بعد 101 يوم، أي في التاسع من إبريل/ نيسان المقبل، ستجرى الانتخابات الإسرائيلية العامة، بعد قرار رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، القبول بتبكيرها، بما يخدم حساباته الانتخابية والقضائية. فهو، أي نتنياهو، يسعى لمنع المستشار القضائي للحكومة من تقديم قرار رسمي ونهائي في توصيات الشرطة والنيابة العامة بتقديمه للمحاكمة، ويعلن، في الوقت ذاته، أنه لن يستقيل في حال قرر المستشار القضائي للحكومة قبول توصيات الشرطة والنيابة العامة. الفترة المتبقية على الانتخابات ستحول إسرائيل إلى مسرح عبثي من المزايدات، والألاعيب والمناورات الإعلامية، وحملات التشويه والتحريض على معارضي نتنياهو وخصومه، وعلى الفلسطينيين عموماً وفلسطينيي الداخل خصوصاً ونزع شرعية مشاركتهم في الانتخابات، وحقهم في التأثير على القرار مهما كان محدداً وهامشياً.
لغاية الآن، يبدو نتنياهو الفائز المقبل في هذه الانتخابات، خصوصاً في ظل استمرار تمزق معسكر اليسار والوسط، حتى حال تم تقديمه للمحاكمة. وهو يعول على توظيف محاكمته، والانتقادات لسياسته، لصالحه في الانتخابات، من خلال التركيز على مطاردته وملاحقته من قبل اليسار والإعلام والأجهزة الأخرى، بحسب ادعائه ليس لشخصه وإنما لما يمثله كقائد لمعسكر اليمين، سعياً لتنفيذ انقلاب في الحكم. وهو يستخدم تعبير انقلاب بشكل مقصود، مع أن الحديث هو عن انتخابات عامة، لضمان بقاء معسكر اليمين مشدوداً ومتحفزاً للمشاركة في العملية الانتخابية، وفي المقابل دب اليأس في أوساط معسكر الوسط واليسار.
لكن المهم في هذه الأيام الـ101 المتبقية على الانتخابات، وتتبعها نحو 40 يوماً إضافية لحين إعلان النتائج وتشكيل حكومة مقبلة، هو ألا تتحول الانتخابات الإسرائيلية إلى ملهاة عند بعض الأطراف العربية، والأسوأ إلى "قدر" محتوم ينتظر العرب ما سيتمخض عنه، أو ما سيأتي به الناخب الإسرائيلي عله يغير "مجرى تاريخ العرب" ومصير أوطانهم. المعركة الانتخابية في إسرائيل تبدو هذه المرة تكراراً للانتخابات التي سبقتها والتي سبقت التي سبقتها. وهي تسير باتجاه واحد فقط، مزيد من الانقسامات داخل اليسار، وسطوع نجم جنرال سابق، بيني غانتس، قد يغير مساره عند خط النهاية وينقلب لحليف لنتنياهو ووزير أمن عنده. لهذا يخطئ من يظن أن الفرج سيأتي بعد الانتخابات، ومخطئ من سيدعو لانتظار نتائج هذه الانتخابات، فما هو موجود هو ما سيكون، ربما مع بعض التغييرات الطفيفة لا غير.