشتقات النفطية أخيراً، ما دفعه إلى فتح باب الاستيراد أمام القطاع الخاص، لأول مرة منذ أكثر من خمسة عقود.