أطلقت "صخر لبرامج الحاسب الآلي والمعلومات" النسخة التجريبية من موقع "أرشيف المجلات الأدبية والثقافية العربية" الإلكتروني، المتاح مجّاناً للباحثين والمهتمين.
عملية الإعداد للموقع سبقها جهدٌ بحثيّ ومعرفي لافت لرصد المجلات الصادرة في العالم العربي، خلال الفترة الزمنية الممتدة من القرن التاسع عشر، وتحديداً من العام 1880، وحتى مطلع الألفية الثالثة. يُضاف إلى ذلك جهدٌ آخر تمثّل بعميلة مسح ضوئي وتصنيف وفقاً للزمان والمكان الذي ظهرت فيه هذه المجلات.
تأتي أهمية هذا الموقع من كونه حدثاً مميزاً على مستوى الصحافة الثقافية العربية، خلال مرحلة تفقد فيها الصفحات الثقافية في الجرائد اليومية والمجلات المتخصصة حضورها ومكانتها، بعد استشراء حمّى مواقع التواصل الاجتماعي.
كما يستمد المشروع أهميته من كون هذه المجلات شاهدة على الزمن العربي؛ فمنها من ساهم في تشكيل مرحلة أدبية جديدة كمجلتي "شعر" و"الآداب"، ومنها من عبّر عن تيار ثقافي معيّن كـ"الطريق"، إضافة إلى المجلات التي شكّلت علامات فارقة في تاريخ الثقافة العربية، ومثّلت مدارس فكرية وفنية أثارت الكثير من المعارك التي نفتقدها في زمننا الراهن، كصحف عصر النهضة.
ولا يُهمل الموقع نشأة الصحافة العربية، بل يقتفي أثرها، كما يوفّر الكثير من المجلات المفقودة لقرّاء الوقت الراهن، وكذلك يعيد الاعتبار لمنابر مهمة لفّها النسيان.
الموقع الذي يعيد تسليط الضوء على مجلات بغداد والقاهرة وبيروت، يقدّم في الآن توثيقاً للتطورات الاجتماعية العربية، وما صاحبها من تشكيل لاتجاهات معرفية وفنية مختلفة، شهدتها مجتمعاتنا العربية منذ "الحملة الفرنسية" على مصر.
يضمّ "موقع أرشيف" أعداداً لمجلات صدرت في مصر في فترات زمنية مختلفة، كمجلة "إبداع" الصادرة سنة 1883، و"أبولّو" سنة 1983، إضافة إلى مجلات أخرى كانت تصدر في القاهرة. كما يقدّم أعداداً من مجلات صدرت في سوريا، مثل "الثقافة" (1933)، و"المعرفة" التي يتواصل صدورها منذ 1962 حتى اليوم؛ بالإضافة إلى مجلات من العراق وقطر وفلسطين والكويت والجزائر.
واللافت أيضاً وجود أعداد من مجلة عربية تصدر من ألمانيا هي "الأدب والفن" التي انطلقت عام 1943، قبل أن يجرى تغيير اسمها إلى "فكر وفن" بعد انطلاقتها الجديدة عام 1963.
بمثل هذا الأرشيف، يمكن للموقع أن يكون وسيطاً ثقافيّاً يصل الماضي بالحاضر، ويضع صحافة الأمس جنباً إلى جنب مع صحافة اليوم. لكن مطالعة هذه المجموعة الكبيرة من المجلات دفعة واحدة، تجعلنا أيضاً نرى كم أنّ مشهدنا الراهن فقير، فأين تلك المجلة المرجعية اليوم؟ وأين تلك المجلة التي تخرّج كتاباً وشعراء؟ أتقف خلف ذلك مجانية الإنترنت وكثرة المنابر؟ لا ندري بالضبط، لكنّ في طيات هذا التغيير خسارة أكيدة.