سيطرت حرب إبادة غزّة على أجواء المؤتمر الدولي العاشر "الترجمة وإشكالات المُثاقفة" الذي افتتحه اليوم الاثنين "منتدى العلاقات العربية والدولية"، في الدوحة، بمشاركة أكاديميّين ومترجمين وباحثين من مختلف دول العالم، بالتزامن مع تكريم الفائزين في الدورة التاسعة من "جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي"، والذي سيكون غداً الثلاثاء.
في كلمته الافتتاحية قال مدير "منتدى العلاقات العربية والدولية" محمد الأحمري: "إنّنا فكّرنا في إلغاء المؤتمر أو تأخيره، ولكن هذه الأحزان والمآسي لا يؤثّر عليها الإلغاء والتأخير، بل إنَّ في هذا اللقاء تضامناً وتواصلاً مع من يعانون". ووصف المشهد في غزّة بأنّه يكشف مشاعر الإنسانية "التي جفت" تُجاه من يُدفنون أحياء تحت سيطرة المتنفّذين والإمبراطوريات التي تريد أن يكون الإنسان خادماً وعبداً لها".
مقرّر الجلسة الأولى، المستعرب الإسباني سلفادور بينيا مارتين من "جامعة ملقا" افتتح الجلسة الأولى، وقال: "في هذه اللحظة القاسية تفتح لنا الترجمة باباً إلى الأمل". وكان سلفادور بينيا قد ترجم رواية "تفصيل ثانوي" للكاتبة الفلسطينية عدنية شبلي عام 2020، والتي كان من المُفترض أن تُكرم في "معرض فرانكفورت" في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، غير أنَّ القائمين على المعرض انحازوا إلى العدوان الإسرائيلي، وألغوا التكريم.
ولقد كان الأمر واضحاً كل الوضوح في هذا الانحياز من خلال تصريح يورغن بوس مدير المعرض، إذ قال إنّه يعتزم "جعل الأصوات اليهودية والإسرائيلية مسموعة بشكل خاص في معرض فراكفورت للكتاب".
تضامنٌ مُعلن مع غزّة من باحثين وأكاديميين ومترجمين من إسبانيا والمكسيك
وتتناول الرواية، عبر زمنين؛ الأول عام 1949 بعد عام النكبة وفيه وقعت قصة اغتصاب فتاة فلسطينية من النقب ثم القتل على يد كتيبة إسرائيلية، وزمن معاصر يستند إلى كشف صحيفة "هآرتس" الشهادات الحقيقية لهذه الواقعة عام 2003.
وها هي اليوم لاحت الفرصة مجدداً لمترجم الرواية ليقول في مؤتمر "الترجمة وإشكالات المثاقفة" إنّها رواية مهمة تقصّها شبلي من وجهة نظر نسوية، وكذلك من وجهة نظر الضابط الإسرائيلي، مضيفاً: "لا أريد القول إنّها رواية جميلة. لا يمكنني استعمال هذا الوصف لقسوة أحداثها".
وكشف بينيا في السياق نفسه عن نشر الترجمة عام 2020، في دار نشر صغيرة شمال إسبانيا، مبيناً أنّها لم تجد "أي صدى إعلامي على الإطلاق"، وأن مبيعاتها كانت محدودة، إلى أن جاء "معرض فرانكفورت" لدى سحبه الجائزة، وإذ بالرواية تنتشر وهي الآن في الطريق إلى طبعة ثالثة.
أما خوسيه ميغيل بويرتا، أستاذ الفن الإسلامي وعضو في "الأكاديمية الملكية للفنون الجميلة" بغرناطة، فقدم مداخلته بعنوان: "ثلاث نقاط في مسار الترجمة العربية - الإسبانية" قائلاً: "إن الحضارة الإسلامية شهدت حضور ثلاثة أسماء من مؤسّسي النزعة الإنسانية وهم الكندي والتوحيدي وابن المقفع".
هؤلاء وقد تبنوا قيمة المحبة بين البشر فإن استحضارهم عند بويرتا، إنما للمقارنة مع ما تفعله الحروب التي تعتمد على تجريد الآخر من إنسانيته كما يحدث الآن في فلسطين، معلناً تضامنه مع غزة.
خرج مويسيس غارسيا عن موضوع بحثه وعرض صوراً لمظاهرات تضامنية مع غزّة
وجاءت مداخلة مويسيس غارسيا، الأستاذ في جامعة "UNAM" في المكسيك، تحت عنوان: "تاريخ مختصر لتعليم اللغة العربية في المكسيك". وبعدما تحدّث عن تعليم اللغة العربية والترجمة منذ 1916، عبر الجامعة الوطنية المكسيكية ومدرسة المكسيك منذ 1974، خرج عن موضوع الورقة إلى عرض صور على الشاشة تبيّن مظاهرات واعتصامات تضامنية مع غزّة سواء من جامعة "UNAM"، أو من منظمات شعبية في الشوارع والساحات.
وقد توالت جلسات اليوم الأول من المؤتمر الذي يستمر على مدار يومين، ويناقش في سبع جلسات علمية، عدداً من المحاور، أهمها: الترجمة العربية - الإسبانية، ومورسكيات، وترجمة قضايا فلسفة العلوم، والترجمة والذكاء الاصطناعي، ومشاريع مؤسّسية في الترجمة، وتدريس الثقافة العربية في الجامعات غير العربية، والترجمات البلغارية والصومالية والسندية من اللغة العربية وإليها. وفي الختام، يُعلن عن الفائزين بـ"جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي".
وكانت الجائزة قد أعلنت في آذار/ مارس الماضي عن فتح باب الترشح والترشيح لدورتها التاسعة لهذا العام، إذ اختارت السندية والبلغارية والصومالية كلغاتٍ فرعية، إلى جانب اللغتين الرئيستين الإنكليزية والإسبانية، ضمن فئة جوائز الإنجاز.