هنا بلاط المغول... فنون الجواهر والأحجار الكريمة

الدوحة

العربي الجديد

لوغو العربي الجديد
العربي الجديد
موقع وصحيفة "العربي الجديد"
25 نوفمبر 2019
A93C9676-9D47-4E74-97BA-7F52DABA86DE
+ الخط -

لطالما عبر الرحالة عن دهشتهم لاستعراض الثروات الباذخة في بلاط ملوك المغول الذين حكموا الهند بين القرنين السادس عشر والتاسع عشر.

في الاحتفالات الرسمية، كان الأباطرة يتزينون بالمجوهرات المحفوظة في خزائنهم الممتلئة. هذا النوع من الجواهر لا يعكس فقط الأبهة الملكية بل هو رمز السلطة أيضاً.

غير أن للهند تاريخاً بعيداً مع المجوهرات والأحجار الكريمة، بدءاً من ثرائها بالمناجم، حتى فنون تطويعها وتشكيلها.
فهذا هو عبد الرزاق السمرقندي، السفير التيموري لدى الهند (1442 ميلادية) يقول "من بين كل ممالك العالم، هذا هو المكان الذي يظهر فيه فن التطعيم بالجواهر في أبهى صوره".

المعرض الذي يقيمه متحف الفن الإسلامي في الدوحة، بعنوان "أحجار كريمة ومجوهرات من البلاط الملكي الهندي"، يقدم مقتطفاً من هذه الفنون المترفة، ليس فقط لدى من تزينوا بها، بل في العمارة الملكية التي رصعوا جدرانها وأعمدتها.

يظهر المعرض الذي يستمر حتى الثامن عشر من يناير/ كانون الثاني 2020، كيف استخدمت باقة واسعة من التقنيات، والتقاليد الفنية في صناعة المجوهرات الهندية على اختلاف أنواعها، سواء أكانت ملكية، أم احتفالية تعبدية أم تزيينية.

تزخر تربة الهند بالكنوز الطبيعية. وقد بدأ استخراج الفلزات والمعادن فيها منذ أكثر من 5000 عام، وحولت هذه المعادن إلى قطع فنية وحلي زينت الناس، وقدمت هدايا.

واشتهرت الهند منذ القدم بثرواتها، وكانت أحجارها ثمينة جداً، إلى درجة أن الحروب شنت للحصول على حقوق استخراجها من المناجم.

الماس
ظلت الهند المصدر الوحيد للماس، وكانت مناجم غولكوندا في ديكان الأكثر شهرة. وقد ضمن المغول تدفقاً ثابتاً من الثروة للخزينة الإمبراطورية، حين تمكنوا من السيطرة على هذه المناجم عام 1687.

وأحيط منجم الماس في غولكوندا بالسرية الشديدة، وكان الموت مصير من يكشف هذا السر. نقلت قوافل مؤلفة من عشرات آلاف الإبل، أو الثيران أحمال الماس عبر آسيا.

واليوم يكاد المنجم يكون فارغاً اليوم، وتشير التقديرات إلى أنه أنتج 12 مليون قيراط ماس على مدار 200 عام.

استعرض المغول ثروتهم، من خلال التزين بقطع فاخرة من المجوهرات، وأيضاً من خلال تزيين محيطهم بمصنوعات وقطع باذخة مرصعة بالأحجار الكريمة، حيث أصبحت فنونهم هذه رمزاُ للأسلوب الهندي.

المجوهرات والأحجار الكريمة تعبيراً عن الثراء والسلطة (العربي الجديد)

وصلت كنوز الهند عن طريق التجارة إلى أماكن بعيدة مثل روما القديمة والصين الإمبراطورية. الأحجار العظيمة الخمسة: الماس، والياقوت، والزمرد، والزفير، واللؤلؤ هي الأكثر رواجاً. وكانت جزءاً من نظام معقد شامل، ارتبط بالطب، والفلك، والفلسفة الطبيعية.

ظلت الهند المصدر الوحيد للماس إلى حين اكتشاف المخزونات الرسوبية في البرازيل عام 1725 وجنوب أفريقيا 1866. ورغم ان التجار الأوروبيين بدأوا بتوظيف رؤوس الأموال في موارد الهند الطبيعية الهائلة، إلا أن المغول هم الذين سيطروا على شبكة الأحجار التجارية الواسعة النطاق.

ومعلوم أن ثلاثاً من أشهر ماسات العالم جاءت أصلاً من الهند: ماسة "المغولي العظيم" و "كوهي جبل اتلنور"، والثالثة "ماسة الأمل".

الإمبراطور المغولي شاه جهان (العربي الجديد)

الزمرد
كان الزمرد الأخضر الفاتح يجلب أصلاً من مصر أو باكستان. لكن في أعقاب توسيع الشبكات التجارية أصبح الزمرد الأخضر الغامق يأتي من كولومبيا. ساد اعتقاد أن الزمرد يمنع الأمراض ويجلب الحظ السعيد.

وقطعت هذه الأحجار على طول حوافها الخارجية فقط، علماً أن هذا النوع من التقطيع هو المفضل في صياغة الماس لدى البلاط المغولي، لأنه يحافظ على حجم الماسة. والماس أقسى الأحجار الكريمة على الإطلاق، ويرمز إلى الحياة المديدة والصمود والجمال.

أما الإسبنيل المستخدم في المجوهرات المغولية، فيستخرج من ميانمار، ومنطقة بدخشان الجبلية في آسيا الوسطى. ويعتقد أنه يمنح القوة والهيبة. غالباً ما يوجد الإسبنيل بأحجام كبيرة. لذلك كان يصقل ويثقب ويستخدم خرزاً. واعتاد حكام المغول نقش أسمائهم وألقابهم الإمبراطورية على أحجار الإسبنيل.

اسكتشات قبل تحويلها إلى مجوهرات (العربي الجديد)

اللؤلؤ رمز السلطة
تعتبر اللآلئ من الأحجار الكريمة، رغم أنها لا تستخرج من الأرض، بل من البحار. واستخدم بشكل كثيف في المجوهرات الهندية، مما يفسر العلاقات التجارية الطويلة بين الهند والخليج العربي. وكان اللؤلؤ رمزاً مهماً للسلطة.أما الحبات الكاملة الاستدارة منه، فتبشر بالحياة المديدة والثروة.

الزفير
قديماً، كان الزفير يستخرج من تلال مالابار الجنوبية في الهند. وفي فترة لاحقة أصبحت سريلانكا المنتج الرئيسي لهذا الحجر حتى عام 1881، حين كشفت كشمير عن مخزونات أكثر قيمة وجمالاً، رغم أن العديد من الثقافات تعتبر الزفير رمزاً للقوة والحكمة، إلا أن الهنود القدماء اعتقدوا أنه يجلب الحظ السيئ، لذا نادراً ما استخدموه في مجوهراتهم.

أسهمت أساليب البلاط المغولي في إثراء الخزينة الإمبراطورية. إذ كانت أجمل الجواهر تقدم للملك ناهيك عن ثروات النبلاء، كذلك كانت علية القوم ملزمة بتقديم الهدايا الفاخرة في أعياد الميلاد ورأس السنة الجديدة.

لم تقتصر الزينة بالجواهر على الملوك بل على محيطهم. والقطع التي يستخدمونها  في عمائرهم حيث كانت مبانيهم تزخرف بالجواهر والأحجار الكريمة وشبه الكريمة، نوعاً من التذكير المرئي والمستمر بثرواتهم.

ووصلت تقنية زخرفة العمائر بالجواهر بواسطة الزوار الإيطاليين في أوائل القرن السابع عشر. وانتشرت التقنية المعروفة باسم بارشين كاري (بالإيطالية Pietra Dura) بشكل خاص في عهد شاه جهان، والنموذج الأشهر منها هو قصر تاج محل التحفة النادرة.

قلادة من الزفير - القرن 19 (العربي الجديد)

خارج البلاط
شكلت المجوهرات جزءاً مهماً من الثقافة الهندية التقليدية الأوسع نطاقاً. فقد استخدمت لتزيين لابسيها وعكست طقوس الحياة اليومية والهوية والمكانة. كذلك ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بالدين والثروة والصحة، وكانت مصدراً للحماية من سوء الطالع والمرض. ثمة أنواع محددة من المجوهرات تلبس في المناسبات المختلفة، مثل الحمل والولادة والطفولة والزواج.

دلالات

ذات صلة

الصورة
متظاهرون يطالبون باستقالة الشيخة حسينة، داكا 4 أغسطس 2024 (محمد راكيبول حسن رافييو/Getty)

سياسة

فرّت رئيسة الوزراء الشيخة حسينة من بنغلادش الاثنين، لينتهي حكمها الذي استمر 15 عاماً بعد أكثر من شهر على تظاهرات أوقعت مئات القتلى.
الصورة

منوعات

أثارت الرئيسة الهندية دروبادي مورمو جدلاً حاداً خلال دعوتها لعشاء قادة مجموعة العشرين، حيث استخدمت عبارة "رئيس بهارات" بدلاً من "رئيس الهند". هذا الخبر أثار تساؤلات ونقاشاً حول تغيير اسم البلاد.
الصورة

سياسة

تأسست مجموعة "بريكس" كجبهة اقتصادية وسياسية طموحة تعكس تحولاً جذرياً في النظام العالمي. جمعت البرازيل وروسيا والهند والصين في بادئ الأمر لتشكيل هذه المنظمة في عام 2006، تحت اسم "بريك"، وتم انضمام جنوب أفريقيا إليها في عام 2011، ليصبح الاسم "بريكس".
الصورة

مجتمع

أفادت تقارير إعلامية بأن نحو 300 شخص لقوا حتفهم، ونُقل 850 إلى المستشفيات في الهند، بعد خروج قطار ركاب عن مساره واصطدامه بقطار بضائع في منطقة بالاسور بولاية أوديشا يوم الجمعة.
المساهمون