بولا ريغو.. منظور هزلي لتاريخ البرتغال

28 يونيو 2021
(من المعرض)
+ الخط -

نشأت بولا ريغو في عائلة مناهضة للحكم الدكتاتوري في البرتغال، وقبل أن تبلغ الرابعة من عمرها، انتقل والدها للعمل في المملكة المتحدة، فعاشت طفولتها تحت رعاية جدتها التي ستمارس تأثيرها الواسع عليها من خلال ما روته من حكايات شعبية تسرّبت إلى رسوماتها ضمن تحويرات متعدّدة.

تخرّجت الفنانة البرتغالية (1935) من "مدرسة سليد للفنون الجميلة" بلندن عام 1956، حيث أقامت معرضها الأول بعد سنوات قليلة، لتظهر في أعمالها أشكال آدمية برؤوس مقطوعة، وكائنات وحشية، وشخصيات مشوّهة تبدو هاربة من مخطوطات القرون الوسطى، بتقنية تقترب من الكاريكاتير أحياناً مع تقاطعات من أسلوب بابلو بيكاسو وخوان ميرو تحديداً.

يُفتتح الأربعاء، السابع من الشهر الجاري، في "متحف تيت" بالعاصمة البريطانية معرض استعادي لريغو يتواصل حتى الرابع والعشرين من تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، ويتضمّن أكثر من مئة عمل تتنوع بين الكولاج ولوحات الباستيل الكبيرة الحجم ورسومات الحبر والقلم الرصاص والحفر.

(من المعرض)
(من المعرض)

تقدّم بعض اللوحات المعروضة أسلوباً سوريالياً كان حاضراً بقوة في المراحل الأولى من تجربتها، والذي أتاح لها التعبير عن رفضها للفاشية والتيارات المحافظة داخل المجتمع البرتغالي، لكنها ستتجه نحو التجريد في أعمال لاحقة حين صوّرت الدكتاتور البرتغالي أنطونيو سالازار الذي يظهر ككيس منتفخ يقذف عبر أنبوب طويل سائلاً يخرج من مؤخرته، وحملت اللوحة التي رسمتها عام 1960 عنوان "سالازار يتقيأ الوطن".

اخترعت ريغو عالماً بصرياً موازياً لواقعها، حيث شكّل كلّ من الاستبداد وممارسات الاستعمار البرتغالي واضطهاد المرأة موضوعات رئيسية في أعمالها، لكنها ستتخلى عن تقنية الكولاج التي استخدمتها لأكثر من ثلاثة عقود، وتتجه منذ أواخر التسعينيات إلى استخدام الباستيل كوسيط أساسي في تقديم أفكارها، وتحديداً في سلسلة رسوماتها التي تظهر فيها النساء يتصرفن في جلستهن ونظراتهن وحركاتهن كما الكلاب، في محاولة لتصوير العنف الممارس ضدّهن وردود فعلهن عليه.

تستند الفنانة في تمرّدها على المنظومتين الاجتماعية والسياسية إلى بعد شخصي يتعلّق بأبيها الذي ترسمه كظلّ مختفٍ في بعض لوحاتها، في إشارة إلى ابتعاده عنها في سنوات الطفولة، وكذلك في تجربته الفاشلة في الزواج التي انتهت إلى الانفصال وتربية ثلاثة أطفال، في فترة كان الإجهاض مرفوضاً بشكل كبير مهما كانت ظروف المرأة، وهي ثيمة اهتمّت بها بولا كثيراً.

تتعدّد مراجع ريغو بين رسم المناظر الطبيعية ومشاهد تاريخية ممزوجة برسوم هزلية، يتبادل خلالها البشر والحيوانات الأدوار المرسومة لهم في الحياة، ساعية لتعرية التناقضات التي عاشها البرتغاليون في مرحلة طويلة من تاريخهم الحديث استمرت حتى نهاية الستينيات.
 

المساهمون