41 % من الشباب السوري النازح فكر في الانتحار

11 يوليو 2014
50% من السوريّين اللاجئين لا يشعرون بالأمان في لبنان(UNHCR)
+ الخط -

تُنذر الأرقام الصادرة عن المنظمات الإنسانية وبرامج الأمم المتحدة المختلفة حول اللاجئين السوريين، بالخطر. ومع الإعلان عن كل دراسة وإطلاق كل برنامج عمل، يزداد في المقابل هذا الخطر. ليس بسبب ما قد يُشكّله اللاجئون وعددهم، بل هو الخشية على حياتهم.
وتُعتبر الحالة النفسية للاجئين أحد أهم أسباب هذا الخطر، إذ إنه لم يتمّ تسليط الضوء عليها في السابق. وقد رأى ممثل صندوق الأمم المتحدة لشؤون السكان في لبنان روس ماونتن في مؤتمر صحافي عقده، اليوم الجمعة، أن "مشاعر الخوف والحزن والغضب والملل والإحباط والأسر والتمييز لدى الشباب تؤثر على حالتهم النفسية". 
إلى ذلك، عكست دراسة أطلقها صندوق الأمم المتحدة لشؤون السكان، اليوم، بعنوان "تركيز على الشباب المتأثر بالأزمة السورية في لبنان في السياق الإنساني" هذا الخطر.

ويُشكّل الشباب 17 في المئة من اللاجئين السوريين الموجودين في لبنان. وفيما وصل عدد اللاجئين الى أكثر من مليون ومئة وعشرين ألف لاجئ، فإن 165 ألفاً منهم هم شباب تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاماً. 
واعتبر ماونتن أن "هؤلاء المراهقين والشباب يختلفون بتجارب تأثرهم  بالأزمة". وقال إن "عوامل مثل الانفصال عن الشبكة الاجتماعية والمجتمع بما في ذلك الأسرة، والتوقّف عن التعلّم الرسمي وغير الرسمي، وفقدان مصادر الرزق وعدم الحصول على الخدمات الصحية، والتكيّف بالبيئة المضيفة، جميعها عوامل تؤدي إلى تعزيز وإحداث سلوكيّات لدى الشباب".

اعتمدت الدراسة على عيّنة عشوائيّة من قاعدة بيانات اللاجئين المسجّلين لدى المفوضيّة السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وتمّ جمع المعلومات بين الفترة الممتدة من سبتمبر/أيلول حتى ديسمبر/كانون الأول 2013. وقد أجريت الدراسة لمناسبة اليوم العالمي للسكان. وذلك عبر مجموعات حوار هادفة مع شباب لبنانيّين وسوريّين (21 مجموعة مؤلفة من 218 شاباً وشابة)، ومقابلات مع أهالي الشباب ومقدمي الخدمات والمعنيّين الآخرين (53 مقابلة). وإلى ذلك تمّ ملء 985 استمارة مفصلة مع الشباب السوريّين.

الحالة النفسيّة سيئة: أرقام وأسباب
بحسب دراسة لصندوق الأمم المتحدة للسكان، فكّر 41 في المئة من اللاجئين السوريّين إلى لبنان في الانتحار. وقال أحد الشباب الذين شملتهم الدراسة "أتمنى لو تدهسني سيارة، فأموت لكثرة ما أكره الحياة التي أعيشها".
والحالة النفسيّة السيئة للاجئين تعود لأسباب عدّة. ويُعدّ انعدام الشعور بالأمان السبب الأول وراء هذه الحالة، إذ أعرب 50 في المئة من الشباب عن أنهم لم يشعروا بالأمان قط خلال وجودهم في لبنان. ولا تشعر 19 في المئة من الشابات بالأمان خلال استعمال المرحاض في الليل، فيما لا تشعر 7 في المئة منهنّ بالأمان خلال النوم.

من جهة أخرى، ينتشر الزواج المبكر لدى النازحين بشكل كبير. وقد أظهرت الدراسة أن 18 في المئة من الشابات السوريات تزوجن باكراً.
كذلك، يُعد التحرّش الجنسي أحد أبرز أسباب انعدام الشعور بالأمان لدى اللاجئين. وينتشر التحرّش على نطاق واسع بحسب صندوق الأمم المتحدة للسكان، بخاصة من قبل رجال يتحكمون بموارد رزق الشابات وعائلاتهنّ. وقد حصلت نصف حالات العنف الجسدي أو الجنسي، التي أبلغ عنها الشباب، في الشارع.

إلى ذلك، أعرب الشباب عن أن وضعهم المهني يؤثر على وضعهم النفسي. وأظهرت الأرقام أنّ 52 في المئة من الشباب اللاجئين عاطلون عن العمل، و22 في المئة فقط من شباب العيّنة يعملون. ويبلغ معدّل الأجر 379 ألف ليرة لبنانية (245 دولاراً أميركياً)، ما يوازي 56 في المئة فقط من الحد الأدنى للأجور في لبنان. ويظهر جلياً التصنيف الجندري بين الموظفين والموظفات في هذا الإطار، إذ إنّ معدل الأجر الشهري لللاجئات أقل من معدل اللاجئين بنسبة 30 في المئة.
ويرتبط موضوعا العمل والصحة بالتعليم. فقد أجبر 33 في المئة من الشبان على ترك التعليم النظامي بسبب وضع اللجوء، وحاول 11 في المئة منهم فقط متابعة تعليمهم في لبنان.
وبخلاف ما أعلنه وزير الخارجيّة اللبناني جبران باسيل الأسبوع الماضي، فقد بيّنت الدراسة أن حالات الحمل حصلت لدى 10 في المئة فقط من المتزوجين والمتزوجات خلال وجودهم في لبنان. ولم يتقصّد 41 في المئة ممن حصل لديهم حالات حمل، ذلك. لكنهم في الوقت نفسه لم يستعملوا أياً من وسائل منع الحمل. وأظهرت الدراسة أن الشباب يرغبون في الإنجاب باعتباره إنجازاً مهماً وضرورياً، فيما ينوي 46 في المئة من المتزوجين الإنجاب في الوقت الحالي. كذلك بيّنت أن 55 في المئة من الشباب ليست لديهم معلومات عن وسائل تنظيم الأسرة (وسائل منع الحمل).

إلى ذلك، لم تتلقَ 39 في المئة من النساء الحوامل أي رعاية طبيّة بسبب الكلفة وصعوبة الوصول إلى المراكز الصحّية. وحصلت 92 في المئة من الولادات في مستشفيات، ودفع اللاجئون نصف الكلفة.
ويتوزّع 67 في المئة من اللاجئين في البقاع والشمال في لبنان. وقد اختار هؤلاء المنطقة بحسب معرفتهم السابقة بها أو بأفراد مقيمين فيها، فيما لا يلعب انتماء سكان المنطقة الديني أو السياسي دوراً في اختيار المكان. ويقيم 30 في المئة من الشباب في بناء غير مكتمل أو غير مصمّم للسكن، ولا تتوفّر الخدمات الأساسيّة مثل الحمام في 24 في المئة من أماكن السكن، أو المطبخ في 21 في المئة. ويقطن ما معدله 8 أشخاص في كل مأوى، فيما يتشارك 22 في المئة من الشباب السكن مع شباب من جنس مختلف ومن خارج عائلاتهم القريبة. وتدفع 85 في المئة من العائلات إيجاراً شهرياً.

وتُشكّل إجراءات السلطات المحلية والبلدية أو الأحزاب السياسيّة مصدر خوف وشعور بعدم الأمن لدى اللاجئين. وقد اضطرّ 25 في المئة من الشباب إلى العودة إلى سوريا والمشاركة في القتال، فيما أُجبر 15 في المئة على التسوّل.