التقى الرئيس التونسي قيس سعيّد، الإثنين، مع وزيرة الداخلية الإيطالية، لوتشانا لامورجيزي، بحضور وزير الداخلية التونسي ورئيس الحكومة المكلف، هشام المشيشي، والوزير مستشار الأمن القومي، الأميرال عبد الرؤوف عطاء الله، وتناول اللقاء "مسألة تدفق المهاجرين نحو إيطاليا" والتعاون الثنائي بين البلدين.
وكانت لامورجيزي وصلت إلى تونس لبحث تزايد تدفق المهاجرين غير الشرعيين إلى سواحل بلدها إيطاليا، ومطالبة السلطات التونسية مساعدتها عبر تشديد الرقابة والمتابعة.
وشدد الرئيس التونسي في اللقاء، بحسب البلاغ الرسمي، "على وجوب تكاتف جهود المجموعة الدولية من أجل البحث عن مقاربة جديدة لمعالجة ظاهرة الهجرة غير النظامية، معتبراً أن الحلول الأمنية ليست كفيلة بمعالجتها".
واعتبر سعيد أن "قضية الهجرة غير النظامية هي مسألة إنسانية بالأساس، لذلك لا بد من معالجة أسبابها"، وأضاف أن "الهجرة ليست الحل، بل إن الحل يكمن في تعاون مختلف الدول من أجل إيجاد حلول تضمن بقاء هؤلاء المهاجرين في بلدانهم، وهي مسؤولية جماعية".
ومن جانبها قالت وزيرة الداخلية الإيطالية "إنها وجدت تفهماً من الرئيس التونسي حول تزايد تدفق المهاجرين إلى إيطاليا" مؤكدة أن "قرار الحكومة الايطالية حول تسوية وضعيات المهاجرين التونسيين يشمل الذين قدموا من قبل، وليس من يأتون الآن" وفق تعبيرها.
وتصاعدت وتيرة الهجرة غير النظامية للتونسيين نحو إيطاليا، حيث سجل المرصد التابع للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وصول 4351 مهاجراً غير نظامي إلى إيطاليا منذ 1 يناير/كانون الثاني 2020، منهم 2801 وصلوا منذ 1 يوليو/تموز الحالي، أي بمعدل 100 مهاجر يومياً خلال هذا الشهر.
وذكرت تقارير إعلامية إيطالية، أن السلطات سجلت وصول ما يقارب 1000 تونسي عبر سواحلها خلال اليومين الماضيين.
اعتبر سعيد أن "قضية الهجرة غير النظامية هي مسألة إنسانية بالأساس، لذلك لا بد من معالجة أسبابها
وأكد النائب السابق عن التونسيين المهاجرين في إيطاليا، محمد بن صوف، لـ" العربي الجديد" أن لامورجيزي أعلنت في روما منذ الأسبوع الماضي أنها ستزور تونس "لبحث موضوع الهجرة غير الشرعية" مشيراً إلى أنها زارت ليبيا حول نفس الملف، مرجحاً زيارة دول أخرى في شمال أفريقيا.
وأضاف بن صوف "أن موضوع تدفق المهاجرين التونسيين ومن جنسيات أخرى إلى سواحل إيطاليا يومياً يعد الهم الرئيسي لحكومة جوزبي كونتي، بالإضافة إلى الجدل الحاد الذي يؤججه ممثلو الأحزاب اليمينية والشعبويون والتيارات السياسية المتطرفة".
ولفت بن صوف إلى أنه جرت محادثة بين الوزيرين التونسي والايطالي، سبقت مقابلة لامورجيزي بسعيد، وتمحورت حول نقطتي العبور للمهاجرين غير النظاميين، بكل من محافظتي "صفاقس" و"المهدية" واللتين أصبحتا بمثابة المضخة اليومية للهجرة.
وبين بن صوف أن المشاكل الاجتماعية في تونس هي المحرك الأول والرئيسي للهجرة غير النظامية، فبقدر ما يزداد الوضع المعيشي تدهوراً في تونس، ترتفع وتيرة الهجرة والمخاطرة بركوب أمواج الموت نحو سواحل إيطاليا.
وأكد المتحدث أن هناك تأخراً في وضع مقاربة اجتماعية واقتصادية للنهوض ببؤر الهجرة غير الشرعية، فغالبية المقبلين على الهجرة من الطبقات المعدومة والفقيرة، ومن واجب أوروبا أن تساهم في نماء هذه المناطق المهمشة والأقل حظاً في تونس، لإيقاف نزيف الهجرة نحوها.
ولفت المتحدث أن هناك مبالغة من التيارات المتطرفة في إيطاليا تجاه المهاجرين التونسيين غير النظاميين، الذين ساهموا خلال جائحة كورونا في إخراج إيطاليا من أزمتها الاقتصادية، من خلال عملهم بالفكر والساعد في وظائف وأعمال ومهن شاقة نفر منها الايطاليون أنفسهم.
وأضاف أن التجربة أثبتت أن الحلول الأمنية لن تردع المهاجرين المثقلين بالإحباط واليأس، حيث تحولنا من هجرة الشباب إلى ظاهرة هجرة عائلات بأسرها، فمخاطرتهم بحياتهم من أجل العمل والعيش الكريم في أوروبا لا يمكن أن يتوقف إلا بتأمين العيش الكريم لهم في بلدهم.