02 سبتمبر 2019
هل تنقذ مصر "توت عنخ آمون"؟
بين حين وآخر تفاجئنا قاعات المزادات الدولية بعرض قطع أثرية مصرية للبيع، وعادة ما يتم بيعها بالفعل؛ وفي حالات عديدة تتجاهل الحكومة المصرية الأخبار عن تلك المعارض. أما إذا اضطُرت للتجاوب مع تلك الأخبار، فتعلن أنها لن تسمح ببيع تلك الآثار، وأنها ستعمل على إعادتها. ولكن وللأسف الشديد، لا نكاد نذكر واقعة واحدة استطاعت فيها الحكومة المصرية منع بيع أي قطعة أثرية في تلك القاعات أو إعادتها إلى مصر.
وعلى الرغم من أن وزارة الآثار تعلن بين حين وآخر، ولا سيما في العامين الأخيرين، عن استرداد قطع أثرية سبقت سرقتها وتهريبها خارج البلاد، إلا أننا في الحقيقة لم نرَ حتى الآن ضمن تلك الآثار المستردة أي قطعة كانت معروضة للبيع في مزاد علني.
ولذا، فإن ما أعلنت عنه أخيرا قاعة المزادات الدولية "كريستيز" عن عزمها على عرض رأس حجري منحوت للملك الذهبي توت عنخ آمون، بمزاد علني سيتم تنظيمه مطلع يوليو/ تموز المقبل في لندن، ومتوقع بيعه بمبلغ قدره أربعة ملايين جنيه إسترليني، يجعلنا نعجب أكثر من تلك القاعات التي تعلن وبشكل علني عن بيع أثر لملك من أشهر ملوك مصر، هكذا من دون خجل أو حياء، في وقت تكتفي فيه وزارة الآثار المصرية ببيان على لسان رئيس إدارة الآثار المستردة، يعلن فيه أن الوزارة لن تتهاون أو تسمح ببيع الرأس الحجري لتوت عنخ آمون، وأنه سيتم التواصل والتنسيق مع وزارة الخارجية من أجل مخاطبة قاعة كريستيز، للوقوف على حقيقة المستندات التي تملكها حيال تلك القطعة الأثرية المهمة، هذا على الرغم من أن الوزارة قالت إن رأس التمثال ليس من مفقودات متاحف أو مخازن وزارة الآثار، وهذا القول يُثبت صعوبة إرجاع هذه القطعة، سواء قيل عن قصد أو من دون قصد.
وبالفعل، قد يكون الرأس الحجري ليس من مفقودات الوزارة، لكن الأغرب أن المسؤول عن الآثار المستردة يقول إنه إذا ثبت خروج أي قطعة بشكل غير شرعي فسيتم اتخاذ كل الإجراءات القانونية مع الإنتربول الدولي من أجل استردادها، وهذا حقيقة ما نتمناه ويتمناه كل مصري. وللأسف الشديد، هذا الأمر صعب التحقيق، خصوصا أن المسؤول يقول "إذا ثبت خروجه بشكل غير رسمي"، فهناك العديد من الآثار خرجت من مصر وما زالت تخرج تحت مفهوم "الطريق الشرعي".
بعيدا عما يتم نهبه من خلال التنقيب غير الشرعي والسرقات، ومن ثم تهريبه إلى الخارج، هناك، للأسف الشديد، قطع آثار عديدة تخرج من مصر بشكل قانوني من خلال البعثات الأجنبية العاملة في مصر، فقد كان من شروط عمل تلك البعثات حتى عام 1983 وقبل صدور القانون 117 أن تحصل تلك البعثات على نسبة 50% من نتائج ما تقوم به من حفريات، حتى أنه وبعدما تم تعديل القانون المذكور في إبريل/ نيسان 2018 ما زالت النسبة التي يحق للبعثة الحصول عليها هي 10% تُعطى لهم مكافأة طبقا للمادتين 35 و36 من القانون المعدل، فهذه النسب التي تحصل عليها البعثات يتم إخراجها من مصر بشكل شرعي ورسمي، وقد يكون ذلك الرأس من ضمن ما خرج طبقا لهذا القانون. وفي هذه الحالة، ليس من حق مصر ولا باستطاعتها (للأسف) إرجاع ذلك الرأس أو منع بيعه! خصوصا أنه سبق لهذه القاعة وغيرها بيع العديد من الآثار المصرية ولم تستطع الحكومة المصرية منع ذلك، ففي 18 إبريل 2018، باعت قاعة كرستيز أيضا 27 قطعة آثار مصرية في مزادها العلني في نيويورك، والذي وصل فيه سعر بعضها إلى أكثر من مليون و500 ألف دولار، وحينها لم تستطع الحكومة المصرية وقف البيع أو إعادة القطع.
وعلى الرغم من أن وزارة الآثار تعلن بين حين وآخر، ولا سيما في العامين الأخيرين، عن استرداد قطع أثرية سبقت سرقتها وتهريبها خارج البلاد، إلا أننا في الحقيقة لم نرَ حتى الآن ضمن تلك الآثار المستردة أي قطعة كانت معروضة للبيع في مزاد علني.
ولذا، فإن ما أعلنت عنه أخيرا قاعة المزادات الدولية "كريستيز" عن عزمها على عرض رأس حجري منحوت للملك الذهبي توت عنخ آمون، بمزاد علني سيتم تنظيمه مطلع يوليو/ تموز المقبل في لندن، ومتوقع بيعه بمبلغ قدره أربعة ملايين جنيه إسترليني، يجعلنا نعجب أكثر من تلك القاعات التي تعلن وبشكل علني عن بيع أثر لملك من أشهر ملوك مصر، هكذا من دون خجل أو حياء، في وقت تكتفي فيه وزارة الآثار المصرية ببيان على لسان رئيس إدارة الآثار المستردة، يعلن فيه أن الوزارة لن تتهاون أو تسمح ببيع الرأس الحجري لتوت عنخ آمون، وأنه سيتم التواصل والتنسيق مع وزارة الخارجية من أجل مخاطبة قاعة كريستيز، للوقوف على حقيقة المستندات التي تملكها حيال تلك القطعة الأثرية المهمة، هذا على الرغم من أن الوزارة قالت إن رأس التمثال ليس من مفقودات متاحف أو مخازن وزارة الآثار، وهذا القول يُثبت صعوبة إرجاع هذه القطعة، سواء قيل عن قصد أو من دون قصد.
وبالفعل، قد يكون الرأس الحجري ليس من مفقودات الوزارة، لكن الأغرب أن المسؤول عن الآثار المستردة يقول إنه إذا ثبت خروج أي قطعة بشكل غير شرعي فسيتم اتخاذ كل الإجراءات القانونية مع الإنتربول الدولي من أجل استردادها، وهذا حقيقة ما نتمناه ويتمناه كل مصري. وللأسف الشديد، هذا الأمر صعب التحقيق، خصوصا أن المسؤول يقول "إذا ثبت خروجه بشكل غير رسمي"، فهناك العديد من الآثار خرجت من مصر وما زالت تخرج تحت مفهوم "الطريق الشرعي".
بعيدا عما يتم نهبه من خلال التنقيب غير الشرعي والسرقات، ومن ثم تهريبه إلى الخارج، هناك، للأسف الشديد، قطع آثار عديدة تخرج من مصر بشكل قانوني من خلال البعثات الأجنبية العاملة في مصر، فقد كان من شروط عمل تلك البعثات حتى عام 1983 وقبل صدور القانون 117 أن تحصل تلك البعثات على نسبة 50% من نتائج ما تقوم به من حفريات، حتى أنه وبعدما تم تعديل القانون المذكور في إبريل/ نيسان 2018 ما زالت النسبة التي يحق للبعثة الحصول عليها هي 10% تُعطى لهم مكافأة طبقا للمادتين 35 و36 من القانون المعدل، فهذه النسب التي تحصل عليها البعثات يتم إخراجها من مصر بشكل شرعي ورسمي، وقد يكون ذلك الرأس من ضمن ما خرج طبقا لهذا القانون. وفي هذه الحالة، ليس من حق مصر ولا باستطاعتها (للأسف) إرجاع ذلك الرأس أو منع بيعه! خصوصا أنه سبق لهذه القاعة وغيرها بيع العديد من الآثار المصرية ولم تستطع الحكومة المصرية منع ذلك، ففي 18 إبريل 2018، باعت قاعة كرستيز أيضا 27 قطعة آثار مصرية في مزادها العلني في نيويورك، والذي وصل فيه سعر بعضها إلى أكثر من مليون و500 ألف دولار، وحينها لم تستطع الحكومة المصرية وقف البيع أو إعادة القطع.
حسين دقيل
باحث متخصّص في الآثار، دكتوراه في الآثار اليونانية والرومانية من جامعة الإسكندرية في مصر. العبارة المفضّلة لديه "من لم يهتم بتراثه ويحافظ عليه فلا مستقبل له".
حسين دقيل
مقالات أخرى
07 يونيو 2019
02 مايو 2019
16 ابريل 2019