كشف وزير الاقتصاد والمالية بالمملكة المغربية، محمد بوسعيد، لـ "العربي الجديد" عن وصول نحو 2.7 مليار دولار من المساعدات التي وعدت دول الخليج بتقديمها للمغرب قبل أكثر من 4 سنوات بقيمة 5 مليارات دولار.
ونفى المسؤول المغربي تراجع المساعدات المالية التي تقدمها دول مجلس التعاون الخليجي إلى بلاده، مؤكداً أن الدعم الخليجي إلى المغرب لم يتأثر على خلفية تهاوي أسعار النفط خلال العامين الماضيين، والظروف الاقتصادية التي تمر بها هذه الدول، قائلاً: "المغرب لم يشعر بأي تغيير في شراكته الاستراتيجية مع دول مجلس التعاون".
وقال الوزير المغربي في تصريحاته الخاصة ل" العربي الجديد" على هامش مشاركته في فعاليات المؤتمر الحادي عشر لإثراء المستقبل الاقتصادي للشرق الأوسط الذي اختتم أعماله أمس الأربعاء، إن حزمة الدعم الخليجي التي تم الاتفاق عليها في العام 2012، لم تتعطل أو تتوقف كما ردد البعض.
وكان مسؤولون مغاربة قد أكدوا أن المغرب لم يتلق سوى نحو 307 ملايين دولار من مخصصات المنحة الخليجية لعام 2015 والبالغ قيمتها مليار دولار، كما اعترف وزير السكنى وسياسة المدينـة المغـربي، محمد نبيل بنعبدالله، بتباطؤ المساعـدات الخليجية لبلاده منذ تـراجع أسعار النفط.
وكانت 4 دول خليجية هي الإمارات والسعودية والكويت وقطر قد تعهدت في العام 2012 بتقديم مساعدات قيمتها 5 مليارات دولار للمغرب، وبواقع 1.25 مليار دولار لكل دولة، خلال الفترة بين 2012 و2017 لمساعدة المملكة في تجاوز التداعيات الاقتصادية التي صاحبت ثورات الربيع العربي وتقوية اقتصادها وتعزيز البنية التحتية ودعم قطاع السياحة فيها، كما تعهدت الدول الخليجية أيضا بتقديم حزمة مساعدات مماثلة للأردن قيمتها 5 مليارات دولار على مدى 5 سنوات أيضا.
ويستهدف المغرب في ميزانيته لعام 2016 الحصول على مساعدات مالية قيمتها مليار دولار من الخليج، كما تأمل الحكومـة في خفض عجز الميزانية إلى 3.5% مـن الناتج المحلي الإجمالي خـلال العـام الحالي مـن عجـز متوقع 4.3% في 2015.
وأكد، محمد بو سعيد، في تصريحاته الخاصة لـ "العربي الجديد" أن حزمة المساعدات الخليجية للمغرب كانت مخصصة لتمويل المشاريع والاستثمارات المشتركة، ويتم السحب منها على حسب تقدم المشاريع المتفق عليها بين الطرفين، مؤكدا أن قيمة ما تم سحبه حتى نهاية العام الماضي 2015، تبلغ نحو 2.7 مليار دولار.
وبداية شهر مارس/آذار الماضي قالت وزارة المالية المغربية، إن السعودية والمغرب وقعا اتفاق مساعدة قيمته 230 مليون دولار في إطار حزمة الدعم الخليجي.
وحول ما تردد عن وجود علاقة بين تأخر سحب كامل المبلغ المتفق عليه وعدم تقديم المغرب لمشروعات محددة للجانب الخليجي، نفى الوزير المغربي ذلك أيضا، وقال إن هناك ميكانيزمات وأليات لتمويل هذه المشاريع، ويتم السحب من المنحة الخليجية حسب حالة تقدم كل مشروع.
ورداً على سؤال "العربي الجديد" عما إذا كان المغرب قد تقدم بعروض لمشروعات جديدة إلى الجانب الخليجي لدراستها ومن ثم تقديم التمويل اللازم لها في اطار حزمة المساعدات، قال وزير الاقتصاد والمالية، إن المغرب انتهى بشكل تقريبي من عرض كل المشاريع التي تم الاتفاق حولها مع الجانب الخليجي.
وأضاف الوزير المغربي: "على الرغم من أن أجل المنحة الخليجية من المقرر أن ينتهي مع نهاية العام الجاري، لكن بطبيعة الحال، وبما أنها متعلقة بمشاريع فسوف يستمر أجل المنحة ربما إلى السنة المقبلة".
وفيما يتعلق بحالة الركود التي تسيطر على الاقتصاد الأوروبي وتأثيراتها على الاقتصاد المغربي خاصة على القطاعات الاستراتيجية مثل السياحة والتجارة الخارجية والصادرات، قال بو سعيد، لـ "العربي الجديد": "بالتأكيد الاقتصاد المغربي يتأثر ويتفاعل مع محيطه الإقليمي والدولي، وخاصة منطقة اليورو التي تربطنا بها علاقات وطيدة كما يعلم الجميع والتي تشكل جزءا كبيرا من تجارتنا الخارجية، لافتا تأثر الطلب الخارجي الموجه للمغرب وتأثر معدلات نمو الاقتصاد المغربي منذ بداية الأزمة المالية في أغسطس/آب 2008".
وأكد أن تنويع الاقتصاد المغربي وارتكازه على سياسات القطاع الواضحة في مجالات عدة منها الفلاحة عبر المخطط الأخضر، والصناعة عبر مخطط الإقلاع الصناعي، والسياحة عبر رؤية 2020، واللوجستيك والطاقات المتجددة، وأيضا تركيز المغرب على الاستثمار العمومي ودعم الطلب الداخلي، كل ذلك دفع المغرب إلى تجاوز الركود والمرور من الأزمة.
وأشار إلى أن المغرب الآن بصدد تنويع شراكاته مع دول أخرى وقد تمثل ذلك في زيارة الملك المغربي محمد السادس إلى روسيا ثم الصين والتعاون مع دول أفريقيا والذي سوف يخلق نوعا من التوازن لعلاقاتنا الدولية ويكون بمثابة دعامة أخرى لتنويع اقتصادنا في مواجهة التقلبات الاقتصادية.
وحول الحكم القضائي الصادر عن محكمة العدل الأوروبية ضد المغرب - عقب دعوى رفعتها جبهة البوليساريو بإلغاء اتفاق لتجارة المواد الفلاحية بين المغرب والاتحاد، وترتب عليه قطع العلاقات الرسمية بين المغرب والاتحاد قبل عودتها في 17 مارس الماضي، قال الوزير المغربي أن الأمر لا يزال معروضا في اطار الاستئناف بالمحكمة الأوروبية.